الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَيَكُونُ الْبِنَاءُ لِهَذَا، وَالأَْرْضُ لِهَذَا؛ لأَِنَّ الْحَقَّ لَهُ، فَلَهُ أَلَاّ يَسْتَوْفِيَهُ. هَذَا مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ.
وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: يُخَيَّرُ الْمَالِكُ بَيْنَ تَمَلُّكِ الْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ بِقِيمَتِهِ، أَوْ تَرْكِهِ بِأُجْرَتِهِ، أَوْ قَلْعِهِ وَضَمَانِ نَقْصِهِ، مَا لَمْ يُقْلِعْهُ مَالِكُهُ. وَمِثْل ذَلِكَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ، إِلَاّ إِذَا كَانَ صَاحِبُ الأَْرْضِ شَرَطَ الْقَلْعَ عِنْدَ انْتِهَاءِ الْمُدَّةِ، فَإِنَّهُ يُعْمَل بِشَرْطِهِ.
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: يُجْبَرُ صَاحِبُ الْغَرْسِ عَلَى الْقَلْعِ بَعْدَ انْتِهَاءِ الْمُدَّةِ، وَيَجُوزُ لِرَبِّ الأَْرْضِ كِرَاؤُهَا لَهُ مُدَّةً مُسْتَقْبَلَةً (1) ، وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْغَرْسِ وَالْبِنَاءِ.
أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلزِّرَاعَةِ إِذَا انْقَضَتِ الْمُدَّةُ وَالزَّرْعُ لَمْ يُدْرَكْ، فَلَيْسَ لِلْمُؤَجِّرِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَنْ يَسْتَرِدَّ أَرْضَهُ، وَإِنَّمَا يَتْرُكُ الزَّرْعَ عَلَى حَالِهِ إِلَى أَنْ يُسْتَحْصَدَ، وَيَكُونُ لِلْمَالِكِ أَجْرُ الْمِثْل؛ لأَِنَّ لِلزَّرْعِ نِهَايَةً مَعْلُومَةً، فَأَمْكَنَ رِعَايَةُ الْجَانِبَيْنِ.
وَهَذَا هُوَ الْحُكْمُ فِي الْجُمْلَةِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ. غَيْرَ أَنَّ الْحَنَابِلَةَ يُقَيِّدُونَ ذَلِكَ بِعَدَمِ التَّفْرِيطِ مِنَ الْمُسْتَأْجِرِ، فَإِنْ كَانَ بِتَفْرِيطٍ أُجْبِرَ عَلَى الْقَلْعِ. وَهَذَا هُوَ رَأْيُ الشَّافِعِيَّةِ فِي الزَّرْعِ الْمُطْلَقِ، أَيِ الَّذِي لَمْ يُحَدَّدْ نَوْعُهُ، فَيَكُونُ لِلْمَالِكِ عِنْدَهُمْ أَنْ يَتَمَلَّكَهُ بِنَقْلِهِ. وَأَمَّا فِي الزَّرْعِ الْمُعَيَّنِ إِنْ كَانَ هُنَاكَ شَرْطٌ بِالْقَلْعِ، فَلَهُ جَبْرُ صَاحِبِ الزَّرْعِ عَلَى قَلْعِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ شَرْطٌ فَقَوْلَانِ: بِالْجَبْرِ وَعَدَمِهِ. وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: يَلْزَمُهُ الْبَقَاءُ إِلَى الْحَصَادِ (2) . وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي (إِجَارَة) .
(1) الهداية 3 / 235، والزيلعي 5 / 114، 115، ومنتهى الإرادات 2 / 381، والمهذب 1 / 411، ومنح الجليل 3 / 818
(2)
البدائع 4 / 223، ومنتهى الإرادات 2 / 382، والمهذب 1 / 411،410، وجواهر الإكليل 2 / 197
سَادِسًا: الإِْقَالَةُ:
14 -
الإِْقَالَةُ - سَوَاءٌ اعْتُبِرَتْ فَسْخًا أَمْ بَيْعًا - يَثْبُتُ بِهَا حَقُّ الاِسْتِرْدَادِ، لأَِنَّهَا مِنَ التَّصَرُّفَاتِ الْجَائِزَةِ؛ لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: مَنْ أَقَال مُسْلِمًا أَقَال اللَّهُ عَثْرَتَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. (1)
وَالْقَصْدُ مِنَ الإِْقَالَةِ هُوَ: رَدُّ كُل حَقٍّ إِلَى صَاحِبِهِ. فَفِي الْبَيْعِ يَعُودُ بِمُقْتَضَاهَا الْمَبِيعُ إِلَى الْبَائِعِ، وَالثَّمَنُ إِلَى الْمُشْتَرِي.
وَبِالْجُمْلَةِ فَإِنَّهُ يَجِبُ رَدُّ الثَّمَنِ الأَْوَّل، أَوْ مِثْلِهِ، وَلَا يَجُوزُ رَدُّ زِيَادَةٍ عَلَى الثَّمَنِ، أَوْ نَقْصِهِ، أَوْ رَدُّ غَيْرِ جِنْسِهِ؛ لأَِنَّ مُقْتَضَى الإِْقَالَةِ رَدُّ الأَْمْرِ إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ، وَرُجُوعُ كُلٍّ مِنْهُمَا إِلَى مَا كَانَ لَهُ.
وَهَذَا بِالاِتِّفَاقِ فِي الْجُمْلَةِ. وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ: الإِْقَالَةُ جَائِزَةٌ بِمَا سَمَّيَا كَالْبَيْعِ الْجَدِيدِ (2) .
سَابِعًا: الإِْفْلَاسُ:
15 -
حَقُّ الْغُرَمَاءِ يَتَعَلَّقُ بِمَال الْمُفْلِسِ، وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إِذَا حُجِرَ عَلَيْهِ لِفَلَسٍ قَبْل أَدَاءِ الثَّمَنِ الْحَال - وَالْمَبِيعُ بِيَدِ الْبَائِعِ - فَإِنَّ لِلْبَائِعِ أَنْ يَحْبِسَهُ عَنِ الْمُشْتَرِي، وَيَكُونُ أَحَقَّ بِهِ مِنْ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ.
أَمَّا إِذَا كَانَ الْمُشْتَرِي قَدْ قَبَضَ الْمَبِيعَ، وَلَمْ يَدْفَعِ الثَّمَنَ، ثُمَّ حُجِرَ عَلَيْهِ لِفَلَسٍ، وَوَجَدَ الْبَائِعُ عَيْنَ
(1) حديث: " من أقال مسلما. . . " أخرجه ابن ماجه (2 / 741 ط عيسى الحلبي) وأبو داود (عون المعبود 3 / 290 ط المطبعة الأنصارية بدهلي) وصححه الحاكم على شرط الشيخين، وقال ابن دقيق العيد: هو على شرطهما (فيض القدير 6 / 79 - ط المكتبة التجارية) .
(2)
منتهى الإرادات 2 / 193، والهداية 3 / 54، وأسنى المطالب 2 / 74 ط المكتبة الإسلامية، والمهذب 1 / 309، ومنح الجليل 2 / 705، والدسوقي 3 / 156