الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِيهَا فَاكِهِينَ 27 كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًاءَاخَرِينَ} [سورة الدخان 44: 25 - 28]. وصلَّى فيه صلاة الفتح ثماني ركعات لا يفصل بينهنّ (1).
8 - نماذج بطولية:
أ) وزحف البراء بن مالك أخو أنس بن مالك في معركة فتح (تُستر)(2) بين المسلمين والفرس مئة زحفاً، فاستشهد في آخرها بعد أن دعا ربه قائلاً:"اللهم اهزمهم لنا واستشهدني"(3).
وضيَّق المسلمون الحصار على (جَنْدَ يَسابور)(4)، وفجأة فتحت هذه المدينة أبوابها للمسلمين. وقال أهلها:"رميتم بالأمان فقبلناه وأقررنا بالجزية"، فقال المسلمون:"ما فعلنا"! وسأل المسلمون فيما بينهم، فإذا عبد يدعى (مُكْنِفاً) كان أصله من (جنديسابور) هو الذي كتب لهم هذا الأمان، فكتب أبو سَبرْة بن أبي رُهْم (5) إلى عمر، فكان جوابه:"إن الله عظَّم الوفاء، فلا تكونون أوفياء حتى تفوا، فما دمتم في شك أجيزوهم وفوا لهم"(6).
وقد سجل هذا الحادث عاصم بن عمرو التميمي بالشعر فقال: "لعمري لقد كانت قرابة (مكنفٍ) قرابة صدق ليس فيها تقاطع
(1) ابن الأثير 2/ 199.
(2)
تستر: أعظم مدينة بالأهواز من أرض إيران، انظر التفاصيل في معجم البلدان 2/ 386.
(3)
الطبري 3/ 181.
(4)
جنديسابور؛ مدينة حصينة واسحة بالأهواز، بها النخيل والزروع والمياه، انظر التفاصيل في معجم البلدان 3/ 149، والمسالك والممالك، ص 65.
(5)
انظر تفاصيل سيرته في قادة فتح بلاد فارس، ص 155 - 160.
(6)
الطبري 3/ 188، وابن الأثير 2/ 214، ومعجم البلدان 3/ 150.
أجارهمُ من بعد ذلٍّ وقلةٍ وخوف شديد والبلاد بلاقع فجاز جوار (العبد) بعد اختلافنا وردّ أموراً كان فيها تنازع إلى الركن والوالي المصيب حكومة فقال بحق ليس فيه تخالع" (1) وفي معركة (نهاوند)(2) قاتل النعمان بن مُقرّن المزنيّ (3)، وكان قائد المسلمين، حتى استشهد، فتناول الراية أخوه نُعَيم بن مُقرّن المزني (4)، قبل أن تقع، وسجّى النعمان بثوب، وكتم مصاب أخيه (5)، حتى لا يؤثر موته في معنويات رجاله.
وانتصر المسلمون، وفتحوا (نهاوند)، فجعلوا يسألون عن أميرهم النعمان، فقال لهم أخوه مَعْقِل:"هذا أميركم، قد أقرّ الله عينيه بالفتح وختم له بالشهادة".
ودخل المسلمون (نهاوند) فاتحين بعد هزيمة الفرس، وبذلك انتهت معركة (نهاوند) الحاسمة، التي أطلق عليها المؤرخون بحق اسم:(فتح الفتوح)(6).
وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه بالمدينة يتسقَّط أنباء المسلمين لا يكاد يذوق النوم إلا غراراً، فلما جاءه رسول المسلمين من (نهاوند) سأله:"ما وراءك"؟ قال: "البشرى والفتح". وسأل عمر:
(1) معجم البلدان 3/ 150.
(2)
نهاوند: مدينة عظيمة في قبلة همذان، بينهما ثلاثة أيام، انظر التفاصيل في معجم البلدان 8/ 329، والمسالك والممالك 118، وآثار البلاد وأخبار العباد 471.
(3)
انظر تفاصيل سيرته في: قادة فتح بلاد فارس 97 - 107.
(4)
انظر تفاصيل سيرته في: قادة فتح بلاد فارس 123 - 129.
(5)
الطبري 3/ 217.
(6)
المصدر السابق 3/ 219.
"وما فعل النعمان"؟ فقال: "زلّت فرسه في دماء القوم فصرع فاستشهد". قال عمر وقد أفزعه النبأ وهزه: "إنا لله وإنا إليه راجعون"! ولم يتمالك نفسه أن بكى حتى نشج، كأنما أصيب بأعز إنسان لديه.
وقال رسول المسلمين إلى عمر: "يا أمير المؤمنين! ما أصيب بعده (1) رجل تعرف وجهه"، فقال عمر:"أولئك المستضعفون من المسلمين، ولكن الذي أكرمهم بالشهادة يعرف وجوههم وأنسابهم، وما يصنع أولئك بمعرفة عمر"(2)!؟
ب) وقاتل عبد الرحمن بن ربيعة الباهلي الترك في (بلنجر)(3) حتى استشهد، فأخذ الراية أخوه سلمان بن ربيعة الباهلي، فنادى المنادي:"صبراً آل سلمان بن ربيعة"، فقال سلمان:"أوَترى جزعاً"(4)! وأعاد الكرة سلمان على الترك في منطقة (بلنجر) أيضاً، فاستشهد هناك (5).
وفي (قاليقلا)(6) حشد الروم حشوداً هائلة لقتال المسلمين،
(1) يقصد النعمان بن مقرّن المزني.
(2)
الخراج 41، وابن الأثير 3/ 6.
(3)
بلنجر: مدينة ببلاد الخزر خلف مدينة الباب، انظر التفاصيل في معجم البلدان 2/ 278.
(4)
الطبري 3/ 238 و 3/ 350، وابن الأثير 3/ 50.
(5)
البلاذري 206، والاستيعاب 2/ 633.
(6)
قاليقلا: مدينة بأرمينية من نواحي خلاط، انظر التفاصيل في معجم البلدان 7/ 17.
وكان على رأس الروم قائدهم الكبير (الموريان) فأجمع حبيب بن مَسْلمة الفِهري أن يبيّت (الموريان) قائد الروم؛ وسمعته امرأته يذكر ذلك، فقالت له:"وأين موعدك"؟ فقال: "سرادق موريان أو الجنة". وبيّتَهم حبيب وقتل مَن صادفه في طريقه، فلما وصل سرادق (موريان) وجد امرأته قد سبقته إليها (1).
واستعمل معاوية بن أبي سفيان على البحر حين كان على الشام أيام عثمان بن عفان: عبد الله بن قيس الحارثي حليف بني فزارة، فغزا خمسين غزاة بين شاتية وصائفة في البحر، ولم يغرق فيه أحد ولم ينكب، وكان يدعو الله ألا يبتليه بمصاب أحد من (جنده)، وقد استشهد وحده بعد أن هجم عليه العدو، فقاتلوه وقاتلهم (2).
وحاصر مسلمة بن عبد الملك حصناً من حصون الروم، فندب الناس إلى نقب فيه فما دخله أحد، فجاء رجل من عرض الجيش فدخله ففتح الله عليهم، فنادى مسلمة:"أين صاحب النقب"؟ فما جاءه أحد!
…
فنادى: "إني أمرتُ الآذِنَ بإدخاله ساعة يأتي، فعزمت إلا جاء"!
…
فجاء رجل فقال: "استأذن لي على الأمير"، فقال له:"أنت صاحب النقب"؟ فقال: "أنا أخبركم عنه"، فأذن له.
وقال الرجل للأمير: "إن صاحب النقب يأخذ عليكم ثلاثاً: ألا
تسوّدوا اسمه في صحيفة إلى الخليفة، ولا تأمروا له بشيء، ولا تسألوه
ممن هو"! فقال مسلمة: "ذلك له"! فقال الرجل: "أنا هو"! فكان
(1) البلاذري 201، والطبري 3/ 309، واسم امرأة حبيب: أم عبد الله بنت يزيد
الكلبية.
(2)
الطبري 3/ 317.