الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الاِسْتِثْنَاءِ فِي الْيَمِينِ وَالطَّلَاقِ الْقَصْدَ، سَوَاءٌ أَكَانَ الاِسْتِثْنَاءُ حَقِيقِيًّا، بِإِلَاّ أَوْ إِحْدَى أَخَوَاتِهَا، أَمْ عُرْفِيًّا، بِإِنْ شَاءَ اللَّهُ وَنَحْوِهِ. فَلَا يُفِيدُ الاِسْتِثْنَاءُ الْحَالِفَ إِلَاّ أَنْ يَقْصِدَ مَعْنَى الاِسْتِثْنَاءِ أَيْ: حِل الْيَمِينِ، لَا أَنْ يَقْصِدَ مُجَرَّدَ التَّبَرُّكِ، أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا. وَكَذَا لَا بُدَّ أَنْ يَقْصِدَ التَّلَفُّظَ بِهِ، فَلَوْ جَرَى الاِسْتِثْنَاءُ عَلَى، لِسَانِهِ سَهْوًا لَمْ يَنْفَعْهُ.
وَقَدِ اتَّفَقُوا أَيْضًا عَلَى صِحَّةِ هَذَا الْقَصْدِ إِنْ تَحَقَّقَ فِي أَوَّل النُّطْقِ بِالْكَلَامِ الْمُشْتَمِل عَلَى الاِسْتِثْنَاءِ، أَوْ فِي أَثْنَائِهِ وَقَبْل الْفَرَاغِ مِنْهُ. أَمَّا إِنْ وُجِدَتِ النِّيَّةُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهُ فَهِيَ صَحِيحَةٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ بِشَرْطِ الاِتِّصَال. أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ فَلِكُلٍّ مِنْهُمْ قَوْلَانِ: الأَْوَّل وَهُوَ الْمُقَدَّمُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَمُقَابِل الأَْصَحِّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: أَنَّ النِّيَّةَ صَحِيحَةٌ وَيَنْحَل بِهَا الْيَمِينُ أَوِ الطَّلَاقُ بِشَرْطِ الاِتِّصَال كَمَا تَقَدَّمَ، وَالْقَوْل الثَّانِي، وَهُوَ غَيْرُ الْمُقَدَّمِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَهُوَ الأَْصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: أَنَّ الْقَصْدَ بَعْدَ الْفَرَاغِ لَا يَصِحُّ، فَتَنْعَقِدُ الْيَمِينُ، وَيَقَعُ الطَّلَاقُ (1) .
أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَقَدْ صَرَّحُوا بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ الْقَصْدِ فِي الاِسْتِثْنَاءِ بِالْمَشِيئَةِ، فَيَكُونُ عَدَمُ اشْتِرَاطِهِ فِي الاِسْتِثْنَاءِ بِإِلَاّ وَأَخَوَاتِهَا مِنْ بَابِ أَوْلَى (2) .
وَهَذَا مَا قَالَهُ (أَسَدٌ) مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ؛ لأَِنَّ الطَّلَاقَ مَعَ الاِسْتِثْنَاءِ لَيْسَ طَلَاقًا.
وَكَذَا إِذَا قَال: " إِنْ شَاءَ اللَّهُ " مَنْ لَا يَعْرِفُ مَعْنَاهَا. وَالْقَوْل الآْخَرُ عِنْدَهُمْ أَنَّهُ يَفْتَقِرُ إِلَى نِيَّةٍ،
(1) نهاية المحتاج 6 / 455، والمغني 8 / 717، وحاشية الدسوقي 2 / 129، 130، 388
(2)
فتح القدير 3 / 143، وحاشية ابن عابدين 2 / 510
وَهُوَ قَوْل (خَلَفٍ) . (1)
جَهَالَةُ الْمُسْتَثْنَى بِإِلَاّ وَأَخَوَاتِهَا:
23 -
الاِسْتِثْنَاءُ مِنْ حَيْثُ الْجَهَالَةُ نَوْعَانِ:
الأَْوَّل: مَا سِوَى الْعُقُودِ، كَالإِْقْرَارِ، فَيَجُوزُ أَنْ يَسْتَثْنِيَ الْمُتَكَلِّمُ شَيْئًا مَجْهُولاً كَأَنْ يَقُول الْمُقِرُّ: لَهُ عِنْدِي أَلْفُ دِينَارٍ إِلَاّ شَيْئًا، أَوْ: إِلَاّ قَلِيلاً، أَوْ: إِلَاّ بَعْضَهَا، أَوْ يُقِرَّ لَهُ بِدَارٍ وَيَسْتَثْنِيَ غُرْفَةً مِنْهَا دُونَ أَنْ يُعَيِّنَهَا.
وَكَمَا يَجْرِي فِي الإِْقْرَارِ يَجْرِي فِي غَيْرِهِ مِنَ النَّذْرِ وَالْيَمِينِ وَالطَّلَاقِ وَغَيْرِهَا. وَيُطَالَبُ الْمُتَكَلِّمُ بِبَيَانِ مَا أَبْهَمَهُ، وَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ إِنْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْغَيْرِ، وَفِي حُكْمِ ذَلِكَ فِي الأَْبْوَابِ الْمُخْتَلِفَةِ تُنْظَرُ الْمُصْطَلَحَاتُ الْخَاصَّةُ بِتِلْكَ الأَْبْوَابِ. النَّوْعُ الثَّانِي: الْعُقُودُ، وَالاِسْتِثْنَاءُ الْمُبْهَمُ فِي الْعُقُودِ بَاطِلٌ وَمُفْسِدٌ لِلْعَقْدِ (2) . وَفِي الْحَدِيثِ نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الثُّنْيَا إِلَاّ أَنْ تُعْلَمَ. (3)
وَعِلَّةُ ذَلِكَ أَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا، فَلَوْ كَانَ مَا اسْتَثْنَى غَيْرَ مَعْلُومٍ عَادَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ غَيْرَ مَعْلُومٍ، كَمَنْ بَاعَ ثَوْبًا إِلَاّ شَيْئًا مِنْهُ.
24 -
وَقَدْ وَضَعَ الْحَنَفِيَّةُ قَاعِدَةً لِمَا يَجُوزُ اسْتِثْنَاؤُهُ فِي الْعُقُودِ بِأَنَّ " مَا جَازَ إِيرَادُ الْعَقْدِ عَلَيْهِ بِانْفِرَادِهِ صَحَّ
(1) فتح القدير 3 / 143، والدر المختار وحاشية ابن عابدين 2 / 510
(2)
الأشباه والنظائر للسيوطي ص 379 ط مصطفى الحلبي.
(3)
الحديث أخرجه النسائي 7 / 296 ط المكتبة التجارية، والترمذي 3 / 585 ط الحلبي وإسناده صحيح.