الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إِرْثُ الأَْرْحَامِ:
15 -
الرَّحِمُ فِي الْفَرَائِضِ: هِيَ كُل قَرِيبٍ لَيْسَ بِذِي فَرْضٍ وَلَا عَصَبَةٍ (1) . وَيَرِثُونَ عِنْدَ عَدَمِ وُجُودِ عَاصِبٍ أَوْ صَاحِبِ فَرْضٍ يُرَدُّ عَلَيْهِ، وَيُقَدَّمُونَ عَلَى بَيْتِ الْمَال عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ مَا أَخَذَ بِهِ مُتَأَخِّرُو كُلٍّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ إِنْ لَمْ يَنْتَظِمْ بَيْتُ الْمَال (2) .
وَلِلْعُلَمَاءِ فِي تَوْرِيثِهِمْ مَذْهَبَانِ مَشْهُورَانِ: مَذْهَبُ أَهْل التَّنْزِيل، وَمَذْهَبُ أَهْل الْقَرَابَةِ. وَهُنَاكَ مَذْهَبٌ ثَالِثٌ يُسَمَّى أَهْل الرَّحِمِ، وَقَدْ هَجَرَهُ الْفُقَهَاءُ. وَكَيْفِيَّةُ تَوْرِيثِهِمْ ذُكِرَتْ فِي مُصْطَلَحِ (إِرْث) . (3)
الْوَصِيَّةُ لِلأَْرْحَامِ:
16 -
الْوَصِيَّةُ لِذَوِي الأَْرْحَامِ غَيْرِ الْوَارِثِينَ جَائِزَةٌ اتِّفَاقًا.
وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّ مَنْ أَوْصَى لأَِرْحَامِهِ غَيْرِ الْوَارِثِينَ يَدْخُل الْوَالِدَانِ وَالْوَلَدُ إِذَا كَانُوا مَمْنُوعِينَ مِنَ الْمِيرَاثِ؛ لأَِنَّ الْمَمْنُوعَ شَرْعًا هُوَ الْوَصِيَّةُ لِلْوَارِثِ. وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ لَا يَدْخُلُونَ؛ لأَِنَّ كُلًّا مِنَ الْوَالِدَيْنِ وَالْوَلَدِ لَا يُطْلَقُ عَلَيْهِمْ (عُرْفًا) أَنَّهُمْ أَقَارِبُ، وَلَوْ أُطْلِقَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ كَانَ عُقُوقًا.
(1) شرح السراجية ص 265، والشرح الصغير 4 / 430، والدسوقي 4 / 468
(2)
حاشية الجمل على المنهج 4 / 10، والبجيرمي على الخطيب 3 / 263، وكشاف القناع 4 / 383، والعذب الفائض 2 / 15، وشرح السراجية ص 52 والدسوقي على الدردير 4 / 468، والشرح الصغير 4 / 430
(3)
البجيرمي على الخطيب 3 / 263، والعذب الفائض 2 / 17، 18، الدسوقي على الدردير 4 / 468، والشرح الصغير 4 / 430
وَيَدْخُل الْجَدُّ مُطْلَقًا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ (1) غَيْرَ أَنَّ الْقَائِلِينَ بِدُخُول الْجَدِّ اخْتَلَفُوا فِي حَدِّهِ وَلَهُمْ فِي ذَلِكَ ثَلَاثَةُ آرَاءٍ.
أ - دُخُول أَقْرَبِ جَدٍّ يُنْسَبُ إِلَيْهِ الإِْنْسَانُ، وَهُوَ قَوْل الشَّافِعِيَّةِ (2) .
ب - دُخُول جَدِّ الأَْبِ، وَهُوَ قَوْل الْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ مَا صَرَفَ إِلَيْهِ فُقَهَاءُ الْحَنَفِيَّةِ قَوْل أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ، إِذْ قَالَا: تُصْرَفُ إِلَى أَقْصَى جَدٍّ لَهُ فِي الإِْسْلَامِ. وَقَال فُقَهَاءُ الْحَنَفِيَّةِ: قَدْ كَانَ ذَلِكَ فِي الزَّمَانِ، حِينَ لَمْ يَكُنْ فِي أَقْرِبَاءِ الإِْنْسَانِ الَّذِينَ يُنْسَبُونَ إِلَى أَقْرَبِ أَبٍ لَهُ فِي الإِْسْلَامِ كَثْرَةٌ، وَأَمَّا فِي زَمَانِنَا فَفِيهِمْ كَثْرَةٌ لَا يُمْكِنُ إِحْصَاؤُهُمْ، فَتُصْرَفُ الْوَصِيَّةُ إِلَى أَوْلَادِ أَبِيهِ وَجَدِّهِ وَجَدِّ أَبِيهِ وَأَوْلَادِ أُمِّهِ وَجَدِّ أُمِّهِ وَجَدَّتِهِ وَجَدَّةِ أُمِّهِ. وَلَا يُصْرَفُ إِلَى أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ.
ج - تَجَاوُزُ الْجَدِّ الرَّابِعِ وَهُوَ رِوَايَةٌ لِلْحَنَابِلَةِ (3) . وَأَوْلَادُ مَنْ ذُكِرَ مِنَ الأَْجْدَادِ يَدْخُلُونَ فِي الأَْرْحَامِ (4) .
وَالأَْحْفَادُ كَالأَْجْدَادِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ - عَلَى الْخِلَافِ السَّابِقِ - وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِ
(1) ابن عابدين 5 / 439، والبحر الرائق 8 / 508، والحطاب 6 / 373، الفواكه الدواني 2 / 331، وشرح الروض 3 / 52، والشرواني على التحفة 7 / 58، والخرشي 5 / 418، والطحطاوي على الدر 4 / 331
(2)
تحفة المحتاج مع حاشيتي الشرواني وابن قاسم العبادي 7 / 58
(3)
المغني مع الشرح الكبير 6 / 549، 550، والبحر الرائق 8 / 508
(4)
البحر الرائق 8 / 508، والخرشي 5 / 418، وشرح الروض 3 / 53، والمغني مع الشرح الكبير 6 / 549، ومطالب أولي النهى 4 / 359
الْمَالِكِيَّةِ عَدَمُ دُخُولِهِمْ فِي الأَْرْحَامِ (1) .
17 -
وَيَسْتَوِي فِي الْوَصِيَّةِ لِلأَْرْحَامِ - إِنْ كَانُوا مَحْصُورِينَ - الذَّكَرُ وَالأُْنْثَى مَعَ وُجُوبِ اسْتِيعَابِهِمْ بِاتِّفَاقٍ، أَمَّا إِذَا لَمْ يَكُونُوا مَحْصُورِينَ فَفِي ذَلِكَ خِلَافٌ وَتَفْصِيلٌ يُرْجَعُ إِلَيْهِ فِي الْوَصِيَّةِ.
وَلَا فَرْقَ فِيهَا بَيْنَ الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ، وَالْحَنَابِلَةِ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ.
وَقَال أَبُو حَنِيفَةَ: يُقَدَّمُ الأَْقْرَبُ فَالأَْقْرَبُ مِنَ الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ، وَلَوْ عَدِمَ رَحِمَهُ بَطَلَتِ الْوَصِيَّةُ عِنْدَهُ، وَلَوْ وُجِدَ وَاحِدٌ أَخَذَ نِصْفَهَا.
وَالْغَنِيُّ كَالْفَقِيرِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ، وَالْحَنَابِلَةِ.
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ إِنْ كَانَ فِيهِمْ مُحْتَاجٌ، أَوْ أَحْوَجُ وَجَبَ إِيثَارُهُ، أَيْ زِيَادَتُهُ عَلَى غَيْرِهِ وَسَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ الْمُحْتَاجُ أَقْرَبَ أَمْ أَبْعَدَ (2) .
18 -
وَإِذَا وُجِدَتْ قَرَابَةُ الأُْمِّ مَعَ قَرَابَةِ الأَْبِ فَالْفُقَهَاءُ فِي الاِسْتِوَاءِ وَعَدَمِهِ عَلَى رَأْيَيْنِ:
الأَْوَّل: اسْتِوَاؤُهُمَا مَعَ قَرَابَةِ الأَْبِ، وَهُوَ قَوْل الْحَنَفِيَّةِ، وَأَشْهَبَ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ قَوْل الشَّافِعِيَّةِ بِالنِّسْبَةِ لِوَصِيَّةِ غَيْرِ الْعَرَبِ، وَالْمُعْتَمَدُ فِي كَثِيرٍ مِنْ كُتُبِهِمْ بِالنِّسْبَةِ لِوَصِيَّةِ الْعَرَبِ؛ لأَِنَّ الْعَرَبَ يَفْتَخِرُونَ بِالأُْمِّ، فَقَدْ صَحَّ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَال عَنْ
(1) ابن عابدين 5 / 264، والتاج والإكليل 6 / 373، وشرح الروض 3 / 53 والمغني مع الشرح الكبير 6 / 549، ومطالب أولي النهى 4 / 359
(2)
الطحطاوي على الدر 4 / 331، والبحر الرائق 8 / 508، وبلغة السالك 4 / 470، والدسوقي على الدردير 4 / 426، 432، وشرح الروض 3 / 52، وكشاف القناع 4 / 243، ابن عابدين 5 / 439، والحطاب 6 / 373، والشرح الصغير 4 / 592، والمغني مع الشرح الكبير 6 / 533، 549.
سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ: سَعْدٌ خَالِي فَلْيُرِنِي امْرُؤٌ خَالَهُ. (1)
وَاسْتِوَاءُ قَرَابَةِ الأُْمِّ قَوْل الْحَنَابِلَةِ أَيْضًا، إِنْ كَانَ يَصِلُهُمْ فِي حَيَاتِهِ.
الثَّانِي: الْمَنْعُ مِنْ دُخُول قَرَابَةِ الأُْمِّ، وَهُوَ قَوْل ابْنِ الْقَاسِمِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ إِنْ وُجِدَتْ قَرَابَةٌ لِلْمُوصِي مِنْ جِهَةِ الأَْبِ غَيْرُ وَارِثَةٍ، وَهُوَ الأَْصَحُّ عِنْدَ بَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ بِالنِّسْبَةِ لِوَصِيَّةِ الْعَرَبِ؛ لأَِنَّ الْعَرَبَ لَا يَفْتَخِرُونَ بِالأُْمِّ، وَهُوَ قَوْل الْحَنَابِلَةِ إِنْ كَانَ يَصِلُهُمْ فِي حَيَاتِهِ (2) .
وَلَا يَدْخُل الْوَارِثُ بِالْفِعْل إِنْ أَوْصَى لأَِرْحَامِ نَفْسِهِ (3) ، وَهَذَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ قَوْل الشَّافِعِيَّةِ، وَقِيل يَدْخُل؛ لِوُقُوعِ الاِسْمِ عَلَيْهِ ثُمَّ يَبْطُل نَصِيبُهُ لِتَعَذُّرِ إِجَازَتِهِ لِنَفْسِهِ، وَيُصْبِحُ الْبَاقِي لِغَيْرِهِ، وَقِيل يَدْخُل وَيُعْطَى نَصِيبُهُ، فَإِنْ مَنَعَ فَلَا يَدْخُل أَيْضًا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَيَدْخُل عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ مَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيَّةِ السَّابِقِ (4) .
(1) حديث " سعد خالي، فليرني امرؤ خاله " أخرجه الترمذي (تحفة الأحوذي 10 / 254 - ط مطبعة الاعتماد بمصر) والحاكم (3 / 498 - ط حيدر آباد الدكن) وصححه.
(2)
البحر الرائق 8 / 508، والدسوقي على الدردير 4 / 432، والشرواني على التحفة 7 / 58، وشرح الروض 3 / 52، والمغني مع الشرح الكبير 6 / 549
(3)
طحطاوي على الدر 4 / 330، والبحر الرائق 8 / 507، وابن عابدين 5 / 439، والخرشي 5 / 418، والدسوقي على الدردير 4 / 432، وشرح الروض 3 / 54، ومطالب أولي النهى 4 / 482، وكشاف القناع 4 / 306، والشرواني على التحفة 7 / 57
(4)
ابن عابدين 5 / 439، والخرشي 5 / 418، والجمل على المنهج 4 / 61، ومطالب أولي النهى 4 / 482، وكشاف القناع 4 / 306