المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الخاتمة ‌ ‌(1) لا تقتصر صفة القيادة على القادة العسكريين إلا في معناها - بين العقيدة والقيادة

[محمود شيت خطاب]

فهرس الكتاب

- ‌مقَدمَة المؤلفْ

- ‌(1)

- ‌(2)

- ‌(3)

- ‌العقيدة والقيَادة

- ‌مَع التراث العَرَبي الإسْلَامي

- ‌(1)

- ‌(2)

- ‌(3)

- ‌(4)

- ‌مَع المشير مونتكومري

- ‌(1)

- ‌(2)

- ‌(3)

- ‌(4)

- ‌(5)

- ‌(6)

- ‌(7)

- ‌(8)

- ‌(9)

- ‌مَع القَادة الآخرين

- ‌(1)

- ‌(2)

- ‌(3)

- ‌الإسلام والنّصر

- ‌أثر الإسلام في العَربْ

- ‌(1)

- ‌(2)

- ‌(3)

- ‌(4)

- ‌الإسْلَام في مجَال التربيَة العَسكريَة

- ‌1 - التدريب الفردي

- ‌2 - التدريب الإجمالي

- ‌3 - الحرب العادلة:

- ‌4 - الحرب النفسية:

- ‌5 - عزَّة الإسلام:

- ‌التطبيق العملي في عهد النبوّة

- ‌مستهل

- ‌(1)

- ‌مع الرسول القائد عَليهِ أفضَل الصَّلاة وَالسّلام

- ‌في مَكّة المكَرّمَة

- ‌(1)

- ‌1 - الأهوال:

- ‌2 - الهجرة:

- ‌في المَدينَة المنوَّرة

- ‌1 - الأعمال التمهيدية:

- ‌2 - الجهاد الحاسم:

- ‌أ- في بدر:

- ‌ب- بعد بدر:

- ‌3 - القدوة الحسنة:

- ‌4 - المثال الرائع:

- ‌في مَكّة

- ‌1 - التعذيب:

- ‌2 - في الحبشة:

- ‌في المَدينَة

- ‌1 - المجتمع الجديد:

- ‌2 - في بدر:

- ‌3 - في أُحُد:

- ‌4 - كارثة الرجيع:

- ‌5 - يوم الأحزاب:

- ‌6 - محاسبة الغادرين:

- ‌7 - إخلاص الأنصار:

- ‌8 - يوم الحديبية:

- ‌9 - في مؤتة:

- ‌10 - اختبار العقيدة:

- ‌11 - الجهاد بالمال:

- ‌12 - خير القرون:

- ‌مع الصَّحَابة وَالتَابعين

- ‌1 - المخطط الأول للفتح:

- ‌2 - بعث أسامة:

- ‌3 - حرب الردة:

- ‌4 - في اليرموك:

- ‌5 - في معركة الجسر:

- ‌6 - في القادسية:

- ‌7 - في فتح المدائن:

- ‌8 - نماذج بطولية:

- ‌9 - في إفريقية:

- ‌10 - في الأندلس:

- ‌11 - انتصار عقيدة:

- ‌12 - المثال الشخصي:

- ‌التطبيق العملي بَعدَ الفَتْحِ الإسْلامي العَظيمْ

- ‌مستهل

- ‌1 - العالِم:

- ‌2 - الفاتح:

- ‌3 - الإنسان:

- ‌4 - القائد:

- ‌5 - أسد في التاريخ:

- ‌ 2 -صَلَاح الدّين الأيوبي قَاهر الصَليبيينَ ومحرّر بيت المقدسْ

- ‌1 - أيامه الأولى:

- ‌2 - الوزير:

- ‌3 - السلطان:

- ‌4 - في دمشق:

- ‌5 - معركة حطين:

- ‌6 - معارك استثمار الفوز:

- ‌7 - استعادة القدس:

- ‌8 - مجمل الفتح:

- ‌9 - الإنسان:

- ‌10 - في المصادر الأجنبية:

- ‌ 3 -المَلك المظَفَّر قطز قَاهر التَّتَار

- ‌1 - السلطان:

- ‌2 - الموقف العام:

- ‌3 - موقف أوروبا:

- ‌4 - زحف التتار:

- ‌5 - الحشد:

- ‌6 - المعركة:

- ‌7 - أسباب النصر:

- ‌8 - الشهيد:

- ‌ 4 -السلطان محَمَّد الفَاتح فَاتح القسطنطينيَّة

- ‌1 - أيامه الأولى:

- ‌2 - محاولات الفتح الأولى:

- ‌3 - أهمية القسطنطينية:

- ‌4 - آخر الأباطرة:

- ‌5 - نقض العهد:

- ‌6 - التمهيد للفتح:

- ‌8 - إكمال الإعداد:

- ‌9 - الزحف:

- ‌10 - الحصار:

- ‌11 - المناوشات:

- ‌12 - سفن البر:

- ‌13 - القتال البحري:

- ‌14 - تضييق الخناق:

- ‌15 - الحرب النفسية:

- ‌16 - اليأس:

- ‌17 - قبيل الهجوم العام:

- ‌18 - الهجوم العام:

- ‌19 - الفاتح في القسطنطينية:

- ‌20 - صدى الفتح:

- ‌21 - الفتوح:

- ‌22 - وقع النعي:

- ‌23 - الإنسان:

- ‌الخاتمة

- ‌(1)

- ‌(2)

- ‌(3)

- ‌(4)

- ‌(5)

- ‌أ) الفرد:

- ‌ب) الدولة:

- ‌المصادر

- ‌المَرَاجع

- ‌1 - المراجع العربية:

- ‌2 - المراجع التركية:

- ‌3 - المراجع الإنكليزية:

- ‌الفهرَس

الفصل: ‌ ‌الخاتمة ‌ ‌(1) لا تقتصر صفة القيادة على القادة العسكريين إلا في معناها

‌الخاتمة

(1)

لا تقتصر صفة القيادة على القادة العسكريين إلا في معناها الخاص، أما في معناها العام فتشمل قيادات شتَّى، كالقيادة السياسية، والقيادة الصناعية، والقيادة العلمية، والقيادة الفنية، والقيادة الدينية، والقيادة العائلية.

وإذا أردنا التوسع في أنواع القيادات، فإن كل فرد في المجتمع يمارس من خلال منصبه أو مهنته وفي بيته أو من موقع عمله، نوعاً معيناً من القيادة في نطاق واجبه الرسمي أو المهني أو الشخصي، فهو قائد يتحمَّل أعباء القيادة، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم:"كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته".

ولكن هناك قيادات كبيرة ذات مسؤوليات ضخمة وأهمية خاصة، وهناك قيادات أقل ضخامة وأهمية. وإذا جاز لنا أن نشبِّه كل نوع من أنواع القيادات بالهرم، فإن القيادات العليا هي قمة الهرم، وهذه هي المسيطرة الموجِّهة الرائدة؛ بينما تشكِّل القيادات الصغرى قاعدة الهرم، وهي ذات المسؤوليات المحدودة، ثم تتصاعد تلك

ص: 507

المسؤوليات كلما ارتفعت القيادات عن القاعدة واقتربت من القمة، ويمكن أن نطلق على درجات القيادات بين قمة الهرم وقاعدته تعبير: تسلسل القيادات.

وكل قائد يؤثِّر في أتباعه بمثاله الشخصي، فإذا كان مستقيماً صالحاً تأثَّروا باستقامته وصلاحه، وإذا كان منحرفاً فاسداً تأثَّروا بانحرافه وفساده.

وما أصدق المثل العربي القائل: "الناس على دين ملوكهم".

لذلك كان التزام القائد بالمثل العليا ضرورياً بالنسبة للقائد العسكري والقائد المدني أيضاً، وهذه المثل العليا التي هي العقيدة الصالحة هي من مزايا القائد المنتصر عسكرياً، وهي من سمات القائد المدني الناجح؛ فلا نصر في الحرب بدون عقيدة، ولا نجاح في السلام بدون عقيدة.

ولكن هناك فروقاً بين القيادة العسكرية والقيادة المدنية بأنواعها المختلفة، تجعل للعقيدة أهمية خاصة للقائد العسكري. وأستطيع أن أقول بكل اطمئنان وثقة: إن القائد العسكري بدون عقيدة راسخة يقود رجاله إلى كارثة وهزيمة ولا يقودهم إلى نصر أو ظفر أبداً.

وتاريخ الحروب في كل زمان ومكان خير دليل على ما أقول.

الفرق الأول بين القائد العسكري والقائد المدني، أن المثال الشخصي للقائد العسكري، يؤثِّر في أتباعه بسرعة خاطفة، ولا يظهر في أتباع القائد المدني بمثل تلك السرعة؛ لأن طبيعة عمل القائدين في السلم والحرب تؤدي إلى أن يكون تأثير القائد العسكري في أتباعه

ص: 508

حاسماً ومصيرياً إلى أبعد الحدود. ذلك لأن التماسَّ الشخصي بين القائد العسكري ومرؤوسيه أكثر بكثير مما هو عليه في القائد المدني وأتباعه، فالواجبات العسكرية تحتم أن يعيش القائد العسكري مع رجاله يومياً مدة طويلة، قد تبدأ غالباً قبل الدوام الرسمي وتنتهي بانتهاء الواجب اليومي دون التقيُّد بساعات عمل معينة محدودة، وقد يمكث العسكريون في الثكنة أو المعسكر أضعاف ما يمكثونه في دورهم وبين أهليهم.

كما أن القائد العسكري يواجه أتباعه يومياً في التدريب والتهذيب والمحاضرات وفي الواجبات العسكرية كالحراسات والخفارات - موجِّهاً ومراقباً، ومدرباً ومعلماً، ومرشداً ومقوِّماً.

لذلك وصف الجيش بأنه مدرسة الشعب، ووصف القادة بأنهم معلمو الشعب.

وتماسُّ القائد بأتباعه في أيام التدريب الإجمالي بعيداً عن المدن وفي أيام الحرب، يستمر كل الوقت ويستغرق كل ساعات الليل والنهار.

وأعرف كثيراً من الضبَّاط، أنكرهم أطفالهم الصغار حين عادوا إلى أهلهم من معسكرات التدريب أو من الحرب، لطول بقائهم بعيدين عن عوائلهم، وهذا ما لا يحدث بالنسبة للمدنيين إلا نادراً وفي ظروف شاذّة.

والفرق الثاني بين القائد العسكري والقائد المدني، أن التجنيد الإلزامي الذي تطبّقه أكثر الدول في العالم، جعل كل فرد من أفراد الشعب جندياً في الخدمة العملية أو في خدمة الاحتياط: منهم مَن يؤدِّي

ص: 509

الخدمة العسكرية، ومنهم مَن سيأتي دوره للخدمة العسكرية، ومنهم مَن تسرَّح من الجيش بعد أداء الخدمة العسكرية

وهذا يتيح للقائد العسكري الاتصال بمختلف أفراد الشعب باستمرار ويؤثِّر فيهم، بينما القائد المدني يؤثر في قطاع خاص محدود من أفراد الشعب ضمن نطاق واجبه ومحيطه.

والفرق الثالث، هو أن القائد العسكري يؤثر في أتباعه بإصدار الأوامر كقاعدة وبالإقناع كاستثناء، لأن طبيعة الحياة العسكرية تتسم بالضبط المتين وإطاعة الأوامر وتنفيذها دون تردُّد؛ بينما القائد المدني يؤثِّر في أتباعه بالإقناع كقاعدة وبإصدار الأوامر كاستثناء، لأن الحياة المدنية لا تتسم بالضبط المتين وإطاعة الأوامر بدون مناقشة واقتناع.

والذي يحدث عملياً أن الجندي المستجدّ (يتطبَّع) بسجايا قائده، وبمرور الزمن يصبح (التطبُّع) في الجندي (طبعاً)، فيقضي حياته في الخدمة العسكرية وحياته بعد انقضائها متَّجهاً إلى (الخير) إذا كان قائده (خيِّراً)، وإلى (الشر) إذا كان قائده (شريراً).

وقد رأيت جنوداً مسرَّحين، يعملون في واجبات مدنية، لا ينفكُّون يذكرون قادتهم العسكريين لأنهم أحسنوا تدريبهم وتربيتهم، فكانوا عناصر مفيدة في المجتمع لسلوكهم المتميِّز المستقيم، نتيجة لخدمتهم العسكرية بقيادة متميزة مستقيمة.

والفرق الرابع والأخير، هو أن القائد العسكري له أثر مصيري في شعبه ووطنه، لأنه بالعقيدة الراسخة يقود إلى النصر وبدونها يقود إلى الاندحار. أما القائد المدني فيكون تأثيره محليّاً لا شاملاً، ومرحلياً

ص: 510

لا مستداماً، ومحدوداً لا مصيرياً.

كان المرحوم الفريق الركن حسين فوزي يشغل منصب رئيس أركان الجيش العراقي عام 1938م.

وكان قائداً متميزاً في علمه وخلقه وحرصه واستقامته، وكان متمسّكاً بأهداب الدين الحنيف.

وفجأة انتشرت المساجد في الثكنات، وأقبل الضباط على الصلاة اقتداءً بقائدهم.

وفي يوم من الأيام وكنت يومها برتبة ملازم في مدرسة الخيَّالة، تلقينا إشارة من مقرّ المدرسة بأن والدة رئيس أركان الجيش قد توفيت، وسيشيَّع جثمانها إلى مثواه الأخير من جامع الإمام الأعظم في ضاحية (الأعظمية) القريبة من بغداد.

وتجمَّع ضباط مدينة بغداد في الجامع، فلما أقيمت الصلاة على المتوفاة، اصطفَّ جميع الضباط دون استثناء للصلاة! وكان الإنكليز مسيطرين على الجيش العراقي في ذلك الحين، فلم يستطيعوا السكوت عن هذا القائد طويلاً، وأحالوه على التقاعد قبل أن يكمل عاماً في منصبه الرفيع.

ولو بقي هذا القائد الطاهر في منصبه سنوات، لتبدَّل حال الجيش العراقي إلى أحسن حال.

ولكنَّ الاستعمار كان ولايزال بالمرصاد للقادة المتميّزين.

ص: 511