الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
11 - الجهاد بالمال:
أ) لقد قرن الإسلام دائماً الجهاد بالأرواح بالجهاد بالمال. قال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللَّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ} [سورة التوبة 9: 20]، وقال تعالى:{مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [سورة البقرة 2: 261]. وقال تعالى: {وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [سورة الحديد 57: 10]. وقال تعالى: {تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ} [سورة الصف 4: 11].
وقال تعالى: {لَاّ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً} [سورة النساء 4: 95].
بل يلاحظ في تلك الآيات الكريمة، أن المال يُقَدَّم على الأنفس دائماً، مما يدل على أهمية الجهاد بالمال.
ب) لقد أنفق المسلمون الأولون أموالهم في سبيل الله: أنفق أبو بكر الصديق رضي الله عنه جميع ماله، وكان له أربعون ألفاً أنفقها كلها على رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبيل الله، وقد أعتق سبعة كانوا يُعذَّبون في الله منهم بلال بن رَباح (1).
وأنفق عمر بن الخطاب رضي الله عنه نصف ماله في سبيل الله.
وأنفق عثمان بن عفان رضي الله عنه أموالاً طائلة: جهز جيش
(1) الرياض النضرة 1/ 16.
العُسْرة، وهو جيش غزوة (تبوك) بتسعمئة وخمسين بعيراً، وأتم الألف بخمسين فرساً (1). ولما قدم المهاجرون المدينة المنورة استذكروا الماء، وكان لرجل من (غِفار) عين يقال لها:(رُومة)، وكان يبيع منها القِربة بمُدٍّ (2)، فاشتراها عثمان بخمسة وثلاثين ألف درهم وجعلها للمسلمين (3).
وكان للزبير بن العوَّام ألف مملوك يؤدون إليه الخراج، فما كان يدخل بيته منها درهم واحد: كان يتصدّق بذلك كله. وباع داراً له بستمئة ألف، فقيل له:"يا أبا عبد الله! غُبِنْتَ "! فقال: "كلا! والله لتعلمنّ لم أُغبن
…
هي في سبيل الله" (4).
وابتاع عبد الرحمن بن عوف أرضاً من عثمان بن عفان رضي الله عنهما بأربعين ألف دينار، فقسَّم ذلك المال في بني زُهرة فقراء المسلمين وأمهات المؤمنين. وتصدق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بشطر ماله: أربعة آلاف، ثم تصدق بأربعين ألف دينار، ثم حمل على خمسمئة فرس في سبيل الله، ثم حمل على ألف وخمسمئة راحلة في سبيل الله، وقد وردت له قافلة من تجارة الشام فحملها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (5).
وعاد النبي صلى الله عليه وسلم سعد بن أبي وقاص عام حجة الوداع، فقال سعد: "يا رسول الله! إني بلغ بي من الوجع ما ترى، ولا يرثني إلا ابنة،
(1) الرياض النضرة 2/ 111.
(2)
المد: مكيال قديم، اختلف الفقهاء في تقديره، فقدره قسم من الفقهاء بنصف قدح وهو رطل وثلث عند أهل الحجاز، وعند أهل العراق رطلان.
(3)
الرياض النضرة 2/ 122.
(4)
المصدر السابق 2/ 364.
(5)
المصدر السابق 2/ 385.