الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم قال أيضاً: "يا نفسُ إلا تُقتلي تموتي هذا حمام الموت قد صليتِ وما تمنيتِ فقد أُعطيتِ إن تفعلي فعلهما هُدِيتِ" يريد صاحبيه: زيداً وجعفراً، ثم أخذ سيفه فتقدم وقاتل حتى قتل (1).
وأخذ الراية ثابت بن أرقم، فقال:"يا معشر المسلمين! اصطلحوا على رجل منكم"، فقالوا:"أنت"! فقال: "ما أنا بفاعل"! فاصطلح الناس على خالد بن الوليد، فلما أخذ الراية دافع القوم وحاشى (2) بهم، ثم انحاز وانحيز عنه، حتى انصرف بالناس (3).
10 - اختبار العقيدة:
وقاد عكاشة بن محصَن الأسدي سرية من المسلمين إلى (الغَمْر) غمر مرزوق، وهو ماء لبني أسد على ليلتين من (فيَد) طريق الأول إلى المدينة (4)، وعكاشة أسدي ولكنه قاتل قومه بني أسد.
وقاد أبو العوجاء السُّلَمي سرية من المسلمين ليقاتل قومه بني سُليَمْ، فدعاهم إلى الإسلام فلم يستجيبوا لدعوته، فقاتلهم (5).
وقاد الطُّفيل بن عمرو الدّوْسي سرية من المسلمين ليهدم
(1) سيرة ابن هشام 3/ 434 - 435.
(2)
حاشى من المحاشاة، وحاثى الناس: جمعهم وساقهم.
(3)
سيرة ابن هشام 3/ 435.
(4)
طبقات ابن سعد 2/ 84.
(5)
طبقات ابن سعد 2/ 123.
(ذا الكفين) صنم عمرو بن حممة الدّوسي، فخرج الطفيل سريعاً إلى قومه، وهدم (ذا الكفين)، وجعل يحش النار (1) في وجهه ويحرقه وهو يقول:"يا ذا الكفَّين لست من عُبَّادكا ميلادنا أقدم من ميلادكا إني حَشَشْتُ النار في فؤادكا (2) " وقاد الضحّاك بن سفيان الكلابي سرية من المسلمين ليقاتل قومه بني كلاب، فدعاهم إلى الإسلام فأبوا، فقاتلهم وهزمهم (3).
وبعث الرسول صلى الله عليه وسلم المغيرة بن شعبة إلى (اللاّت)، وكان سدنتها من ثقيف، فهدمها المغيرة وحرّقها بالنار (4).
وكانت قوات المسلمين في غزوة (الفتح) عشرة آلاف رجل، تتألف من المهاجرين والأنصار ومسلمي أكثر القبائل العربية يومذاك: سبعمئة من سُلَيم، وألف من مُزَينة، وأربعمئة من غِفار، وأربعمئة وألف من بني جُهَينة، وعدد من تميم وقيس وأسد وغيرها من القبائل الأخرى، فلم يتردد المهاجرون في قتال بلدهم مكة ومعهم قوات القبائل الأخرى بالرغم من وجود أهليهم وأموالهم فيها.
ز- وقبل الحركة إلى هذه الغزوة، خرج أبو سفيان بن حرب حتى قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة المنورة، فدخل على ابنته أم حبيبة بنت أبي سفيان، فلما ذهب ليجلس على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم طوته
(1) حشّ النار: جمع لها الوقود. وحش النار: حرّكها لتتقد.
(2)
طبقات ابن سعد 2/ 157، وسيرة ابن هشام 1/ 410.
(3)
طبقات ابن سعد 2/ 162 - 163.
(4)
كتاب الأصنام للكلبي ص 16 - 17.
عنه، فقال:"يا بنية! ما أدري، أرغبت بي عن هذا الفراش، أم رغبتِ به عني"؟! فقالت: "بل هو فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنت رجل مشرك نجس، فلم أحب أن تجلس على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: "والله لقد أصابك يا بنية بعدي شر" (1)!!.
ولما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم (مرّ الظهران) قبل أن يدخل مكة، ركب أبو سفيان خلف العباس بن عبد الطلب عم النبي صلى الله عليه وسلم في عجز بغلة الرسول صلى الله عليه وسلم. قال العباس: "فجئت به، كلما مررت بنار من نيران المسلمين قالوا: عم رسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلته، حتى مررت بنار عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقال: مَن هذا؟! وقام إليّ، فلما رأى أبا سفيان على عجز الدابة قال: أبو سفيان عدو الله!! الحمد لله الذي أمكن منك بغير عقد ولا عهد! ثم خرج يشتد نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم. وركَضْتُ البغلة، فسبقته بما تسبق الدابة البطيئة الرجل البطيء؛ فاقتحمت على البغلة، فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودخل عمر، فقال: يا رسول الله! هذا أبو سفيان قد أمكن الله منه بغير عقد ولا عهد، فدعني فلأضرب عنقه! فقلت: يا رسول الله! إني قد أجرته
…
ثم جلست إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذت برأسه وقلت: والله لا يناجيه الليلة دوني رجل.
فلما أكثر عمر في شأن أبي سفيان قلت: مهلاً يا عمر! فو الله أن لو كان من رجال بني عَديّ بن كعب (قوم عمر) ما قلت هذا، ولكنك عرفتَ أنه من رجال بني عبد مناف! فقال: مهلاً يا عباس! فوالله لإسلامك يوم أسلمتَ كان أحبّ إليّ من إسلام الخطاب لو أسلم، وما بي إلا أني قد عرفت أن إسلامك كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من إسلام الخطاب لو أسلم" (2).
(1) سيرة ابن هشام 4/ 12 - 13.
(2)
المصدر السابق 4/ 21 - 22.