الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَع التراث العَرَبي الإسْلَامي
(1)
إن تراثنا العربي الإسلامي، عريق جداً في ذكر صفات القائد بكل دقة وشمول، بحيث يَعجب المتتبع لهذا التراث بأصالة بحوثه العسكرية ودقتها وشمولها، وحتى ليخيل إليه أن صفات القائد في تراثنا أكثر دقة وأعمق تفصيلاً وأشمل بحثاً مما هي عليه في الكتب الأجنبية الصادرة في القرن العشرين.
إن العرب قادوا الحضارة العالمية قروناً طويلة، وحين كان العرب في المشرق والمغرب يعيشون بنور العلم والمعرفة، كان الغرب في ظلام الجهل والتخلّف.
وقد كانت آثار العرب العلمية التي انبعثت من الأندلس إلى أوروبا، وآثارهم التي اقتبسها الصليبيون من المشرق العربي في أيام الحروب الصليبية ويمَّموا بها شطر بلادهم، هي الأسس الرصينة لحضارة أوروبا منذ عصر النهضة حتى اليوم.
ومن هذه الحضارة العربية الإسلامية العريقة: العلوم العسكرية، فقد اقتبسها الأوروبيون من العرب ثم طوّروها، فأصبحت شاهقة البنيان على أسس عربية إسلامية متينة.
والتراث العربي الإسلامي في الناحية العسكرية، يملأ مكتبات أوروبا ومتاحفها، وتزخر به مكتبات المخطوطات العربية في شتى أصقاع الدنيا. وحسبنا أن نذكر كتاب:(فهرست ابن النديم)، الذي عدَّد فيه:"الكتب المؤلفة في الفروسية وحمل السلاح، وآلات الحرب والتدبير والعمل بذلك لجميع الأمم"، لنلمس بوضوح أي تراث عسكري أصيل كان للعرب والمسلمين منذ أقدم العصور.
ومن موازنة ما جاء في: (فهرست ابن النديم) عن الكتب العسكرية التي اطّلع عليها هو في عصره، بالكتب العسكرية العربية الإسلامية المعروفة في الوقت الحاضر، يتبين لنا أن كثيراً من التراث العربي الإسلامي في العلوم العسكرية لا يزال مفقوداً (1).
ولكن ما وصل إلينا من المخطوطات العسكرية العربية، يدل على أن العرب المسلمين بلغوا شأواً بعيداً في العلوم العسكرية، وأنهم لم يقتصروا على الفلسفة والعلوم العقلية والنقلية والتاريخ وعلوم القرآن والحديث والأدب، بل كان لهم في العلوم العسكرية الفنية باع طويل وقدم راسخة.
وإذا كانت العلوم والآداب والفنون التي أتقنها العرب والمسلمون مهمة إلى أبعد الحدود لمسيرة الحضارة العالمية، فإن العلوم العسكرية لا تقل أهمية في حال من الأحوال عن العلوم والآداب والفنون الأخرى، لأنه بتطبيق هذه العلوم عملياً صان العرب حضارتهم ونشروا معارفهم وحموها من الغزو الخارجي.
(1) ابن النديم: الفهرست، ص (314 - 315)، بيروت - 1964.