الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمِثْل الْغَمْرِ بِالْمَاءِ مَا إِذَا أَصَابَهَا الْمَطَرُ أَوِ السَّيْل وَجَرَى عَلَيْهَا، فَإِنَّهَا تَطْهُرُ؛ لأَِنَّ تَطْهِيرَ النَّجَاسَةِ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ نِيَّةٌ وَلَا فِعْلٌ، فَاسْتَوَى مَا صَبَّهُ الآْدَمِيُّ وَمَا جَرَى بِغَيْرِ صَبٍّ.
وَقَال أَبُو حَنِيفَةَ: إِذَا كَانَتِ الأَْرْضُ رَخْوَةً فَطَهُورُهَا بِغَمْرِهَا بِالْمَاءِ، كَمَا قَال الْجُمْهُورُ، وَإِنْ كَانَتِ الأَْرْضُ صُلْبَةً فَإِنَّهَا لَا تَطْهُرُ حَتَّى يَنْفَصِل الْمَاءُ، فَيَكُونُ الْمُنْفَصِل عَنْهَا نَجَسًا؛ لأَِنَّ النَّجَاسَةَ انْتَقَلَتْ إِلَيْهِ.
وَإِنَّمَا تَطْهُرُ بِحَفْرِهَا، حَتَّى يَصِل الْحَفْرُ إِلَى مَوْضِعٍ لَمْ تَصِلْهُ النَّجَاسَةُ، أَوْ بِكَبْسِهَا بِتُرَابٍ أَلْقَاهُ عَلَيْهَا، فَزَالَتْ رَائِحَةُ النَّجَاسَةِ.
4 -
إِذَا جَفَّتِ النَّجَاسَةُ الْمَائِعَةُ، فَقَال جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ: لَا تَطْهُرُ إِلَاّ بِالْمَاءِ، لِحَدِيثِ الأَْعْرَابِيِّ السَّابِقِ، وَقَال أَبُو حَنِيفَةَ وَصَاحِبَاهُ - فِي الأَْظْهَرِ - تَطْهُرُ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهَا لَا لِلتَّيَمُّمِ مِنْهَا، وَقِيل: تَطْهُرُ لَهُمَا، وَذَلِكَ لِمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَال: إِنَّ الْكِلَابَ كَانَتْ تَبُول، وَتُقْبِل وَتُدْبِرُ فِي الْمَسْجِدِ، فَلَمْ يَكُنْ يَرُشُّونَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ.
وَقَال بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ: إِذَا جَفَّتِ الأَْرْضُ فِي الظِّل فَقَدْ طَهُرَتْ، وَذَلِكَ لِمَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ أَنَّهُ قَال: إِذَا جَفَّتِ الأَْرْضُ فَقَدْ زَكَتْ (1)
5 -
أَمَّا إِنْ كَانَتِ النَّجَاسَةُ غَيْرَ مَائِعَةٍ، بِأَنْ كَانَتْ ذَاتَ أَجْزَاءٍ مُتَفَرِّقَةٍ كَالرِّمَّةِ، وَالرَّوْثِ، وَالدَّمِ إِذَا جَفَّ، وَاخْتَلَطَتْ بِأَجْزَاءِ الأَْرْضِ لَمْ تَطْهُرْ بِالْغَسْل، بَل تَطْهُرُ بِإِزَالَةِ أَجْزَاءِ الْمَكَانِ، حَتَّى يَتَيَقَّنَ زَوَال
(1) أخرجه ابن أبي شيبة (1 / 57 الدار السلفية - بمباي)
أَجْزَاءِ النَّجَاسَةِ، وَهَذَا مَا لَا خِلَافَ فِيهِ (1) .
التَّطْهِيرُ بِالأَْرْضِ
الاِسْتِجْمَارُ:
6 -
الاِسْتِجْمَارُ هُوَ قَلْعُ النَّجَاسَةِ بِالْجِمَارِ، وَهِيَ الْحِجَارَةُ الصِّغَارُ. وَكَمَا يَصِحُّ الاِسْتِنْجَاءُ بِالْمَاءِ يَصِحُّ بِالأَْحْجَارِ، وَهَذَا مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ (2) .
تَطْهِيرُ النَّعْل بِالأَْرْضِ:
7 -
اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا تَنَجَّسَتِ النَّعْل وَمَا فِي مَعْنَاهَا بِمَائِعٍ، مِثْل الْبَوْل وَالدَّمِ وَالْخَمْرِ أَنَّهَا لَا تَطْهُرُ إِلَاّ بِالْغَسْل، وَعَلَى رِوَايَةِ الْمَالِكِيَّةِ الْقَائِلَةِ بِأَنَّ إِزَالَةَ النَّجَاسَةِ سُنَّةٌ، تَكُونُ مَعْفُوًّا عَنْهَا.
وَأَمَّا إِذَا كَانَتِ النَّجَاسَةُ ذَاتَ جِرْمٍ، فَإِنْ كَانَتْ يَابِسَةً فَالْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالصَّحِيحُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، أَنَّهَا تَطْهُرُ بِالدَّلْكِ أَيْضًا، وَأَمَّا إِذَا كَانَتِ النَّجَاسَةُ ذَاتَ جِرْمٍ وَرَطْبَةً، فَالْمَالِكِيَّةُ وَأَبُو يُوسُفَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، أَنَّهَا تَطْهُرُ أَيْضًا بِالدَّلْكِ.
وَالأَْصْل فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الآْثَارُ الَّتِي وَرَدَتْ فِي طَهَارَةِ النِّعَال بِالدَّلْكِ. وَمِنْ ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: إِذَا وَطِئَ أَحَدُكُمُ الأَْذَى بِنَعْلِهِ فَإِنَّ التُّرَابَ لَهُ طَهُورٌ. وَالْمَنْقُول فِي كُتُبِ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ النَّجَاسَةَ عِنْدَهُمْ
(1) فتح القدير 1 / 148، 150، والاختيار 1 / 49، وبداية المجتهد 1 / 76، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير 1 / 113، 114، ومغني المحتاج 1 / 43، وشرح الروض 1 / 21، والأم 1 / 18، 44، والمغني 1 / 149 وما بعدها و 156، 157، منتقى الأخبار 1 / 85
(2)
المراجع السابقة.