الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَلَى أَرْبَابِ الأَْيْدِي الثَّابِتَةِ الْمُحَقَّقَةِ فِي الْمُدَدِ الْمُتَطَاوِلَةِ بِلَا مُعَارِضٍ وَلَا مُنَازِعٍ. وَوَضْعُ الْعُشْرِ أَوِ الْخَرَاجِ عَلَيْهَا لَا يُنَافِي مِلْكِيَّتَهَا، وَاحْتِمَال مَوْتِ أَهْلِهَا بِلَا وَارِثٍ لَا يَصْلُحُ حُجَّةً فِي إِبْطَال الْيَدِ الْمُثْبِتَةِ لِلْمِلْكِ، فَإِنَّهُ مُجَرَّدُ احْتِمَالٍ لَمْ يَنْشَأْ عَنْ دَلِيلٍ، وَالأَْصْل بَقَاءُ الْمِلْكِيَّةِ. وَالْيَدُ أَقْوَى دَلِيلٌ عَلَيْهَا، فَلَا تَزُول إِلَاّ بِحُجَّةٍ ثَابِتَةٍ. وَيُحْتَمَل أَنَّهَا كَانَتْ مَوَاتًا فَأُحْيِيَتْ فَمُلِكَتْ بِذَلِكَ، أَوِ اشْتُرِيَتْ مِنْ بَيْتِ الْمَال.
ثُمَّ قَال: وَالْحَاصِل فِي الدِّيَارِ الشَّامِيَّةِ وَالْمِصْرِيَّةِ وَنَحْوِهَا، أَنَّ مَا عُلِمَ مِنْهَا كَوْنُهُ لِبَيْتِ الْمَال بِوَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَحُكْمُهُ مَا ذَكَرَهُ فِي الْفَتْحِ - أَيْ كَوْنُهُ أَرْضًا أَمِيرِيَّةً - وَمَا لَمْ يُعْلَمْ فَهُوَ مِلْكٌ لأَِرْبَابِهِ. وَالْمَأْخُوذُ مِنْهُ خَرَاجٌ لَا أُجْرَةٌ لأَِنَّهُ خَرَاجِيٌّ فِي أَصْل الْوَضْعِ. وَالْحَقُّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ (1) ".
وَأَمَّا أَرْضُ الْعِرَاقِ فَقَدْ مُلِكَتْ رِقَابُهَا لأَِهْلِهَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، فَهِيَ خَرَاجِيَّةٌ، وَهِيَ وَقْفٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ عِنْدَ غَيْرِ الْحَنَفِيَّةِ، كَأَرْضِ الشَّامِ وَمِصْرَ (2) ، عَلَى تَفْصِيلٍ يَذْكُرُهُ الْفُقَهَاءُ فِي كِتَابِ الْبَيْعِ. وَأَرْضُ
(1) حاشية ابن عابدين 3 / 257 - 258 بتصرف يسير. أما فيما يتعلق بالأراضي بمصر، فقد ذكر الشيخ محمد أبو زهرة أنه صدر الأمر العالي في 15 / 9 / 1891 للقضاء الأهلي، والأمر العالي في 3 / 9 / 1898 م، فصارت بمقتضاه الأرض التي كانت يد الناس عليها يد انتفاع، مملوكة ملكا تاما لواضعي اليد عليها. وما تملكه الحكومة من أراض غيرها تملكه ملكية خاصة، تتصرف فيه على أنها شخص معنوي، له ما لكل الأشخاص من تصرفات. وأما أراضي الشام فلا يزال العمل في الأراضي الأميرية في الأردن التي بأيدي الرعية، على أنها أميرية، وأنها ليست ملكا للرعية. وتنتقل من يد إلى يد بالفراغ، لدى دائرة (الطابو)" الملكية ونظرية العقد " ص 85 ط دار الفكر العربي، 1977 القاهرة، والقانون المدني أردني م 1198 وما بعدها.
(2)
كشاف القناع 3 / 158
جَزِيرَةِ الْعَرَبِ كُلُّهَا عِنْدَهُمْ عُشْرِيَّةٌ، فَلَا يُعْتَبَرَانِ مِنْ أَرْضِ الْحَوْزِ إِلَاّ لِسَبَبٍ جَدِيدٍ مِمَّا سَبَقَ.
تَصَرُّفُ الإِْمَامِ فِي أَرْضِ الْحَوْزِ
دَفْعُهَا لِلزُّرَّاعِ، مَعَ بَقَاءِ رَقَبَتِهَا:
10 -
يَجُوزُ لِلإِْمَامِ أَنْ يَدْفَعَ الأَْرْضَ الأَْمِيرِيَّةَ لِلزُّرَّاعِ بِأَحَدِ طَرِيقَيْنِ:
الأَْوَّل: إِقَامَتُهُمْ مَقَامَ الْمُلَاّكِ فِي الزِّرَاعَةِ، وَإِعْطَاءِ الْخَرَاجِ.
وَالثَّانِي: إِجَارَتُهَا لِلزُّرَّاعِ بِقَدْرِ الْخَرَاجِ. فَيَكُونُ الْمَأْخُوذُ فِي حَقِّ الإِْمَامِ خَرَاجًا. ثُمَّ إِنْ كَانَ دَرَاهِمَ فَهُوَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الإِْمَامِ خَرَاجٌ مُوَظَّفٌ، وَإِنْ كَانَ بَعْضَ الْخَارِجِ فَهُوَ خَرَاجُ مُقَاسَمَةٍ. وَبِالنِّسْبَةِ إِلَى الزُّرَّاعِ هُوَ أُجْرَةٌ لَا غَيْرُ، لَا عُشْرٌ وَلَا خَرَاجٌ (1) ، لأَِنَّهُ لَمَّا دَل الدَّلِيل عَلَى عَدَمِ لُزُومِ الْمُؤْنَتَيْنِ (الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ) فِي أَرَاضِي الْمَمْلَكَةِ وَالْحَوْزِ، كَانَ الْمَأْخُوذُ مِنْهَا أُجْرَةً لَا غَيْرُ. فَإِنْ قُلْتَ: اسْتِئْجَارُ الأَْرْضِ بِبَعْضِ الْخَارِجِ لَا يَجُوزُ؛ لِكَوْنِهِ إِجَارَةً فَاسِدَةً لِلْجَهَالَةِ، فَمَا وَجْهُ الْجَوَازِ هُنَا؟ فَالْجَوَابُ مَا قُلْنَا: إِنَّهُ جُعِل فِي حَقِّ الإِْمَامِ خَرَاجًا وَفِي حَقِّ الأُْكْرَةِ (أَيِ الزُّرَّاعِ) أُجْرَةً لِضَرُورَةِ عَدَمِ صِحَّةِ الْخَرَاجِ حَقِيقَةً وَحُكْمًا. قَال ابْنُ عَابِدِينَ: " لِعَدَمِ مَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ بِسَبَبِ مَوْتِ أَهْلِهَا وَصَيْرُورَتِهَا لِبَيْتِ الْمَال ". وَقَال: " وَيُمْكِنُ جَعْلُهَا مُزَارَعَةً لَا إِجَارَةً حَقِيقِيَّةَ ". ثُمَّ قَال: " وَعَلَى دَفْعِهَا بِأَحَدِ الطَّرِيقَيْنِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُمْ وَتَصَرُّفُهُمْ فِيهَا وَلَا تُورَثُ. أَمَّا عَلَى الثَّانِي (أَيْ إِجَارَتِهَا لِلزُّرَّاعِ) فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا عَلَى الأَْوَّل فَلأَِنَّ إِقَامَتَهُمْ مَقَامَ الْمُلَاّكِ لِلضَّرُورَةِ فَتُقَدَّرُ بِقَدْرِهَا، فَهَذِهِ
(1) مجمع الأنهر 1 / 671، وابن عابدين 3 / 256