الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شُمُول الْمَنْعِ لِجَمِيعِ الْكُفَّارِ:
7 -
مَنْعُ الْكُفَّارِ مِنْ سُكْنَى جَزِيرَةِ الْعَرَبِ شَامِلٌ لِجَمِيعِهِمْ مَهْمَا كَانَتْ دِيَانَتُهُمْ، أَوْ صِفَاتُهُمْ، وَهُوَ مَا دَل عَلَيْهِ حَدِيثُ: لَا يَبْقَى دِينَانِ بِأَرْضِ الْعَرَبِ (1)
دُخُول الْكَافِرِ أَرْضَ الْعَرَبِ
لِغَيْرِ الإِْقَامَةِ وَالاِسْتِيطَانِ:
8 -
يَرَى الْجُمْهُورُ، وَمَعَهُمْ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْكَافِرِ دُخُول الْحَرَمِ الْمَكِّيِّ بِحَالٍ. وَمَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ بِصُلْحٍ أَوْ إِذْنٍ. وَلِمَعْرِفَةِ تَفْصِيل ذَلِكَ (ر: حَرَم) . وَأَمَّا حَرَمُ الْمَدِينَةِ فَإِنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ دُخُولِهِ لِرِسَالَةٍ أَوْ تِجَارَةٍ أَوْ حَمْل مَتَاعٍ. وَتَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ (الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ (2)) .
9 -
وَأَمَّا مَا عَدَا ذَلِكَ - مِنْ أَرْضِ الْعَرَبِ - فَلَا يَدْخُلُهُ الْكَافِرُ إِلَاّ بِإِذْنٍ أَوْ صُلْحٍ. وَلِلْفُقَهَاءِ فِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ.
فَقَال الْحَنَفِيَّةُ: لَوْ دَخَل - أَيِ الذِّمِّيُّ - أَرْضَ الْعَرَبِ لِتِجَارَةٍ جَازَ، وَلَا يُطِيل، فَيُمْنَعُ أَنْ يُطِيل فِيهَا الْمُكْثَ، حَتَّى يَتَّخِذَ فِيهَا مَسْكَنًا؛ لأَِنَّ حَالَهُمْ فِي الْمُقَامِ فِي أَرْضِ الْعَرَبِ مَعَ الْتِزَامِ الْجِزْيَةِ، كَحَالِهِمْ فِي غَيْرِهَا بِلَا جِزْيَةٍ، وَهُنَاكَ لَا يُمْنَعُونَ مِنَ التِّجَارَةِ، بَل مِنْ إِطَالَةِ الْمُقَامِ، فَكَذَلِكَ فِي أَرْضِ الْعَرَبِ. وَقَدْ قَدَّرَهُ الْحَنَفِيَّةُ بِسَنَةٍ. قَال صَاحِبُ الاِخْتِيَارِ: لأَِنَّهَا مُدَّةٌ تَجِبُ فِيهَا الْجِزْيَةُ، فَتَكُونُ الإِْقَامَةُ لِمَصْلَحَةِ الْجِزْيَةِ (3) .
(1) المواق بهامش الحطاب 3 / 381
(2)
أحكام أهل الذمة 1 / 185
(3)
حاشية ابن عابدين 3 / 275 نقلا عن السير الكبير. والاختيار 4 / 136 ط دار المعرفة.
10 -
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: لأَِهْل الذِّمَّةِ الاِجْتِيَازُ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ فِي سَفَرِهِمْ لِتِجَارَةٍ وَنَحْوِهَا، وَإِقَامَةِ الأَْيَّامِ، كَالثَّلَاثَةِ لِمَصَالِحِهِمْ إِنْ دَخَلُوهَا لِمَصْلَحَةٍ، كَبَيْعِ طَعَامٍ وَغَيْرِهِ. قَال الصَّاوِيُّ: وَلَيْسَتِ الثَّلَاثَةُ قَيْدًا، بَل الْمَدَارُ عَلَى الإِْقَامَةِ لِلْمَصَالِحِ، وَالْمَمْنُوعُ الإِْقَامَةُ لِغَيْرِ مَصْلَحَةٍ (1) . وَعِبَارَةُ الْعَدَوِيِّ عَلَى قَوْل الْخَرَشِيِّ:(وَضَرَبَ لَهُمْ عُمَرُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) قَال: " الظَّاهِرُ أَنَّ تَخْصِيصَ الثَّلَاثَةِ بِالذِّكْرِ لِكَوْنِ الثَّلَاثَةِ إِذْ ذَاكَ مَظِنَّةٌ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ، وَإِلَاّ فَلَوْ كَانَتِ الْحَاجَةُ تَقْتَضِي أَكْثَرَ لَكَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ ". قَال الصَّاوِيُّ: وَظَاهِرُهُ أَنَّ لَهُمُ الْمُرُورَ عَابِرِينَ وَلَوْ لِغَيْرِ مَصْلَحَةٍ. وَفِي الْمُنْتَقَى لِلْبَاجِيِّ: قَال مَالِكٌ فِي الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسِ إِذَا قَدِمُوا الْمَدِينَةَ: يُضْرَبُ لَهُمْ أَجَلٌ ثَلَاثُ لَيَالٍ، يَسْتَقُونَ وَيَنْظُرُونَ فِي حَوَائِجِهِمْ، وَقَدْ ضَرَبَ لَهُمْ ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ.
11 -
أَمَّا الشَّافِعِيَّةُ فَلَهُمْ فِي ذَلِكَ تَفْصِيلَاتٌ أَوْسَعُ، قَالُوا: إِنِ اسْتَأْذَنَ الْكَافِرُ فِي دُخُول الْحِجَازِ أُذِنَ لَهُ إِنْ كَانَ دُخُولُهُ لِمَصْلَحَةٍ، كَرِسَالَةٍ وَحَمْل مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ كَثِيرًا مِنْ طَعَامٍ وَغَيْرِهِ، وَكَإِرَادَةِ عَقْدِ جِزْيَةٍ أَوْ هُدْنَةٍ لِمَصْلَحَةٍ. وَهُنَا لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ شَيْءٌ فِي مُقَابَلَةِ دُخُولِهِ. أَمَّا مَعَ عَدَمِ الْمَصْلَحَةِ فَلَا يُؤْذَنُ لَهُ، فَإِنْ كَانَ دُخُولُهُ لِتِجَارَةٍ لَيْسَ فِيهَا كَبِيرُ حَاجَةٍ، لَمْ يَجُزِ الإِْذْنُ لَهُ، إِلَاّ أَنْ يَكُونَ الْكَافِرُ ذِمِّيًّا، وَبِشَرْطِ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ شَيْءٌ مِنَ الْبِضَاعَةِ أَوْ ثَمَنِهَا.
وَلَا يُقِيمُ بِالْحِجَازِ حَيْثُ دَخَلَهُ، إِلَاّ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فَأَقَل، غَيْرَ يَوْمَيْ دُخُولِهِ وَخُرُوجِهِ، اقْتِدَاءً بِعُمَرَ رضي الله عنه. فَإِنْ أَقَامَ بِمَحَلٍّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، ثُمَّ
(1) الشرح الصغير وبلغة السالك 1 / 367