الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(2)
سأسلط الأضواء على ما جاء عن صفة: "العقيدة" في القائد العسكري مقتبسة من كتاب المشير مونتكومري (لورد) العَلَمَيْن وعنوانه: "السبيل إلى القيادة" الذي صدر في لندن سنة 1962، ويعتبر هذا الكتاب من آخر الكتب العسكرية المعتمدة التي صدرت أخيراً، ومن أهمها أيضاً.
وهذا الكتاب مبني على تجارب عملية استغرقت خمسين سنة في الخدمة العسكرية، تَدَرَّج خلالها مؤلفه من الرتب العسكرية الصغيرة إلى أعلى الرتب العسكرية، وشغل المناصب القيادية وواجبات الأركان في الحرب العالمية الثانية وبعدها في بريطانيا، وأصبح رئيساً لأركان حرب إنكلترا ونائباً للقائد الأعلى لحلف الأطلسي، كما أصبحت له شهرة عالمية بعد انتصاره في معركة (العَلَمَين) على قوات المحور التي كانت بقيادة المشير رومل، وفي الإنزال في نورماندي، حتى وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها.
يصف مونتكومري المسيح عليه السلام، بأنه أعظم زعيم عرفه التاريخ (1)، ولا غرابة في ذلك، لأنه مسيحي شديد التدين.
ويقول عن القائد: "يجب أن يكون القائد خادماً للحقيقة، وأن يجعل هذه الحقيقة لغرض عام. ثم يجب أن تكون لدى القائد قوة
(1) السبيل إلى القيادة - الباب الأول - ص (12).
(السجية) التي من شأنها أن توحي إلى الآخرين بأن يتبعوه عن ثقة. إن كلاً من الحقيقة والسجية ضروري للقائد، ويجب أن تشتمل السجية على قوة الإرادة.
"ولكن ما هي السجية؟ إذا أريد التعبير عنها بإيجاز فهي: أن تعرف ما تريده، وأن تملك العزم على عمله، وأن تعمله بطريقة توحي بالثقة إلى الناس الذين حواليك أو الذين أنت مسؤول عنهم.
"ويجب أن يكون القائد متفائلاً تفاؤلاً يسري تأثيره في مرؤوسيه، وأن يكون لديه العزم على الثبات في وجه المصاعب؛ ويجب أن يبعث الثقة في النفوس، معتمداً على المبادئ والموارد المعنوية في إنجاز عمله بصورة صحيحة، حتى عندما لا يكون هو نفسه واثقاً وثوقاً تاماً بالنتيجة المادية"(1).
ويقول: "إن العناصر الأساسية للقيادة توجد في الإنسان نفسه، في إخلاصه، وفي إيثاره، وفيما إذا كان لديه الحل الصحيح"(2).
ويتساءل: "هل من علاقة للدين بالقيادة"؟ ثم يجيب على تساؤله: "لا يستهوي القائد الكثيرين من الناس إن لم يتحلَّ بالفضائل الدينية"(3).
ومجمل الفضائل الدينية التي يراها مونتكومري هي (4):
(1) السبيل إلى القيادة - الباب الأول - ص (14).
(2)
السبيل إلى القيادة - الباب الأول - ص (15).
(3)
السبيل إلى القيادة - الباب الأول - ص (15).
(4)
ورد نصها في الباب الأول من كتابه "السبيل إلى القيادة"، ص (15 - 16).
"الهدى:
وهي عادة إرجاع جميع الأمور إلى الإرشاد الإلهي (1) وإلى هذه الفضيلة تستند الحكمة والإنصاف وحسن التصرف".
"العدالة:
وهي عادة إعطاء كل فرد حقه، حق الله والإنسان نفسه، وإلى هذه الفضيلة تستند الواجبات الدينية والطاعة والشكران، وكذلك النزاهة والاستقامة وحسن النية نحو الآخرين".
"الانضباط:
وهي السيطرة على النفس لغرض تطوير الطبيعة البشرية إلى أرفع المستويات، وللأغراض الشخصية والاجتماعية أيضاً، وإلى هذه الفضيلة يستند الطهر والتواضع والصبر".
"الجلادة:
وهي الروح التي تقاوم وتتحمل وتتغلب على محن الحياة وإغراءاتها، وإلى هذه الفضيلة تستند الشجاعة الأدبية والمثابرة وضبط النفس".
ثم يقول: "اجعل غرضك الأكبر واضحاً، ودع عنك كل ما يعرقل بلوغ هذا الغرض، وتمسَّك بقوة بكل ما يساعدك على بلوغه، ومن ثم تقدم نحو إدراكه بضمير حي نقي وبشجاعة وإخلاص، وبروح مجردة عن الأنانية"(2).
(1) يقصد الإيمان بالقضاء والقدر والثقة بالله سبحانه وتعالى ثقة مطلقة.
(2)
السبيل إلى القيادة - الباب الأول - ص (16).