الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصالح، يكون لديهم عسكريون فيهم كل صفات الجندي الخالدة، فالجندي المسلم الحق مطيع لا يعصي، صبور لا يجزع، ثابت لا يتزعزع، شجاع لا يجبن، حذر لا ينام، لا يستهين بعدوه ولا يغفل عنه لحظة، يجاهد بأمواله ونفسه في سبيل الله، يلبي نداء الواجب ولا يتخلف، مدرب على استعمال سلاحه وعلى فنون القتال.
تلك هي صفات الجندي المسلم الحق، فكيف يصبح جيش مؤلفاً من أمثال هؤلاء الجنود؟!.
2 - التدريب الإجمالي
(1):
أ- بين الإسلام أن المصلحة العليا للمسلمين، لا بد أن تكون لها الأسبقية على كل شيء في الدنيا، قال تعالى:{قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ 24} [التوبة 9: 24].
وجعل الإسلام مقام الشهداء من أعظم المقامات، قال تعالى:{فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ} [النساء 4: 69]، وقال تعالى:{وَلَا تَقُولُواْ لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاء وَلَكِن لَاّ تَشْعُرُونَ} [البقرة 2: 154]،
(1) التدريب الإجمالي: تدريب الجندي ضمن رفقائه في السلاح، وتدريب الوحدات العسكرية بالتسلسل لتكون قادرة على أداء واجباتها في القتال منفردة أو متعاونة مع الوحدات العسكرية الأخرى.
وقال تعالى: {وَمَن يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَو يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء 4: 74].
وعمل الإسلام على تقوية معنويات المجاهدين، قال تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ} [الأنفال 8: 65].
وحث الإسلام على الاهتمام بإعداد القوة المادية، قال تعالى:{وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم مَّيْلَةً وَاحِدَةً} [النساء 4: 102]، وقال تعالى:{وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ} [الأنفال 8: 60].
كما حث الإسلام على إنشاء المعامل الحربية لصنع الأسلحة، وذكر بالحديد خاصة للاستفادة منه في الأغراض العسكرية، قال تعالى:{وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحديد 57: 25].
وأعد الإسلام تنظيمات عملية للإعفاء من الخدمة العسكرية، وإعلان الحرب، والدعوة إلى الجهاد، وتطهير الجيش، وأساليب القتال، وقضايا الكتمان، والهدنة والصلح، والأسرى، والمحافظة على العهود.
فقد حصر الإسلام أسباب الإعفاء من الخدمة العسكرية في الضعف، ويشمل المرض، والعجز، والشيخوخة، وعدم القدرة على الإنفاق. قال تعالى: {لَّيْسَ عَلَى الضُّعَفَاء وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ
لَا يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُواْ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ} [التوبة 9: 91].
وحذر الإسلام من التباطؤ في تلبية داعي الجهاد والتثاقل عنه،
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ
الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلَاّ قَلِيلٌ 38 إِلَاّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا
أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ
قَدِيرٌ} [التوبة 9: 38 - 39].
وأمر بتطهير الجيش من عناصر الفتنة والخذلان، ومن الذين يختلفون عن رجاله بالعقيدة، حتى يكون الجيش مؤمناً بعقيدة واحدة لا بعقائد شتى، يعمل جاهداً للدفاع عن عقيدته، ويبذل كل ما يملك في سبيلها، وبذلك يستطيع الفوز في الحرب. قال تعالى:{وَلَوْ كَانُوا فِيكُم مَّا قَاتَلُوا إِلَّا قَلِيلًا} [الأحزاب 33: 20]، وقال تعالى:{وَلَكِن كَرِهَ اللَّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُواْ مَعَ الْقَاعِدِينَ 46 لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلَاّ خَبَالاً ولأَوْضَعُواْ خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ} [التوبة 9: 46 - 47].
ب- وأرشد الإسلام إلى الأساليب التعبوية: نظم المواضع
الدفاعية فقال تعالى: {وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّىءُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ} [آل عمران 3: 121].
وابتكر أسلوباً جديداً لم تكن العرب تعرفه من قبل هو أسلوب: (الصف)(1)، إذ كانت تقابل بأسلوب:(الكر والفر)(2)، قال تعالى:
(1) أسلوب الصف: ترتيب المقاتلين صفين أو ثلاثة أو أكثر على حسب عددهم، وتكون الصفوف الأمامية من المسلحين بالرماح لصد هجمات الفرسان، وتكون الصفوف المتعاقبة الأخرى من المسلحين بالنبال لتسديدها على المهاجمين.
(2)
أسلوب الكر والفر: أن يهاجم المحاربون بكل قوتهم على العدو، فإن ثبت لهم =
{إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ} [الصف 61: 4]، ويطلق هذا الأسلوب القتالي على سورة من سور الذكر الحكيم، هي سورة:(الصف).
ويحذر الإسلام من إذاعة الأسرار العسكرية، ويجعل إذاعتها من شأن المنافقين، ويطالب المؤمنين بالرجوع إلى القيادة العامة، كما يطالبهم بالتثبت مما يصلهم من أنباء قبل الركون إليها والعمل بها. قال تعالى:{لَئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا} [الأحزاب 33: 60]، وقال تعالى:{وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ} [النساء 4: 83]، وقال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [الحجرات 49: 6].
تلك لمحات من تعاليم الإسلام في تدريب الجيش وإعداده للحرب، ليكون جيشاً يؤثِرُ المصلحة العامة للمسلمين على المصلحة الخاصة لأفراده وجماعاته؛ وجَعَلَ للشهداء الحياة الخالدة المستمرة، وبذلك قضى على الخوف من الموت نهائياً، وجعل معنويات الجيش عالية على أسس رصينة مستمدة من إعداده المادي وتربيته الروحية، وأمر بالإعداد المادي للجيش حتى ما يفقد عقالاً ولا خطاماً، وحثَّ على بناء المعامل الحربية مستهدفاً الاكتفاء الذاتي لجيش المسلمين، وأعد
= العدو أو أحسوا بالضعف نكصوا، ثم أعادوا تنظيمهم وكرُّوا، وهكذا يكرُّون ويفرُّون حتى يكتب لهم النصر أو الاندحار.