الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ووقع لجنبه، فقتلوا مَن كان عليه (1).
7 - في فتح المدائن:
وحين عزم سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه على فتح (المدائن) عاصمة كسرى، جمع الناس فحمد الله وأثنى عليه وقال:"إن عدوّكم قد اعتصم منكم بهذا البحر (2)، فلا تخلصون إليه معه وهم يخلصون إليكم إذا شاؤوا، فيناوشونكم في سفنهم؛ وليس وراءكم شيء تخافون أن تؤتوا منه، فقد كفاكموهم أهل الأيام، وعطّلوا ثغورهم، وأفنوا ذادتهم. وقد رأيت من الرأي أن تبادروا جهاد العدو بنياتكم قبل أن تحصركم الدنيا، ألا إني قد عزمت على قطع هذا البحر إليهم". فقالوا جميعاً: عزم الله لنا ولك على الرشد، فافعل
…
وندب سعد الناس إلى العبور قائلاً: "مَن يبدأ ويحمي لنا الفراض (3) حتى تتلاحق به الناس لكيلا يمنعوهم من الخروج"؟ فانتدب له عاصم بن عمرو التميمي ذو البأس، وانتدب بعده ستمئة من أهل النجدات، فاستعمل سعد عليهم عاصماً (4).
وسار عاصم فيهم حتى وقف على شاطئ دجلة وقال: "مَن ينتدب (معي) لنمنع الفراض من عدوكم ولنحميكم حتى تعبروا"؟ فانتدب له ستون جعلهم نصفين على خيول إناث وذكور، ليكون أساس
(1) الطبري 3/ 62.
(2)
يريد نهر دجلة.
(3)
جمع فرضة. والفرضة: المكان الذي يحتله الجنود في الضفة الثانية من النهر، لحماية عبور الجنود الآخرين إلى تلك الضفة. ويطلق عليها تعبير:(رأس الجسر Head bridge) .
(4)
الطبري 3/ 119 - 120.
العوم الخيل، ثم اقتحموا دجلة واقتحم بقية الستمئة على أثرهم. فلما رآهم الأعاجم وما صنعوا، أعدوا للخيل التي تقدمت للعبور مثلها، فاقتحموا عليهم دجلة وأعاموها إليهم، فلقوا عاصماً في الخيل الأمامية المتقدمة وقد دنا من الفراض، فقال عاصم: "الرماح
…
الرماح
…
! أشرعوها وتوخوا العيون، فالتقوا، فاطعنوا"، فقتل المسلمون عامة الفرس، ونجا مَن نجا منهم عوراناً (1).
ولما رأى سعد عاصماً على الفراض قد منعها، أذن للناس في الاقتحام وقال: "قولوا نستعين بالله ونتوكل عليه
…
حسبنا الله ونعم الوكيل. والله لينصرن الله وليّه وليظهرنّ دينه وليهزمنّ عدوّه، ولا قوّة إلا بالله العلي العظيم". وتلاحق الناس فى دجلة، وإنهم يتحدثون كما يتحدثون في البر
…
ثم خرجوا منه إلى البر ولم يفقدوا شيئاً، إلا أن مالك بن عامر العنبري سقط منه قدح، فقال:"والله إني لعلى حالة ما كان الله ليسلبني قدحي من بين العسكرين"، فلما عبروا ألقته الريح إلى الشاطئ، فتناوله بعض الناس وعرفه صاحبه (2).
وكان أول مَن دخل (المدائن) عاصمة كسرى كتيبة الأهوال بقيادة عاصم بن عمرو التميمي، ثم الكتيبة الخرساء بقيادة أخيه القعقاع بن عمرو التميمي، فأخذوا في سككها لا يلقون فيها أحداً يخشونه. ونزل سعد القصر الأبيض ثلاثاً، واتخذ إيوان كسرى مصلى دون أن يغيِّر ما فيها من تماثيل، وقرأ في صلاة الفتح حين صلى في إيوان كسرى: {كَمْ تَرَكُوا مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ 25 وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ 26 وَنَعْمَةٍ كَانُوا
(1) الطبري 3/ 120.
(2)
الطبري 3/ 122، وابن الأثير 2/ 198.