الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يختلفون دوماً على القسطنطينية، فكلّ دولة تريدها لنفسها، وفي نفس الوقت لا تسمح لغيرها باحتلالها. وحين احتل الحلفاء مدينة القسطنطينية بعد الحرب العالمية الأولى (1914 - 1918م)، اختلفوا على امتلاكها، فعاونوا مصطفى كمال سرّاً وعلانية على إجلائهم جميعاً عنها، إذ كانت كل دولة من تلك الدول المحتلَّة، تفضّل أن تعود إلى الأتراك على أن تصبح ملكاً لغيرها.
وقد أصبحت هذه المدينة ضرورية للعثمانيين بعد أن امتدَّ ملكهم فشمل مناطق آسيوية وأوروبية شاسعة، فكان لا بدَّ لهم من فتحها لتكون نقطة التقاء أملاكهم في أوروبا وآسيا من جهة، وليزيلوا من أمامهم حصناً حصيناً يهدِّد وجودهم في عقر دارهم ويفصل أملاكهم إلى شطرين كبيرين، وكان وجودها بالنسبة للعثمانيين تحت سيطرة البيزنطيين نقطة ضعف في دولة بني عثمان، ومكمن خطر داهم عانوا منه الأمرَّين في تاريخهم الطويل.
4 - آخر الأباطرة:
أ) وحين تولَّى محمد الفاتح، كان على عرش بيزنطة قسطنطين الحادي عشر الذي اعتلى العرش سنة ثلاث وخمسين وثمانمئة الهجرية (1449م)(1) وهو في ريعان الشباب. وكان على يقين أن عاصمته مهددة بأفدح الأخطار، وأنَّ قواته ضعيفة بالنسبة لقوات العثمانيين، وأنَّ عليه أن يبذل قصارى جهده لاستقدام قوات من دول الغرب المسيحية لمعاونته في صدِّ العثمانيين دفاعاً عن القسطنطينية.
(1) تولى بعد وفاة أخيه الإمبراطور يوحنا السابع.
وقد حاول الزواج بمارية الصربية أرملة السلطان مراد الثاني والد محمد الفاتح، وذلك عقب عودتها إلى وطنها بعد وفاة زوجها، وكان محمد الفاتح يحترمها كثيراً ويعرف لها مكانتها وقدرها، ويعتبرها كوالدته، ففكَّر قسطنطين أنَّ زواجه بها قد يحميه من محمد الفاتح.
وبرغم أنَّها كانت في الحلقة الخامسة من عمرها، إلَاّ أن قسطنطين الشاب القوي قَبِلَ هذا الزواج مؤمَّلاً من ورائه أن يكسب قوة والدها (جورج برانكوفتش) وعطف محمد الخامس. ولكن هذه الفكرة تلاشت، لأن مارية نذرت نفسها لله واعتزلت الناس، وقبعت في أحد الأديرة.
وحاول قسطنطين مصاهرة إمبراطور (طرابزون) وهو داوود كومنينوس كما أشار عليه رجال بلاطه، كما حاول مصاهرة ملك الكرج (جورجيا) علَّه يجد منه المساعدة في وقت الحاجة؛ لأنَّ الكرج بلاد بدوية، رجالها أشداء أقوياء، ولكن لم يتمّ هذا الزواج لنشوب الحرب بينه وبين العثمانيين.
ويُقال أيضاً إن قسطنطين فكَّر في الزواج بابنة رئيس جمهورية البندقية (فينيسيا)، لكنه ما لبث أن عدل عنه خوفاً من الرأي العام الذي كان يتَّهمه بالميل إلى اللاتين. بيد أنَّ هذا العدول عن الزواج اعتبرته البندقية إهانة لها، فكان ذلك من أسباب تثاقلها عن نصرة قسطنطين حينما أحاطت به الأخطار واشتدَّ الحصار على القسطنطينية. ب) ومن جهة أخرى لم ييأس قسطنطين من معونة الغرب، واعتقد أنَّ اشتداد الخطر على القسطنطينية وإحداق المسلمين بها