الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصِّلَةُ مَعَ اخْتِلَافِ الدِّينِ:
7 -
لَا خِلَافَ فِي أَنَّ صِلَةَ الاِبْنِ الْمُسْلِمِ لأَِبَوَيْهِ الْكَافِرَيْنِ مَطْلُوبَةٌ (1) . أَمَّا مَا وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ الأَْقَارِبِ الْكُفَّارِ فَلَا تُطْلَبُ صِلَتُهُمْ مِنَ الْمُسْلِمِ؛ لِقَوْل اللَّهِ سُبْحَانَهُ: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} (2) . وَدَلِيل اسْتِثْنَاءِ الأَْبَوَيْنِ قَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} . (3) ذَهَبَ إِلَى هَذَا الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ (4) ، لَكِنْ نَقَل السَّمَرْقَنْدِيُّ عَنْ سَحْنُونِ بْنِ مُهَمَّدَانَ التَّسْوِيَةَ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ فِي الصِّلَةِ.
دَرَجَاتُ الصِّلَةِ:
8 -
ذَهَبَ فُقَهَاءُ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ إِلَى أَنَّ دَرَجَاتِ الصِّلَةِ تَتَفَاوَتُ بِالنِّسْبَةِ لِلأَْقَارِبِ، فَهِيَ فِي الْوَالِدَيْنِ أَشَدُّ مِنَ الْمَحَارِمِ، وَفِيهِمْ أَشَدُّ مِنْ غَيْرِهِمْ (5) . وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالصِّلَةِ أَنْ تَصِلَهُمْ إِنْ وَصَلُوكَ؛ لأَِنَّ هَذَا مُكَافَأَةٌ، بَل أَنْ تَصِلَهُمْ وَإِنْ قَطَعُوكَ (6) . فَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ لَيْسَ الْوَاصِل بِالْمُكَافِئِ وَلَكِنَّ الْوَاصِل الَّذِي إِذَا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا (7)
(1) الفروق 1 / 145، والزواجر 2 / 62، والآداب الشرعية 1 / 487، وتنبيه الغافلين ص 48، وعمدة القاري 13 / 174
(2)
سورة المجادلة / 22
(3)
سورة لقمان / 15
(4)
الطحطاوي على الدر 4 / 205، والفواكه الدواني 2 / 286، وبجيرمي على الخطيب 4 / 245، وتنبيه الغافلين ص 48، والعيني 13 / 173، والآداب الشرعية 1 / 487
(5)
ابن عابدين 5 / 264، والزواجر 2 / 73
(6)
ابن عابدين 5 / 264، وكفاية الطالب الرباني 2 / 339، والزواجر 2 / 76، وفتاوى ابن تيمية 15 / 349، 350
(7)
حديث " ليس الواصل بالمكافئ. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 10 / 423 ط السلفية) وأبو داود (عون المعبود 2 / 61 طبع المطبعة الأنصارية بدهلي) من حديث عبد الله بن عمر
بِمَ تَحْصُل الصِّلَةُ
؟
9 -
تَحْصُل صِلَةُ الأَْرْحَامِ بِأُمُورٍ عَدِيدَةٍ مِنْهَا:
الزِّيَارَةُ، وَالْمُعَاوَنَةُ، وَقَضَاءُ الْحَوَائِجِ، وَالسَّلَامُ، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: بُلُّوا أَرْحَامَكُمْ وَلَوْ بِالسَّلَامِ (1) وَلَا يَكْفِي مُجَرَّدُ السَّلَامِ عِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ (2)
كَمَا تَحْصُل الصِّلَةُ بِالْكِتَابَةِ إِنْ كَانَ غَائِبًا، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ، وَهَذَا فِي غَيْرِ الأَْبَوَيْنِ، أَمَّا هُمَا فَلَا تَكْفِي الْكِتَابَةُ إِنْ طَلَبَا حُضُورَهُ (3) .
وَكَذَلِكَ بَذْل الْمَال لِلأَْقَارِبِ، فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ صِلَةٌ لَهُمْ؛ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: الصَّدَقَةُ عَلَى الْمِسْكِينِ صَدَقَةٌ، وَعَلَى ذِي الرَّحِمِ ثِنْتَانِ: صَدَقَةٌ، وَصِلَةٌ (4)
وَظَاهِرُ عِبَارَةِ الْحَنَفِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ أَنَّ الْغَنِيَّ لَا تَحْصُل صِلَتُهُ بِالزِّيَارَةِ لِقَرِيبِهِ الْمُحْتَاجِ إِنْ كَانَ قَادِرًا
(1) حديث " بلوا أرحامكم ولو بالسلام " أخرجه البزار والطبراني كما في مجمع الزوائد (8 / 152 - ط القدسي) . وقال السخاوي في المقاصد الحسنة: طرقه يقوي بعضها بعضا.
(2)
الطحطاوي على الدر 4 / 205، وكفاية الطالب الرباني 2 / 339، ونهاية المحتاج 2 / 76، والآداب الشرعية 1 / 507 والفواكه الدواني 2 / 386
(3)
الطحطاوي على الدر 4 / 206، الفواكه الدواني 2 / 386، وكفاية الطالب الرباني 2 / 339، والبجيرمي على الخطيب 3 / 229
(4)
حديث: " الصدقة على المسكين. . . " أخرجه الترمذي (3 / 38 - طبع مصطفى الحلبي) وحسنه، وأحمد (4 / 17 - ط الميمنية) ، والحاكم (1 / 407 ط حيدر آباد الدكن) وصححه، من حديث كمال بن عامر.