الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
موسيقاهم العسكرية، عقب نزولهم في ميناء (القرن الذهبي)، وأطلُّوا من فوق أسوارهم ليروا تحت أعينهم سبعين سفينة عثمانية في الميناء برجالها ومعدَّاتها، فانتابهم الهلع والفزع وانهارت معنوياتهم انهياراً شديداً.
ودفعت السفن العثمانية إلى أعلى الميناء حيث الماء ضحضاح وتحميها القوات البرية العثمانية من الضفتين، فلا تجرؤ السفن المعادية الراسية في الميناء على الدنوّ منها، وأمر السلطان الفاتح بعد ذلك بأن يُبنى جسر عائم، فجمعت الصفائح والصناديق الخشبية وشُدّت ببعضها بالكلاليب والحبال الضخمة، وثبتت عليها ألواح من الخشب، ثم نُصبت عليها المدافع لقصف الجانب المواجه للميناء من أسوار القسطنطينية، فأصبحت سفن الروم في (القرن الذهبي) مطوَّقة من جانبين بالسفن العثمانية: من أعلى الميناء ومن خارجه أيضاً، وهي لا تكفُّ عن محاولة تحطيم السلسلة القائمة عند مدخله، فأصبحت السفن النصرانية بذلك في خوف دائم وحذر شديد.
13 - القتال البحري:
واضطر قسطنطين أن يضع في جانب السور المشرف على ميناء (القرن الذهبي) عدداً مناسباً من الجنود لحمايته ومراقبة السفن العثمانية. ثم دعا (جستنيان) وبعض كبار رجال الجيش واجتمع بهم في كنيسة (سانت ماري) وشاورهم في أمر السفن العثمانية التي استقرَّت في ميناء القرن الذهبي، فأجمع رأي المؤتمرين على وجوب التخلُّص منها وذلك بمباغتتها ليلاً وإحراقها.
وأخذ (جاكومو كوكو Jacomo Coco) من أهل البندقية على نفسه قيادة هذه الحملة التدميرية، فتسَّرب الخبر إلى الجنويين في (غلطه) فأبلغوه إلى السلطان الفاتح. وفي نفس الوقت أرسلوا وفداً إلى المؤتمرين طالب قسطنطين بعدم الاستعجال في أمر خطير كهذا، وأن يشاركوهم في الحملة التدميرية بشرط أن تؤجَّل العملية يوماً واحداً، ليكونوا يداً واحدة على العثمانيين.
وقبل قسطنطين ما عرضه وفد الجنويين عليه، وتأجَّل تدمير السفن العثمانية إلى ليلة أخرى.
وفي فجر يوم 24 نيسان (أبريل)، بعث الجنويون مرة أخرى إلى السلطان الفاتح يخبرونه بما تمّ بين المؤتمرين، فحشد الفاتح من فوره عدداً من الجند ومعهم المدافع والأسلحة الكافية لاقتناص السفن المعادية.
وفي الهزيع الأخير من يوم 24 نيسان - أبريل - غادرت السفن النصرانية ميناء (غلطه) للانقضاض على السفن الإسلامية، وكان الليل حالك السواد، فلم تكد السفن النصرانية تقلع وتبدأ الإبحار حتى لمح بعضهم ناراً تُضاء في قمة برج (غلطه) كأنما تنذر العثمانيين بإقلاع السفن لتنفيذ الخطة التدميرية.
ومضت السفن النصرانية في سيرها، فلما قاربت الهدف أبى القائد البندقي إلا أن يكون له السبق في تدمير السفن العثمانية، فدلف بسفينته إلى الأمام. ولم تكد تتقدَّم خطوات أخرى إلى الأمام باتجاه السفن العثمانية، حتى دهمتها قنبلة ضخمة أعقبتها قنبلة أخرى مماثلة،