الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هَذَا الاِتِّجَاهِ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْوَقْفِ وَالإِْرْصَادِ مِنْ حَيْثُ سَبْقُ الْمِلْكِ، وَيَفْتَرِقَانِ بِأَنَّ الإِْرْصَادَ لَا يَكُونُ إِلَاّ مِنَ الإِْمَامِ.
ب - الإِْقْطَاعُ:
3 -
الإِْقْطَاعُ فِي اللُّغَةِ: مِنَ الْقَطْعِ بِمَعْنَى الْفَصْل (1) . وَهُوَ فِي الشَّرْعِ: مَا يَقْطَعُهُ الإِْمَامُ أَيْ يُعْطِيهِ مِنْ أَرَاضِي الْمَوَاتِ - رَقَبَةً أَوْ مَنْفَعَةً - لِمَنْ لَهُ حَقٌّ فِي بَيْتِ الْمَال، فَالإِْقْطَاعُ يَكُونُ تَمْلِيكًا وَغَيْرَ تَمْلِيكٍ (2) .
وَالْفَرْقُ بَيْنَ إِقْطَاعِ التَّمْلِيكِ وَبَيْنَ الإِْرْصَادِ، أَنَّ الْمُقْطَعَ إِلَيْهِ يَمْلِكُ رَقَبَةَ الْقَطَائِعِ، وَلَا يَتَرَتَّبُ لَهُ شَيْءٌ مِنْ هَذَا الْمِلْكِ فِي الإِْرْصَادِ.
أَمَّا إِقْطَاعُ الْمَنْفَعَةِ أَوِ الْخَرَاجِ، فَيَفْتَرِقُ عَنِ الإِْرْصَادِ بِأَنَّ الإِْرْصَادَ لَهُ صِفَةُ التَّأْبِيدِ، وَلَا يَكُونُ لِهَذَا النَّوْعِ مِنَ الإِْقْطَاعِ صِفَةُ التَّأْبِيدِ، إِذْ يَحِقُّ لِلإِْمَامِ سَلْخُ تِلْكَ الْقَطَائِعِ عَمَّنْ جَعَلَهَا لَهُ، وَإِعْطَاؤُهَا لِغَيْرِهِ، وَعَلَى هَذَا فَإِنَّ الإِْقْطَاعَ يَحْمِل الصِّفَةَ الْفَرْدِيَّةَ الشَّخْصِيَّةَ، أَمَّا الإِْرْصَادُ فَيَحْمِل صِفَةَ الْعُمُومِ وَمَصْلَحَةَ الْجَمَاعَةِ.
ج - الْحِمَى:
4 -
الْحِمَى فِي اللُّغَةِ: الْمَنْعُ وَالدَّفْعُ، وَفِي الشَّرْعِ: أَنْ يَحْمِيَ الإِْمَامُ مَكَانًا خَاصًّا مِنَ الْمَوَاتِ؛ لِحَاجَةِ غَيْرِهِ، كَرَعْيِ نَعَمِ جِزْيَةٍ وَصَدَقَةٍ، وَحَاجَةِ ضُعَفَاءِ الْمُسْلِمِينَ (3) .
(1) لسان العرب مادة (قطع) .
(2)
ابن عابدين 3 / 392، والشرح الكبير للدردير 4 / 68، والمهذب 1 / 433، والمغني 6 / 166.
(3)
حاشية الدسوقي 4 / 69، والقليوبي 3 / 92 والمغني 6 / 166
فَالْفَرْقُ بَيْنَ الْحِمَى وَالإِْرْصَادِ أَنَّ الإِْرْصَادَ تَخْصِيصُ الإِْمَامِ غَلَّةَ بَعْضِ أَرَاضِي بَيْتِ الْمَال لِبَعْضِ مَصَارِفِهِ، وَالْحِمَى هُوَ تَخْصِيصُ الإِْمَامِ نَفْسَ أَرَاضِي الْمَوَاتِ لِحَاجَةِ غَيْرِهِ.
صِفَتُهُ (حُكْمُهُ التَّكْلِيفِيُّ) :
5 -
الإِْرْصَادُ مَشْرُوعٌ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ (1) ، إِمَّا لاِعْتِبَارِهِ وَقْفًا (فَتَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُهُ) ، وَإِمَّا لِكَوْنِهِ يُؤَمِّنُ مَصْلَحَةً عَامَّةً لِلْمُسْلِمِينَ بِطَرِيقٍ مَشْرُوعٍ؛ لأَِنَّ الْمُرْصَدَ (بِفَتْحِ الصَّادِ) هُوَ مَال بَيْتِ مَال الْمُسْلِمِينَ، وَصَل إِلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْ غَيْرِ قِتَالٍ، وَمَصْرِفُهُ كُل مَا تَقُومُ بِهِ مَصَالِحُ الْمُسْلِمِينَ، وَالْمُرْصَدُ عَلَيْهِمْ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَالْقُضَاةِ وَنَحْوِهِمْ هُمْ عَمَلَةُ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ تَقُومُ بِهِمْ مَصَالِحُ الْمُسْلِمِينَ، فَهُمْ مَصْرِفٌ مِنْ مَصَارِفِ بَيْتِ الْمَال (2) . وَتَأْمِينُ مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ وَاجِبٌ عَلَى الإِْمَامِ، فَإِذَا كَانَتْ هَذِهِ الْمَصَالِحُ لَا يُمْكِنُ تَأْمِينُهَا إِلَاّ بِالإِْرْصَادِ، كَانَ الإِْرْصَادُ وَاجِبًا؛ لأَِنَّ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إِلَاّ بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ، وَقَدْ سُئِل الشَّيْخُ عَلِيٌّ الْعَقَدِيُّ الْحَنَفِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ مَشْرُوعِيَّةِ الإِْرْصَادِ فَأَجَابَ:
" لَا شَكَّ فِي جَوَازِهَا لِمَا فِيهِ مِنْ إِيصَال الْحَقِّ إِلَى مُسْتَحِقِّيهِ فَيَكُونُ جَائِزًا، بَل وَاجِبًا لِمَا قُلْنَا، وَهَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ ". (3)
أَرْكَانُ الإِْرْصَادِ:
6 -
لَا بُدَّ فِي الإِْرْصَادِ مِنْ وُجُودِ مُرْصِدٍ (بِكَسْرِ الصَّادِ) ، وَمُرْصَدٍ (بِفَتْحِ الصَّادِ) ، وَجِهَةٍ مُرْصَدٍ عَلَيْهَا، وَصِيغَةٍ.
(1) حاشية كنون على الزرقاني 7 / 131
(2)
الفتاوى المهدية 2 / 647.
(3)
الفتاوى المهدية 2 / 648