الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(4)
ويتابع مونتكومري كلامه عن أهمية العقيدة للقائد، فيحث القادة بصفته مسيحياً على الاقتداء بالسيد المسيح عليه السلام فيقول: "
…
فالمسيح قد قَدَّم إلى أتباعه مجموعة من المبادئ، ومثالاً من نفسه لا يُنسى. وهذا ما يجب أن يفعله القادة الوطنيون في يومنا هذا، وهو ما ينقصهم على ما يظهر! وعلى القادة الوطنيين في العالم الحر، أن ينظروا إلى التناقض بين السلطة والعقيدة الدينية بمنظار أحسن" (1).
ويمتدح الملك (أَلفْرِدْ) العظيم أحد ملوك بريطانيا الذي تَسَنَّم المُلْكَ سنة (872 م)، فيقول عنه:"أخذه أبوه الملك (إثلوف Ethelwulf) في رحلة إلى الحج في روما، وربما كان تأثير تلك الرحلة في أوروبا ومناظر مدينة روما العظيمة وخرائبها هي التي ولَّدت فيه الإلهام الذي بعثه في الأخير على تعليم نفسه وشعبه فنون المعرفة والنظام"(2)، ثم يقول واصفاً حربه على الدانماركيين (3) الذين لم يكونوا وقتئذ قد اعتنقوا المسيحية، وكان السبب الأول لهجماتهم على بريطانيا القضاء على المسيحية فيها، وكان الملك (ألفرد) يدافع عن المسيحية ضد الغزاة: "
…
وفي السنوات الخمس الأولى من حكمه، قاد شعبه التعس في معارك
(1) السبيل إلى القيادة - الباب الرابع - ص 66؛ وسنجد في الفصول التالية أن النبي العربي محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم قد قدَّم تضحيات مذهلة في الحرب والسلام، قد لا تعتبر تضحيات السيد المسيح عليه السلام إلى جانبها شيئاً مذكوراً.
(2)
المصدر السابق - الباب الرابع - ص 70.
(3)
سكان الدانمارك.
مستمرة على الدانماركيين رافضاً الاستسلام إلى الأعداء الكافرين" (1). ثم أثنى عليه ثناء عاطراً، لأنه أظهر جميع الفضائل المسيحية التي بنيت عليها حياته (2)، ومن الواضح أن مونتكومري أعجب بهذا الملك لأنه كان متديناً، ولأنه دافع عن الدين: "وهكذا أنقذ (ألفرد) انكلترا بحكمته ومهارته العسكرية، وأعطى المسيحية أملاً جديداً" (3). ولأنه: "تعلم القراءة، ثم ترجم بنفسه إلى لغة بلاده الديانة المسيحية للأديرة والمعلومات التي تزوِّد شعبه بالمعرفة والحكمة
…
ما كان أعظمه رجلاً! كان على العموم مسيحياً صادقاً، يمارس كل الفضائل المسيحية" (4).
ويبدي مونتكومري إعجابه به (أوليفر كرومول) لأنه كان متديناً أيضاً: "وهنا لا بد من ذكر صفة أخرى من صفاته. لقد كان (أوليفر) حاد المزاج سريع الغضب، يثور فجأة وقد يسوقه ذلك في كثير من الأحيان إلى الخشونة والعنف، ولكن تديُّنه كان يساعده في هذه
(1) السبيل إلى القيادة - الباب الثالث - ص 71؛ وقلت لنفسي حين قرأت هذا النص: "لو أن كاتباً عربياً مسلماً وصف شعباً يحارب شعبه بالأعداء الكافرين كما فعل مونتكومري، لاتهمه أبناء وطنه قبل غيرهم بالتعصُّب والنعوت المزرية الأخرى". هكذا نميِّع قضايانا المصيرية بأنفسنا، وهكذا ندافع عن أعدائنا ونتَّهم أنفسنا؛ بل نكيل لها التُّهم كيلاً. فليقرأ ما كتبه مونتكومري الذين يتَّهمون غيرهم بالتعصُّب، ويسبغون على أنفسهم مزية الانفتاح والتحرر
…
(2)
المصدر السابق - الباب الرابع - ص 72.
(3)
المصدر السابق - الباب الرابع - ص 73.
(4)
المصدر السابق - الباب الرابع - ص 74؛ فماذا كان يقول القائلون عن كاتب عربي
مسلم يدافع عن شخصية عربية إسلامية بمثل هذه الحرارة والوضوح؛ لأن تلك
الشخصية متمسّكة بأهداب الدين!؟.
الأحوال، فيندم على أخطائه بسرعة" (1). ثم يقول عنه:"وكان ذا إيمان ديني عاطفي"(2). ويقول أيضاً عنه: "كان يوفّق بين كل عمل من أعماله وفقرات من الإنجيل"(3).
ويقول عن (ابراهام لنكولن): "كان كثير الأمانة والإخلاص"(4) و: "إن الإنجيل كان موجوداً في بيته ولا شك، بل ربما كان الإنجيل هو الكتاب الوحيد فيه، على أننا نلحظ قراءته للإنجيل من خطبه وكتاباته الأخيرة"(5).
و: "كان سلوكه من حيث الأساس مسيحي الأصول دائماً، ويبدو أنه كان يتبع طبيعياً التعاليم التي ذكرها المسيح في الخطبة التي ألقاها في الجبل (6)، ولم يكن ذلك تظاهراً منه بالتقوى، بل لأنه كان يعتقد بأن الفضائل الدينية هي فضائل ديمقراطية أيضاً، فهي تهدي الناس إلى أن يعيشوا حياة كريمة محترمة"(7).
…
(1) السبيل إلى القيادة - الباب الرابع - ص 76.
(2)
المصدر السابق - الباب الرابع - ص 79.
(3)
المصدر السابق - الباب الرابع - ص 86.
(4)
المصدر السابق - الباب الخامس - ص 90.
(5)
المصدر السابق - الباب الخامس - ص 91.
(6)
وهي التي أثنى فيها المسيح على المتواضعين والفقراء وقال إنهم سيرثون الأرض من بعده.
(7)
السبيل إلى القيادة - الباب الخامس - ص 98.