الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حَالَاتُ الاِسْتِمْرَارِ فِي الْمُبْتَدَأَةِ:
8 -
الأُْولَى:
أَنْ يَسْتَمِرَّ بِهَا الدَّمُ مِنْ أَوَّل مَا بَلَغَتْ، فَحِينَئِذٍ يُقَدَّرُ حَيْضُهَا مِنْ أَوَّل الاِسْتِمْرَارِ عَشَرَةَ أَيَّامٍ، وَطُهْرُهَا عِشْرِينَ ثُمَّ ذَلِكَ دَأْبُهَا، وَإِذَا صَارَتْ نُفَسَاءَ فَنِفَاسُهَا يُقَدَّرُ بِأَرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ بَعْدَ النِّفَاسِ يُقَدَّرُ بِعِشْرِينَ يَوْمًا طُهْرًا، إِذْ لَا يَتَوَالَى نِفَاسٌ وَحَيْضٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، بَل لَا بُدَّ مِنْ طُهْرٍ تَامٍّ بَيْنَهُمَا، وَلَمَّا كَانَ تَقْدِيرُهُ بَيْنَ الْحَيْضَتَيْنِ عِشْرِينَ، فَلْيَكُنْ كَذَلِكَ بَيْنَ النِّفَاسِ وَالْحَيْضِ تَقْدِيرًا مُطَّرِدًا.
الثَّانِيَةُ:
أَنْ تَرَى دَمًا وَطُهْرًا فَاسِدَيْنِ، وَالدَّمُ الْفَاسِدُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ مَا زَادَ عَلَى عَشَرَةِ أَيَّامٍ، وَالطُّهْرُ الْفَاسِدُ مَا نَقَصَ عَنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، فَلَا يُعْتَدُّ بِمَا رَأَتْ مِنْ حَيْثُ نَصْبُ الْعَادَةِ بِهِ، بَل يَكُونُ حَيْضُهَا عَشَرَةً، وَلَوْ حُكْمًا، مِنْ حِينِ اسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ، وَيَكُونُ طُهْرُهَا عِشْرِينَ، وَذَلِكَ دَأْبُهَا حَتَّى تَرَى دَمًا وَطُهْرًا صَحِيحَيْنِ.
بَيَانُ ذَلِكَ: مُرَاهِقَةٌ (أَيْ مُقَارِبَةٌ لِلْبُلُوغِ) رَأَتْ أَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا دَمًا وَأَرْبَعَةَ عَشَرَ طُهْرًا، ثُمَّ اسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ، فَحَيْضُهَا عَشَرَةٌ وَطُهْرُهَا عِشْرُونَ، وَالطُّهْرُ النَّاقِصُ الْفَاصِل بَيْنَ الدَّمَيْنِ يُعْتَبَرُ كَالدَّمِ الْمُسْتَمِرِّ حُكْمًا، وَعَلَيْهِ تَكُونُ هَذِهِ كَاَلَّتِي اسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ مِنْ أَوَّل مَا بَلَغَتْ، فَيَكُونُ حَيْضُهَا عَشَرَةَ أَيَّامٍ مِنْ أَوَّل أَيَّامِ الدَّمِ الأَْحَدِ عَشَرَ وَطُهْرُهَا عِشْرِينَ. هَذَا إِذَا كَانَ الطُّهْرُ فَاسِدًا بِأَنْ كَانَ أَقَل مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، أَمَّا إِذَا كَانَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَأَكْثَرَ وَقَدْ فَسَدَ بِمُخَالَطَتِهِ دَمَ الاِسْتِحَاضَةِ، كَمُبْتَدَأَةٍ رَأَتْ أَحَدَ عَشَرَ دَمًا وَخَمْسَةَ عَشَرَ طُهْرًا ثُمَّ اسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ، فَالدَّمُ الأَْوَّل فَاسِدٌ لِزِيَادَتِهِ عَلَى الْعَشَرَةِ، وَالطُّهْرُ صَحِيحٌ ظَاهِرًا لأَِنَّهُ تَامٌّ إِذْ هُوَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا،
وَلَكِنَّهُ فَاسِدٌ فِي الْمَعْنَى لأَِنَّ أَوَّلَهُ دَمٌ، وَهُوَ الْيَوْمُ الزَّائِدُ عَلَى الْعَشَرَةِ، وَلَيْسَ مِنَ الْحَيْضِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ؛ لأَِنَّ أَكْثَرَ الْحَيْضِ عَشَرَةُ أَيَّامٍ فَقَطْ عِنْدَهُمْ فَهُوَ مِنَ الطُّهْرِ، وَبِمَا أَنَّ الطُّهْرَ خَالَطَهُ الدَّمُ فِي أَوَّلِهِ فَلَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ عَادَةً.
قَال ابْنُ عَابِدِينَ فِي شَرْحِ رِسَالَةِ الْحَيْضِ: وَالْحَاصِل أَنَّ فَسَادَ الدَّمِ يُفْسِدُ الطُّهْرَ الْمُتَخَلِّل فَيَجْعَلُهُ كَالدَّمِ الْمُتَوَالِي، فَتَصِيرُ الْمَرْأَةُ كَأَنَّهَا اُبْتُدِئَتْ بِالاِسْتِمْرَارِ، وَيَكُونُ حَيْضُهَا عَشَرَةً وَطُهْرُهَا عِشْرِينَ، وَلَكِنْ إِنْ لَمْ يَزِدِ الدَّمُ وَالطُّهْرُ عَلَى ثَلَاثِينَ يُعْتَبَرُ ذَلِكَ مِنْ أَوَّل مَا رَأَتْ، وَإِنْ زَادَ يُعْتَبَرُ مِنْ أَوَّل الاِسْتِمْرَارِ الْحَقِيقِيِّ، وَيَكُونُ جَمِيعُ مَا بَيْنَ دَمِ الْحَيْضِ الأَْوَّل وَدَمِ الاِسْتِمْرَارِ طُهْرًا (1) .
الثَّالِثَةُ:
أَنْ تَرَى دَمًا صَحِيحًا، وَطُهْرًا فَاسِدًا، فَإِنَّ الدَّمَ الصَّحِيحَ يُعْتَبَرُ عَادَةً لَهَا فَقَطْ، فَتُرَدُّ إِلَيْهِ فِي زَمَنِ الاِسْتِمْرَارِ، وَيَكُونُ طُهْرُهَا أَثْنَاءَ الاِسْتِمْرَارِ بَقِيَّةَ الشَّهْرِ.
فَلَوْ رَأَتِ الْمُبْتَدَأَةُ خَمْسَةً دَمًا وَأَرْبَعَةَ عَشَرَ طُهْرًا ثُمَّ اسْتَمَرَّ الدَّمُ، فَحَيْضُهَا خَمْسَةٌ وَطُهْرُهَا بَقِيَّةُ الشَّهْرِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ، فَتُصَلِّي مِنْ أَوَّل الاِسْتِمْرَارِ أَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا تَكْمِلَةَ الطُّهْرِ، ثُمَّ تَتْرُكُ الصَّلَاةَ خَمْسَةً، ثُمَّ تَغْتَسِل وَتُصَلِّي خَمْسَةً وَعِشْرِينَ وَهَكَذَا، وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ إِذَا كَانَ الطُّهْرُ فَاسِدًا فِي الْمَعْنَى فَقَطْ، كَمَا لَوْ رَأَتِ الْمُبْتَدَأَةُ ثَلَاثَةً دَمًا وَخَمْسَةَ عَشَرَ طُهْرًا، ثُمَّ يَوْمًا دَمًا ثُمَّ خَمْسَةَ عَشَرَ طُهْرًا ثُمَّ اسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ، فَإِنَّ الْيَوْمَ الَّذِي رَأَتْ فِيهِ الدَّمَ - وَقَدْ تَوَسَّطَ بَيْنَ الطُّهْرَيْنِ - أَفْسَدَهُمَا مَعًا لأَِنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ حَيْضًا فَهُوَ مِنَ الطُّهْرِ، وَعَلَيْهِ: فَالأَْيَّامُ الثَّلَاثَةُ الأُْولَى حَيْضٌ، وَوَاحِدٌ
(1) شرح رسالة الحيض مجموعة رسائل ابن عابدين 1 / 94 - 96