الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأَمَّا الاِسْتِحْلَال بِمَعْنَى: اتِّخَاذِ الشَّيْءِ حَلَالاً. كَاسْتِحْلَال الْفُرُوجِ بِطَرِيقِ النِّكَاحِ، فَقَدْ يَكُونُ مَكْرُوهًا، أَوْ مُبَاحًا، أَوْ مُسْتَحَبًّا.
وَأَمَّا الاِسْتِحْلَال بِمَعْنَى: طَلَبِ جَعْل الشَّخْصِ فِي حِلٍّ فَقَدْ يَكُونُ وَاجِبًا، كَالاِسْتِحْلَال مِنَ الْغِيبَةِ إِنْ عَلِمَ بِهَا الْمُغْتَابُ (1) ، وَقَدْ يَكُونُ مُبَاحًا كَاسْتِحْلَال الْغَاصِبِ مِنَ الْمَغْصُوبِ بَدَلاً مِنْ رَدِّ الْمَغْصُوبِ، وَتَفْصِيل ذَلِكَ يَذْكُرُهُ الْفُقَهَاءُ فِي أَحْكَامِ الْغِيبَةِ وَالْغَصْبِ.
مَوَاطِنُ الْبَحْثِ:
3 -
جَاءَ لَفْظُ الاِسْتِحْلَال فِي كَثِيرٍ مِنَ الْمَوَاطِنِ، كَالْقَتْل، وَحَدِّ الزِّنَى، وَشُرْبِ الْخَمْرِ، وَالْبَغْيِ، وَالرِّدَّةِ، وَالتَّوْبَةِ، وَالْغِيبَةِ.
وَيُرْجَعُ فِي كُل مُحَرَّمٍ إِلَى مَوْطِنِهِ لِمَعْرِفَةِ حُكْمِ اسْتِحْلَالِهِ.
اسْتِحْيَاءٌ
التَّعْرِيفُ:
1 -
الاِسْتِحْيَاءُ يَأْتِي فِي اللُّغَةِ بِمَعَانٍ مُتَعَدِّدَةٍ مِنْهَا:
أ - بِمَعْنَى الْحَيَاءِ، وَهُوَ: الاِنْزِوَاءُ وَالاِنْقِبَاضُ (2) ، وَقَيَّدَ بَعْضُهُمْ هَذَا الاِنْقِبَاضَ لِيَكُونَ اسْتِحْيَاءً بِأَنْ
(1) ابن عابدين 5 / 263، 264، وشرح الروض 4 / 357 ط الميمنية، ومطالب أولي النهى 6 / 210 ط المكتب الإسلامي، ومدارج السالكين 1 / 290، 291 ط السنة المحمدية.
(2)
المصباح المنير.
يَكُونَ انْقِبَاضًا عَنِ الْقَبَائِحِ. وَقَدْ وَرَدَ الاِسْتِحْيَاءُ بِهَذَا الْمَعْنَى فِي عَدَدٍ مِنْ آيَاتِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، مِنْهَا قَوْلُهُ جَل شَأْنُهُ فِي سُورَةِ الْقَصَصِ:{فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوَك لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا} (1) وَقَوْلُهُ عز وجل فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا} (2) وَقَوْلُهُ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ فِي سُورَةِ الأَْحْزَابِ {وَاَللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ} (3)
وَالاِسْتِحْيَاءُ - بِهَذَا الْمَعْنَى - مُرَغَّبٌ فِيهِ فِي الْجُمْلَةِ، وَتَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ (حَيَاء) .
ب - بِمَعْنَى الإِْبْقَاءِ عَلَى الْحَيَاةِ، فَيُقَال: اسْتَحْيَيْتُ فُلَانًا إِذَا تَرَكْتُهُ حَيًّا وَلَمْ أَقْتُلْهُ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى فِي سُورَةِ الْقَصَصِ:{يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ} (4) أَيْ يُبْقِيهِمْ أَحْيَاءً (5) .
وَاسْتَعْمَل الْفُقَهَاءُ كَلِمَةَ اسْتِحْيَاءٍ بِهَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ، فَقَالُوا فِي الْبِكْرِ: تُسْتَأْذَنُ فِي النِّكَاحِ، وَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا، لأَِنَّهَا تَسْتَحْيِي مِنَ النُّطْقِ.
وَقَالُوا فِي الأَْسْرَى يَقَعُونَ فِي يَدِ الْمُسْلِمِينَ: إِنْ شَاءَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ اسْتَحْيَاهُمْ، وَإِنْ شَاءَ قَتَلَهُمْ.
وَكَثِيرًا مَا يُعَبِّرُونَ عَنِ الاِسْتِحْيَاءِ بِلَفْظِ الإِْبْقَاءِ عَلَى الْحَيَاةِ، فَيَقُولُونَ فِي الصَّغِيرِ يَأْبَى الرَّضَاعَ مِنْ غَيْرِ أُمِّهِ: تُجْبَرُ أُمُّهُ عَلَى إِرْضَاعِهِ إِبْقَاءً عَلَى حَيَاتِهِ
(1) سورة القصص / 25
(2)
سورة البقرة / 26
(3)
سورة الأحزاب / 53
(4)
سورة القصص / 4
(5)
انظر في ذلك لسان العرب، ومفردات الراغب الأصفهاني، وتفسير النسفي للآية 53 من سورة الأحزاب، والآية 4 من سورة القصص.