الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أثر الإسلام في العَربْ
(1)
(1)
حارب النبي صلى الله عليه وسلم في غزواته وسراياه (2) العرب المشركين وانتصر عليهم، فلم يلتحق بالرفيق الأعلى إلا وكانت شبه الجزيرة العربية موحدة تحت لواء الإسلام.
كان جنود النبي صلى الله عليه وسلم من العرب المسلمين، قليلي العدد، فقراء إلى السلاح والقضايا الإدارية.
وكان أعداء المسلمين من العرب المشركين، كثيري العدد، أغنياء بالسلاح والقضايا الإدارية.
كان التفوق العَددي والعُدَدي مع العرب المشركين على العرب المسلمين، ولكن الفئة القليلة من العرب المسلمين غلبت الفئة الكثيرة من العرب المشركين بإذن الله.
وفي أيام الفتح الإسلامي العظيم، حارب العرب المسلمون الرومَ وحلفاءهم الغساسنة في معركة (اليرموك)(3) الحاسمة التي
(1) انظر التفاصيل في خاتمة كتابنا: "قادة فتح الشام ومصر" ص 265 - 355، بيروت، 1965.
(2)
الغزوات هي التي قادها النبي صلى الله عليه وسلم، والسرايا هي التي بعثها لقتال المشركين بقيادة أحد قادته.
(3)
اليرموك: وادٍ بناحية الشام في طرف الغور يصب في نهرالأردن. انظر التفاصيل في معجم البلدان (8/ 504).
فتحت أبواب أرض الشام (1) للمسلمين، وحاربوا الفرس وحلفاءهم المناذرة في (القادسية)(2) الحاسمة التي فتحت أبواب العراق والجزيرة (3) للمسلمين، وكان الغساسنة والمناذرة من العرب الأقحاح؛ وكانوا أعرقَ مدنيةً وأكثر حضارة، وأغنى مالاً وسلاحاً، وأعرف بأساليب القتال وأقرب إلى قواعدهم من أولئك العرب المسلمين القادمين من قلب الجزيرة العربية.
وانتصر العرب المسلمون على العرب غير المسلمين، وعلى غير العرب من اليهود والروم والفرس في أيام الفتح الإسلامي العظيم؛ لا لأنهم عرب وكفى، بل لأنهم عرب مسلمون.
لقد كان انتصار العرب المسلمين في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وفي أيام الفتح الإسلامي العظيم انتصارَ عقيدة لا مِراء.
فما أثر الإسلام في العرب؟ كان العرب في الجاهلية متخلفين سياسياً واجتماعياً واقتصادياً وعسكرياً، فرفع الإسلام مكانتهم السياسية والاجتماعية والاقتصادية والعسكرية.
(1) أرض الشام: غربها البحر الأبيض المتوسط وشرقها البادية من أيلة الفرات، ثم من الفرات إلى حد الروم، وشمالها بلاد الروم وجنوبها حدود مصر. انظر التفاصيل في "المسالك والممالك" ص 43، وهي سورية ولبنان والأردن وفلسطين.
(2)
القادسية: موضع بينه وبين الكوفة خمسة عشر فرسخاً، وبينه وبين العذيب أربعة أميال. انظر التفاصيل في "معجم البلدان"(7/ 5)، و "آثار البلاد وأخبار العباد"(239).
(3)
الجزيرة: وهي بين دجلة والفرات، وتشتمل على ديار مضر وديار بكر. انظر التفاصيل في "معجم البلدان"(3/ 96).
كان الفرس مسيطرين على العراق ولهم نفوذ في اليمن، وكان الروم مسيطرين على أرض الشام، وحتى الأحباش كانت لهم صولة وجولة ومكانة في اليمن؛ فأصبح العرب بالإسلام سادة الفرس والروم، وسادة أمم أخرى لا تعد ولا تحصى من الصين شرقاً إلى فرنسا غرباً، ومن سيبيريا شمالاً إلى المحيط الهندي جنوباً.
وكان العرب أقل حضارةً ومدنيةً من الفرس والروم بخاصة، فأصبحوا بعد الإسلام قادة الحضارة العالمية ورواد المدنية في الدنيا.
وكانوا فقراء معدمين، يسكنون الخيام في الصحراء أو البيوت البسيطة في القرى والمدن، فأصبحوا بعد الإسلام أغنياء مترفين، يسكنون القصور والبيوت في الحواضر على ضفاف الأنهار.
وكانوا من الناحية العسكرية لا يطمعون أن يحموا أرضهم من الفرس والروم وحتى من الأحباش، فأصبحوا بعد الإسلام لا يطمع أحد في حماية أرضه من قوتهم القاهرة التي ملأت الأرض سماحة وعدلاً.
لقد كان للإسلام أثر، أي أثر في العرب، بدَّل حالهم إلى أحسن حال، وجعل منهم أمة لها مكانتها ولها اعتبارها ولها تأثيرها في سير الأحداث العالمية الكبرى، ولها كلمتها المسموعة بين الأمم.
ولعل الباحثين المنصفين من المسلمين وغير المسلمين، يستطيعون أن يقولوا كثيراً عن أثر الإسلام في العرب سياسياً واجتماعياً واقتصادياً.
ولكنني سأقتصر على أثر الإسلام في العرب من الناحية العسكرية