الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} . (1) وَلأَِنَّ النَّبِيَّ كَانَ يَسْتَدِينُ.
وَقَدْ تَعْتَرِيهَا أَحْكَامٌ أُخْرَى بِحَسَبِ السَّبَبِ الْبَاعِثِ، كَالنَّدْبِ فِي حَال عُسْرِ الْمَدِينِ، وَكَالْوُجُوبِ لِلْمُضْطَرِّ، وَكَالتَّحْرِيمِ فِيمَنْ يَسْتَدِينُ قَاصِدًا الْمُمَاطَلَةَ، أَوْ جَحْدَ الدَّيْنِ (2) . وَكَالْكَرَاهَةِ إِذَا كَانَ غَيْرَ قَادِرٍ عَلَى الْوَفَاءِ، وَلَيْسَ مُضْطَرًّا وَلَا قَاصِدًا الْمُمَاطَلَةَ.
صِيغَةُ الاِسْتِدَانَةِ:
5 -
تَكُونُ الاِسْتِدَانَةُ بِكُل مَا يَدُل عَلَى الْتِزَامِ الذِّمَّةِ بِدَيْنٍ، قَرْضًا كَانَ أَوْ سَلَمًا، أَوْ ثَمَنًا لِمَبِيعٍ بِأَجَلٍ وَيُفَصِّل الْفُقَهَاءُ ذَلِكَ عِنْدَ الْكَلَامِ فِي مُصْطَلَحِ:(عَقْد)(وَقَرْض)(وَدَيْن (3)) .
الأَْسْبَابُ الْبَاعِثَةُ عَلَى الاِسْتِدَانَةِ:
أَوَّلاً: الاِسْتِدَانَةُ لِحُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى:
6 -
حُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى الْمَالِيَّةُ، كَالزَّكَاةِ، لَا تَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ إِلَاّ عَلَى الْغَنِيِّ الْقَادِرِ عَلَيْهَا - وَالْغَنِيُّ فِي كُل تَكْلِيفٍ بِحَسَبِهِ - فَلَا يُكَلَّفُ بِالاِسْتِدَانَةِ لِيَصِيرَ مُلْزَمًا بِشَيْءٍ مِنْهَا بِالاِتِّفَاقِ (4) .
(1) سورة البقرة / 282
(2)
حاشية الشرواني على التحفة 5 / 37، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير 3 / 223 طبع دار الفكر - بيروت.
(3)
تحفة المحتاج 5 / 38، والمغني 4 / 315، والبدائع 10 / 4980 ط الثانية.
(4)
مواهب الجليل 1 / 343، ومغني المحتاج 1 / 187، ومطالب أولي النهى 1 / 339 طبع المكتب الإسلامي، وحاشية ابن عابدين 3 / 346، والفتاوى الهندية 5 / 307، والأشباه والنظائر لابن نجيم ص 358 طبع بيروت - دار الهلال.
أَمَّا مَا شَرَطَ اللَّهُ لِوُجُوبِهِ الاِسْتِطَاعَةَ، كَالْحَجِّ، فَإِنْ كَانَ لَا يَرْجُو الْوَفَاءَ فَالاِسْتِدَانَةُ لأَِجْلِهِ مَكْرُوهَةٌ أَوْ حَرَامٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَخِلَافُ الأَْفْضَل عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ. أَمَّا إِنْ كَانَ يَرْجُو الْوَفَاءَ فَيَجِبُ عَلَيْهِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ، وَهُوَ الأَْفْضَل عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ (1) .
وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ - يُفْهَمُ مِمَّا فِي الْمُغْنِي - أَنَّهُ إِنْ أَمْكَنَهُ الْحَجُّ بِالاِسْتِدَانَةِ لَمْ يَلْزَمْهُ ذَلِكَ، وَلَكِنْ يُسْتَحَبُّ لَهُ إِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ أَوْ عَلَى غَيْرِهِ (2) .
فَإِذَا وَجَبَتْ حُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى الْمَالِيَّةُ عَلَى عَبْدٍ حَال غِنَاهُ، ثُمَّ افْتَقَرَ قَبْل أَدَائِهَا، فَهَل يُكَلَّفُ بِالاِسْتِدَانَةِ لأَِدَائِهَا؟ يُفَرِّقُ فُقَهَاءُ الْحَنَفِيَّةِ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْحَالَتَيْنِ: إِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَالٌ وَأَرَادَ أَنْ يَسْتَقْرِضَ، فَإِنْ كَانَ فِي أَكْبَرِ رَأْيِهِ أَنَّهُ إِذَا اسْتَقْرَضَ وَأَدَّى الزَّكَاةَ، وَاجْتَهَدَ لِقَضَاءِ دَيْنِهِ يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ، كَانَ الأَْفْضَل لَهُ أَنْ يَسْتَقْرِضَ، فَإِنِ اسْتَقْرَضَ وَأَدَّى وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى قَضَاءِ الدَّيْنِ حَتَّى مَاتَ، يُرْجَى أَنْ يَقْضِيَ اللَّهُ تَعَالَى دَيْنَهُ فِي الآْخِرَةِ.
وَإِنْ كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ أَنَّهُ إِذَا اسْتَقْرَضَ لَا يَقْدِرُ عَلَى قَضَاءِ الدَّيْنِ، كَانَ الأَْفْضَل لَهُ أَلَاّ يَسْتَقْرِضَ، لأَِنَّ خُصُومَةَ صَاحِبِ الدَّيْنِ أَشَدُّ (3) . وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الاِسْتِقْرَاضُ عَلَى كُل حَالٍ.
وَمَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ أَنَّهُ إِذَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ، فَتَلِفَ الْمَال بَعْدَ وُجُوبِهَا، فَأَمْكَنَهُ أَدَاؤُهَا أَدَّاهَا، وَإِلَاّ أُمْهِل إِلَى مَيْسَرَتِهِ وَتَمَكُّنِهِ مِنْ أَدَائِهَا مِنْ غَيْرِ مَضَرَّةٍ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى غَيْرِهِ، قَالُوا: لأَِنَّهُ إِذَا لَزِمَ الإِْنْظَارُ فِي
(1) ابن عابدين 2 / 114، 141، والحطاب 2 / 505 - 506، والأم 2 / 116 ط بيروت، والدسوقي 2 / 7
(2)
المغني مع الشرح الكبير 3 / 170
(3)
فتاوى قاضيخان بهامش الهندية 1 / 256، وحاشية ابن عابدين 2 / 140