الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(2)
كتاب العلم
من الصحاح:
83 -
147 - قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" بلغوا عني ولو آية ، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ، ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار " رواه عبد الله بن عمرو.
(كتاب العلم)
(من الصحاح):
" عن عبد الله بن عمر [و] رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: بلغوا عني ولو آية " الحديث.
إنما قال:"ولو آية" ولم يقل: حديثا ، إما لشدة اهتمامه بنقل الآيات ، لأنها هي الباقية من بين سائر المعجزات ، ولأن حاجتها إلى الضبط والنقل أمس ، إذ لا مندوحة لها عن تواتر ألفاظها.
وإما للدلالة على تأكد الأمر بتبليغ الحديث ، فإن الآيات - مع اشتهارها وكثرة حملتها ، وتكفل الله سبحانه وتعالى بحفظها عن
الضياع والتحريف – واجبة التبليغ مأمورة النقل ، فكيف بالأحاديث ، فإنها قليلة الرواة قابلة للإخفاء والتغيير؟!
وقوله " حدثوا عن بني إسرائيل " تجويز وإباحة للتحدث عنهم ، ولا حرج بفرقة بين الأمرين ،فإن قول القائل: افعل هذا ولا حرج = يفيد الإباحة عرفا ورفع الحرج المفهوم من قوله: (أمتهوكون أنتم؟) ونحوه.
وإنما يجوز التحث عنهم إذا لم ير كذب ما قاله علما أو ظنا ، لقوله عليه السلام:" من حدث بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين " روي بضم الياء بمعنى: يظن ووبفتحها من قولهم: فلان يرى ،من الرأي كذا ، وإنما سماه كاذبا ، لأنه يعين المفتري ، ويشاركه بسبب نشره وإشاعته.
…
84 -
149 – وقال صلى الله عليه وسلم:" من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين ، وإنما أنا قاسم والله يعطي ، ولا تزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك ". رواه معاوية رضي الله عنه.
" في حديث معاوية: إنما أنا قاسم ، والله يعطي ".
معناه: أنا قاسم أقسم العلم بينكم ، فالقي إلى كل واحد ما يليق به ووالله سبحانه وتعالى يوفق من يشاء منكم لفهمه والتفكر في
معناه ، والعمل بمقتضاه.
…
85 – 150 – وقال صلى الله عليه وسلم:" الناس معدن كمعادن الذهب والفضة خيارهم في الإسلام خيارهم في الجاهلية إذا فقهوا "، رواه أبو هريرة رضي الله عنه.
" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الناس معادن كمعادن الذهب والفضة " الحديث.
(المعدن): المستقر والمستوطن ، من (عدنت البلد) إذا توطنته ، فكما أن المعدن منها ما لا يحصل منه شيء يعبأ به ،ومنها ما يحصل بكد وتعب كثير شيء يسير ، ومنها ما هو بعكس ذلك ، ومنها ما يظفر فيه بمغارات مملوءة من الذهب الإبريز ، فمن الناس من لا يعي ولا يفقه ولا تغني عنه الآيات والنذر ، ومنهم من يحصل له علم قليل بسعي واجتهاد طويل ، ومنهم من أمره بالعكس ،ومنهم من يفيض عليه من حيث لا يحتسب بلا شوق وطلب معالم كثيرة ، وتنكشف له المغيبات ، ولم يبق بينه وبين القدس حجاب ز
…
86 – 151 – وقال صلى الله عليه وسلم:" لا حسد إلا في اثنتين ك رجل أعطاه الله مالا فسلطه على هلكته في الحق ، ورجل آتاه الله حكمة فهو يقضي
بها ويعلمها "، رواه ابن مسعود رضي الله عنه ز
" عن ابن مسعود رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا حسد إلا في اثنتين "الحديث.
(الحسد) في الأصل: عبارة عن أن يتمنى الرجل زوال نعمة غيره وانتقالهـ[ا] إليه ، وهو بهذا المعنى مذموم كله ، وقد يطلق ويراد به الغبطة: وهو أن يتمنى حصول مثلها له ، وهو بهذا المعنى حسن مرضي إذا كان المتمنى ما يتقرب به إلى الله ، كطلب المال للإنفاق في الخير والعلم للعمل به وإرشاد الخلق.
…
87 – 152 – وقال صلى الله عليه وسلم:" إذا مات ابن الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له "،رواه ابو هريرة رضي الله عنه.
" عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا مات ابن آدم انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة "الحديث.
لما ثبت أنه سبحانه يثيب المكلف بكل فعل يتوقف وجوده توقفا بوجه ما على كسبه ، سواء فيه المباشرة والتسبب ووكان ما يتجدد حالا فحالا من منافع الوقف وويصل إلى المستحقين من نتائج فعل الواقف ، واستفادة المتعلم من مآثر المتقدمين وتصانيفهم بتوسط
إرشادهم ، وصالحات أعمال الولد تبعا لوجوده الذي هو مسبب عن فعل الوالد = كان ثواب ذلك لاحقا بهم ، غير منقطع عنهم.
فإن قلت: قوله صلى الله عليه وسلم:" من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة وومن سن سنة سيئة فله وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة "، وقوله عليه السلام:"كل ميت يختم على عمله ، إلا المرابط في سبيل الله ، فإنه بنمو له عمله إلى يوم القيامة "يكاد يخل بهذا الحصر ، سيما الحديث الأخير ، فإنه ينافي قطريه؟
قلت: أما قوله: " من سن سنة حسنة " فغير خارج عن هذه الأقسام ، فإن وضع السنن وتأسيسها من باب التعليم.
وأما قوله:" من سن سنة سيئة " فالمراد به المعاصي ، والمراد بالعمل هاهنا: الطاعة ، لغلبته فيه ، فلا تعارض.
وأما قوله:" كل ميت يختم على عمله " فمعناه: أن الرجل إذا مات لا يزاد في ثواب ما عمل ، ولا ينقص منه شيء وإلا الغازي ، فإن ثواب مرابطته ينمو ويضاعف ، وليس فيه ما يدل على أن عمله يزاد بضم غيره أو لا يزاد.
…
88 – 153 – وقال:" من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ، ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة
والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه وومن سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة ، وما اجتمع قوم في مسجد من مساجد الله تعالى يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة ووغشيتهم الرحمة ، وحفت بهم الملائكة ، وذكرهم الله فيمن عنده ، ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه ط، رواه أبو هريرة رضي الله عنه.
" وعنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ك من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة "الحديث.
" نفس " بمعنى: فرج ، والنفس: السعة يقال: فلان في نفس من أمره ،أي: سعة.
و"الكربة ": الغم ،وجمعها: الكرب ، والكربية: الشدة ز
وقوله:"غشيتهم " أي غطتهم وأحاطت بهم ، و" السكينة ": الوقار والطمأنينة ، مأخوذة من: السكون ، و" حفت بهم ": أحدقتهم وأحاطت بهم ، من: الحفيف وهو الجانب.
والمراد بـ (من عنده): الملأ الأعلى والطبقة الأولى من الملائكة.
وقوله:" من بطأ به [عمله] لم يسرع به نسبه " أي: من أخره عمله لسوئه أو قصوره ، لم يقدمه شرف نسبه.
89 – 156 – وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخولنا بالموعظة في الأيام كراهة السآمة علينا.
" عن ابن مسعود رضي الله عنه كأنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخولنا بالموعظة كراهة السآمة علينا".
" يتخولنا ": يتعهدنا ، من: خال يخول خولا ، وروي:" يتخوننا "، والمعنى واحد.
و" السآمة ": الملال ، يقال: سئم – بالكسر – يسأم سآمة.
قال زهير:
سئمت تكاليف الحياة ومن يعش
ثمانين حولا لا محالة يسأم
والمعنى: أنه يراقبنا ويحافظ على أريحيتنا ، زلا يكثرنا الوعظ ، حذرا عن الملال.
…
90 – 160 – وقال:" لا تقتل نفس ظلما إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها ، لأنه أول من سن القتل "، رواه ابن مسعود رضي الله عنه.
" وعنه أنه – عليه السلام – قال: لا تقتل نفس ظلما إلا كان على
ابن آدم الأول كفل من دمها ".
معناه: قابيل أول ولد ولد لآدم ، بسبب أنه سن القتل في بني آدم بقتله أخاه هابيل ظلما ز
" كفل " أي: نصيب من دم كل امريء يقتل ظلما.
…
من الحسان:
91 – 161 – عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من سلك طريقا يطلب فيه علما سلك الله به طريقا من طرق الجنة ،وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضا لطالب العلم ، وإن العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض ، والحيتان في جوف الماء ، وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب ، وإن العلماء ورثة الأنبياء ، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما ووإنما ورثوا العلم ، فمن أخذه أخذ بحظ وافر".
" عن أبي الدرداء رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من سلك طريقا يطلب فيه علما سلك الله به طريقا إلى الجنة " الحديث.
نكر العلم ، ليتناول أنواع العلوم الدينية ، ويندرج فيه القليل والكثير.
و (وضع الملائكة أجنحتها لطالب العلم): مجاز عن الانقياد له
والانعطاف عليه ، كقوله تعالى:{واخفض لهما جناح الذل من الرحمة} [الإسراء:24] أو عن تسهيل مسلكه والإسراع به إلى متوجهه ومقصوده.
وإنما يستغفر له أهل السماوات ، لأنهم عرفوا بتعريفه وعظموا بقوله ، وأهل الأرض لأن بقاءهم وصلاحهم مربوط برأيه وفتواه ووالعبادة كمال ونور يلازم ذات العابد ولا يتخطاه ، فشابه نور الكواكب ، والعلم كمال يوجب للعالم في نفسه شرفا وفضلا ، ويتعدى منه إلى غيره فيستضيء بنوره ويكمل بواسطته ، لكنه كمال ليس للعالم من ذاته ، بل نور يتلقاه من النبي صلى الله عليه وسلم ، ولذلك شبهه بالقمر.
…
92 -
163 – وقال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الناس لكم تبع ، وإن رجالا يأتونكم من أقطار الأرض يتفقهون في الدين ، فإذا أتوكم فاستوصوا بهم خيرا ".
" وفي حديث أبي سعيد رضي الله عنه: استوصوا بهم خيرا ".
أي: وصوا ، وتحقيقه: اطلبوا الوصية والنصيحة لهم عن أنفسكم.
…
93 – 164 – وقال:" الكلمة الحكمة ضالة الحكيم ، فحيث وجدها فهو أحق بها "،رواه أبو هريرة رضي الله عنه ، غريب.
" عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: الكلمة الحكيمة ضالة الحكيم ،
فحيث وجدها فهو أحق بها ".
" الكلمة " هاهنا بمعنى: الكلام ، و" الحكمة ": المحكمة ، وهي التي تدل على معنى فيه دقة الحكيم الفطن المتقن ، الذي له غور في المعاني و (ضالته): مطلوبه.
والمعنى: أن الناس متفاوتة الإقدام في فهم المعاني واستنباط الحقائق المحتجبة واستكشاف الأسرار المرموزة ، فمن قصر فهمه عن إدراك حقائق الآيات ودقائق الأحاديث ينبغي أن لا ينكر على من رزق فهمها ، وألهم تحقيقها ، ولا ينازع فيها ، كما لا ينازع صاحب الضالة في ضالته إذا وجدها ، وأن من سمع كلاما ولم يفهم معناه ،أو لم يبلغ كنهه فعليه أن لا يضيعه ، ويحمله إلى من هو أفقه منه ، فلعله يفهم منه ما لا يفهمه ، ويستنبط ما لا يتأتى له أن يستنبط ، كما أن الرجل إذا وجد ضالة في مضيعة فسبيله أن لا يضيعـ[ها] ، بل يأخذها ويتفحص عن صاحبها حتى يجده ، فيرد [ها] عليه ، وأن العالم إذا سئل عن معنى ،ورأى في السائل دراية وفطانة يستعد بها فهمه ، فعليه أنه يعلمه ولا يمنع منه.
…
94 – 165 – وقال:" طلب العلم فريضة على كل مسلم "،رواه أنس رضي الله عنه.
" عن أنس رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: طلب العلم فريضة على كل مسلم ".
المراد من (العلم): ما لا مندوحة للعبد من تعلمه ، كمعرفة الصانع ، والعلم بوحدانيته ، ونبوة رسوله ، وكيفية الصلاة ، فإن تعلمه فرض عين.
…
95 – 167 – وقال:" خصلتان لا تجتمعان في منافق: حسن سمت ، ولا فقه في الدين " رواه أبو هريرة رضي الله عنه.
" وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: خصلتان لا تجتمعان في منافق: حسن سمت ، ولا فقه في الدين ".
(السمت) في الأصل: الطريق ، ثم استعير لهدي أهل الخير، يقال: ما أحسن سمته! أي ك هديه.
96 – 172 – وقال:" من طلب العلم ليجاري به العلماء ، أو ليماري به السفهاء ، أو يصرف وجوه الناس إليه أدخله الله النار "، رواه كعب بن مالك رضي الله عنه.
" وعن كعب بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من طلب العلم ليجاري به العلماء "الحديث.
(المجاراة): المفاخرة ،مأخوذ من (الجري) لأن كل واحد
من المتفاخرين يجري مجرى الآخر.
و (المماراة): المحاجة والمجادلة ،من (المرية) وهو الشك ، فإن كل واحد من المحاجين يشك فيما يقوله صاحبه ، أو يشككه بما يورد على حجته ،أو من (المري) ، وهو مسح الحالب الضرع ليستنزل اللبن ، فإن كلا من المتناظرين يستخرج ما عند صاحبه.
و (السفهاء): الجهال ، فإن عقولهم ناقصة مرجوحة بالإضافة إلى عقول العلماء.
…
97 – 173 – وقال:" من تعلم علما مما ينبغي به وجه الله ، لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضا من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة " يعني: ريحها ، رواه أبو هريرة رضي الله عنه.
" وعنه: أنه – عليه السلام – قال: من تعلم علما مما يبتغى به وجه الله لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضا من الدنيا لم يجد عرف الجنة "أي: ريحها.
…
98 – 174 – وقال:" نضر الله عبدا سمع مقالتي فحفظها ووعاها وأداها فرب حامل فقه غير فقيه ، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ".
وقال:" ثلاث لا يغل عليهن قلب مسلم: إخلاص العمل لله ، والنصيحة للمسلمين ، ولزوم جماعتهم ، فإن دعونهم تحيط من ورائهم ".رواه ابن مسعود رضي الله عنه.
" عن ابن مسعود رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: نضر الله امرأ سمع مقالتي فحفظها " الحديث.
(النضرة): الطراوة والبهاء ، والنضر والنضار والنضير: الذهب الخالص وكل جوهر خالص صافي اللون ، و (نضر) يجيء لازما ومتعديا ، يقال: نضر وجهه ، ونضر الله وجهه ، وبمعناه: نضر – بالضم – نضارة ، ونضر ، بالكسر ، وروي:(نضر الله) – بالتشديد – بمعنى: نعمه ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثل عمله ، فإنه جدد بحفظه ونقله طراوة الدين وجلبابه.
" فرب حامل فقه ": إشارة إلى فائدة النقل والداعي إليه.
وقوله:" ثلاث لا يغل عليهن " إلى آخره: استئناف فيه تأكيد لما قبله فإنه – عليه السلام – لما ذكر ما يحرض على تعلم السنن ونشرها ، قفاه برد ما عسى يعرض مانعا – وهو الغل – من ثلاثة أوجه:
أحدها: أن تعلم الشرائع ونقلها ينبغي أن يكون خالصا لوجه الله ، مبرأ عن شوائب المطامع والأغراض الدنيوية ، وما كان كذلك لا يتأثر عن الحقد والحسد ، وغيرهما مما يتعلق بأمور الدنيا ،ولا يليق بأمر الآخرة.
وثانيها: أن أداء السنن إلى المسلمين نصيحة لهم ، وهي من
وظائف الأنبياء ، فمن تعرض لذلك وقام به ، كان خليفة لمن يبلغ عنه ، وكما لا يليق بالأنبياء أن يهملوا أعاديهم ويعرضوا عنهم ، ولا ينصحوا لهم ، لا يحسن من حامل الأخبار وناقل السنن أن يمنحها صديقه ، ويمنع عدوه.
وثالثها: أن التناقل والتحاور ونشر الأحاديث إنما يكون في أغلب الأمر بين الجماعات ، فحث على لزومها ، ومنع عن التأبي عنها لحقد وضغينة تكون بينه وبين حاضريها = تبيان ما فيها من الفائدة العظمى ، وهو إحاطة دعائهم من ورائهم ، فيحرسهم عن مكائد الشيطان وتسويله.
وروي: (لا يغل) على بناء المفعول و (لا يغل)،من (الإغلال) بمعنى: الخيانة ، أي: لا يخون قلب مسلم في هذه الأشياء الثلاثة ، وعلى هذا: المقصود من ذلك هو الحث على الإخلاص.
…
99 -
177 - وقال:" من قال في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ " رواه جندب رضي الله عنه.
" وعن جندب أنه عليه السلام قال: من قال في القرآن برأيه ، فأصاب فقد أخطأ ".
المفسر للقرآن برأيه: من شرع في التفسير من غير أن يكون له وقوف على لغة العرب ووجوه استعمالها ، من الحقيقة والمجاز
والمجمل والمفصل والعام والخاص ، وعلم بأسباب نزول الآيات والناسخ والمنسوخ منها ، وتعرف لأقوال الأئمة وتأويلاتهم ، وهو - وإن اتفق له أن يوافق ما قاله المراد بالآية والمعنى بها - فهو مخطيء من حيث إنه ضل السبيل ، وقال ما قاله من غير سند ودليل.
…
100 -
178 - وقال:" المراء في القرآن كفر " رواه أبو هريرة رضي الله عنه.
" وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أنه عليه السلام قال: المراء في القرآن كفر ".
المراد بـ (المراء فيه): التدارؤ ، وهو أن يروم تكذيب القرآن بالقرآن ، ليدفع بعضه ببعض ، فيطرق إليه قدحا وطعنا ، ومن حق الناظر في القرآن أن يجتهد في التوفيق بين الآيات والجمع بين المختلفات ما أمكنه ، فإن القرآن يصدق بعضه بعضا ، فإن أشكل عليه شيء من ذلك ، ولم يتيسر له التوفيق ، فليعتقد أنه من سوء فهمه ، وليكله إلى عامله ، وهو الله تعالى ورسوله عليه السلام ، كما قال تعالى:{فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول} [النساء: 59].
101 -
181 - وقال:" أنزل القرآن على سبعة أحرف ، لكل آية
منها ظهر وبطن ، ولكل حد مطلع "، رواه ابن مسعود رضي الله عنه.
" عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنزل القرآن على سبعة أحرف ، لكل آية منها ظهر وبطن ، ولكل حد مطلع ".
قيل: أراد بها: اللغات السبع المشهود لها بالفصاحة من لغات العرب ، وهي: لغة قريش ، وهذيل ، وهوازن ، واليمن ، وبني تميم ، ودوس ، وبني الحارث.
وقيل: أراد بها: القراءات السبع المعروفة التي اختارها الأئمة السبعة ، وهم: عاصم ، وحمزة ، والكسائي من أهل الكوفة ، وابن كثير من مكة ، ونافع من المدينة ، وأبو عمرو من البصرة ، وابن عامر من الشام.
وقيل: أراد به: أجناس الاختلافات التي تؤول إليها اختلافات القراءات ، فإن اختلافها إما أن يكون في المفردات أو المركبات ، والثاني كالتقديم والتأخير ، مثل:{وجاءت سكرة الموت بالحق} [ق: 19].
و (جاءت سكرة الحق بالموت)، والأول إما أن يكون بوجود الكلمة وعدمها مثل:{فإن الله هو الغني الحميد} [الحديد: 24] ، قريء بالضمير وعدمه ، أو بتبديل الكلمة بغيرها مع اتفاق المعنى ،مثل:{كالعهن المنفوش} [القارعة: 5] ، و (كالصوف المنفوش)، أو اختلافه مثل:{وطلح منضود} [الواقعة:29] و (طلع منضود)، وبتغييرها إما بتغيير هيئة كإعراب مثل:{هن أطهر لكم} [هود: 78] بالرفع والنصب ، أو صورة مثل:{وانظر إلى العظام كيف ننشزها} [البقرة:259] و (ننشرها)
أو حرف ، مثل:{باعد} و {بعد} {بين أسفارنا} [سبأ:19].
وقيل: أراد [أن] في القرآن ما هو مقروء على سبعة أحرف أو أوجه ، كقوله تعالى {فلا تقل لهما أف} [الإسراء] ، فإنه قريء بالضم ، والفتح والكسر منونا ، وغير منون والسكون.
وقيل: معناه: أنه أنزل مشتملا على سبعة معان: الأمر ، والنهي ، والقصص ، والأمثال ، والوعد ، والوعيد ، والموعظة.
وأقول: المعاني السبعة هي: العقائد ، والأحكام ، والأخلاق ، والقصص ، والأمثال ووالوعد والوعيد.
وقوله (ولكل آية ظهر وبطن) قيل: ظهر الآية: لفظها المتلو ، وبطنها: معناها الذي يفهم منه ، وقيل: ظهرها: ما ظهر منها من المعنى الجلي المكشوف ، وبطنها: ما خفي من معناها ، ويكون سرا بين الله تعالى وبين المصطفين من أوليائه.
" ولكل حد مطلع " أي: لكل حد وطرف من الظهر والبطن مطلع ، أي: مصعد ، أو موضع يطلع عليه بالترقي إليه ، فمطلع الظاهر: تعلم العربية والتمرن فيها ، ويتبع ما يتوقف عليه معرفة الظاهر من أسباب النزول والناسخ والمنسوخ وغيرذلك ، ومطلع الباطن: تصفية النفس ، والرياضة بآداب الجوارح في اتباع مقتضى الظاهر والعمل بمقتضاه ، كما قال عليه السلام:" من عمل بما علم ، ورثه الله علم ما لم يعلم ".
102 – 182 - وقال:" العلم ثلاثة: آية محكمة ، أو سنة قائمة ، أو فريضة عادلة ، وما كان سوى ذلك فهو فضل "، رواه عبد الله ابن عمرو رضي الله عنه.
" وقال عليه السلام: [العلم] ثلاثة: آية محكمة ، أو سنة قائمة ، أو فريضة عادلة ، وما كان سوى ذلك فهو أفضل ".
قيل: المراد بـ (الآية المحكمة): الثابتة الباقي حكمها من القرآن وبـ (السنة القائمة): الحديث الصحيح المستقيم سنده وبـ (الفريضة العادلة):الأحكام.
…
103 – 185 – وقال معاوية رضي الله عنه: إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الأغلوطات.
" وعن معاوية: أنه عليه السلام: نهى عن الأغلوطات ".
" الأغلوطات " جمع: أغلوطة ، وهي أفعولة ، من (الغلط) كالأحدوثة ، يريد بها: المسائل التي يغالط بها المفتي ، ليشوش فكره ، ويسقط رأيه.
(3)
كتاب الطهارة