المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

136 - 287 - وعن عمرو بن شعيب عن أبيه - تحفة الأبرار شرح مصابيح السنة - جـ ١

[ناصر الدين البيضاوي]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة الأولىفي بيان طريق روايتي لهذا الكتاب

- ‌المقدمة الثانيةفي بيان فضل الفن من العلم على سائر الفنون

- ‌المقدمة الثالثةفي بيان تناسب الكتاب والسنة

- ‌المقدمة الرابعةفي بيان أنواع الحديث

- ‌كتاب الإيمان

- ‌ باب

- ‌ بابالكبائر وعلامات النفاق

- ‌فصلفي الوسوسة

- ‌ بابالإيمان بالقدر

- ‌ بابإثبات عذاب القبر

- ‌ بابالاعتصام بالكتاب والسنة

- ‌كتاب العلم

- ‌كتاب الطهارة

- ‌ بابما يوجب الوضوء

- ‌ بابأدب الخلاء

- ‌ بابالسواك

- ‌ بابسنن الوضوء

- ‌ بابالغسل

- ‌ بابمخالطة الجنب وما يباح له

- ‌ بابأحكام المياه

- ‌ بابتطهير النجاسات

- ‌ بابالمسح على الخفين

- ‌ بابالتيمم

- ‌ بابالغسل المسنون

- ‌ بابالحيض

- ‌ بابالمستحاضة

- ‌كتاب الصلاة

- ‌ باب

- ‌ بابالمواقيت

- ‌ بابتعجيل الصلاة

- ‌فصل

- ‌ بابالأذان

- ‌ بابفضل الأذان وإجابة المؤذن

- ‌ بابالمساجد ومواضع الصلاة

- ‌ بابالستر

- ‌ بابالسترة

- ‌ بابصفة الصلاة

- ‌ بابما يقرأ بعد التكبير

- ‌ بابالقراءة في الصلاة

- ‌(باب الركوع)

- ‌ بابالسجود وفضله

- ‌ بابالتشهد

- ‌ بابالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وفضلها

- ‌ بابالدعاء في التشهد

- ‌ بابالذكر بعد الصلاة

- ‌ بابما لا يجوز من العمل في الصلاةوما يباح منه

- ‌ بابسجود السهو

- ‌ بابسجود القرآن

- ‌ بابأوقات النهي عن الصلاة

- ‌ بابالجماعة وفضلها

- ‌ بابتسوية الصف

- ‌ بابالموقف

- ‌ بابالإمامة

- ‌ بابما على الإمام

- ‌ بابما على المأموم من المتابعةوحكم المسبوق

- ‌ بابمن صلى صلاة مرتين

- ‌ بابالسنن وفضلها

- ‌ بابصلاة الليل

- ‌ بابما يقوله إذا قام من الليل

- ‌ بابالتحريض على قيام الليل

- ‌ بابالقصد في العمل

- ‌ بابالوتر

- ‌ بابالقنوت

- ‌ بابقيام شهر رمضان

- ‌ بابصلاة الضحى

- ‌ بابالتطوع

- ‌ بابصلاة التسبيح

- ‌ بابصلاة السفر

- ‌ بابالجمعة

- ‌ بابوجوبها

- ‌ بابالخطبة والصلاة

- ‌ بابصلاة العيد

- ‌فصلفي الأضحية

- ‌ بابصلاة الخسوف

- ‌فصلفي سجود الشكر

- ‌ بابالاستسقاء

- ‌فصلفي صفة المطر والريح

- ‌كتاب الجنائز

- ‌ بابعيادة المريض وثواب المرض

- ‌ بابتمني الموت وذكره

- ‌ بابما يقال لمن حضره الموت

- ‌ بابغسل الميت وتكفينه

- ‌ بابالمشي بالجنازة والصلاة عليها

- ‌ بابدفن الميت

- ‌ بابالبكاء على الميت

- ‌كتاب الزكاة

- ‌ باب

- ‌ بابما تجب فيه الزكاة

- ‌ بابصدقة الفطر

- ‌ بابمن لا يحل له الصدقة

- ‌ بابمن لا تحل له المسألةومن تحل له

- ‌كتاب الصوم

- ‌ باب

- ‌ بابرؤية الهلال

- ‌فصل

- ‌ بابتنزيه الصوم

- ‌ بابصوم المسافر

- ‌ بابصيام التطوع

- ‌فصل

- ‌ بابليلة القدر

- ‌ بابالاعتكاف

- ‌كتاب فضائل القرآن

- ‌ باب

- ‌فصل

الفصل: 136 - 287 - وعن عمرو بن شعيب عن أبيه

136 -

287 - وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن أعرابيا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الوضوء ، فأراه ثلاثا ثلاثا ، ثم قال:" هكذا الوضوء ، فمن زاد على هذا فقد أساء وتعدى وظلم ".

" وعن عمر [و] بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنهم: أن أعرابيا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الوضوء ، فأراه ثلاثا ثلاثا ، ثم قال: هكذا الوضوء ، فمن زاد على هذا فقد أساء وتعدى وظلم ".

أي: أساء الأدب ، فإن الازدياد استنقاص لما استكمله الشارع ، و"تعدى" عما حد له وجعله غاية التكميل ،و"ظلم " بإتلاف الماء ووضعه في غير موضعه.

والحديث مسند إن كان الضمير في (جده) راجعا إلى (أبيه) ومرسل إن كان راجعا إلى (عمرو) لأن جده محمد بن عبدالله بن عمرو ، وهو ليس بصحابي.

6 -

‌ باب

الغسل

من الصحاح:

137 -

292 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إذا

ص: 194

جلس أحدكم بين شعبها الأربع ، ثم جهدها فقد وجب الغسل وإن لم ينزل ".

(باب الغسل)

(من الصحاح):

" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا جلس رجل بين شعبها الأربع وجهدها ، وجب الغسل ، وإن لم ينزل ".

قيل ك " شعبها الأربع ": يداها ورجلاها ، وقيل: رجلاها وشفراها ، ولذلك كنى عنها بالشعب.

و" جهدها": جامعها ، قال ابن الأعرابي:(الجهد) بالفتح: من أسماء النكاح ، ولعله كناية مأخوذة من (الجهد) بمعنى المبالغة.

واختلف العلماء في وجوب الغسل بالإيلاج ، فذهب جمهور الصحابة ومن بعدهم إلى أن إيلاج الحشفة في الفرج يوجب الغسل وإن لم ينزل ، لهذا الحديث وغيره من الأخبار المعاضدة له ، وذهب سعد بن أبي وقاص في آخرين من الصحابة: إلى أنه لا يجب الغسل ما لم ينزل ، وقال به الأعمش وداود ، وتمسكوا بقوله عليه السلام:" الماء من الماء "،أي: الاغتسال بالماء من أجل خروج الماء ، وذلك يفيد الحصر عرفا.

وأجيب بأنه منسوخ بقول أبي بن كعب: كان الماء من الماء شيئا

ص: 195

في أول الإسلام ، ثم ترك ذلك بعد ، وأمر بالغسل إذا مس الختان بالختان ، وقد روي مثله عن زيد بن خالد.

وقول ابن عباس: إن الماء من الماء في الاحتلام ، معناه: أنه يدل على وجوب الاغتسال من أجل خروج الماء ، وذلك لا يستلزم عدم وجوبه لغيره ، فلا يعارض الحديث الموجب الغسل بالإيلاج.

لا يقال: هذا التركيب يفيد قصر الحكم عليه عرفا ، وقد جاء في بعض الروايات:" إنما الماء من الماء " ولفظة (الماء) تفيد الحصر على ما عرفت ، لأنه – وإن ثبت ذلك – فهو دلالة مفهوم ، والمفهوم لا يعارض المنطوق.

نعم ، مقدمة هذا الحديث ترد هذا التأويل ، فإن مسلم بن حجاج روى في جامعه عن أبي سعيد الخدري قال: خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الإثنين إلى قباء ، حتى إذا كنا في بني سالم وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على باب عتبان ، فصرخ به ، فخرج يجر إزاره ،فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" أعجلنا الرجل "، فقال عتبان: يا رسول الله! أرأيت الرجل يعجل عن امرأته ولم يمن ، ماذا عليه؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إنما الماء من الماء ".

138 – 294 – وقالت أم سليم: يا رسول الله ّ! إن الله لا يستحيي

ص: 196

من الحق ، فهل على المرأة من غسل إذا احتلمت ظ قال: نعم ، إذا رأت الماء " فغطت أم سلمة وجهها وقالت: يا رسول الله! أو تحتلم المرأة؟ قال:" نعم تربت يمينك فبم يشبهها ولدها؟ إن ماء الرجل غليظ أبيض ، وماء المرأة رقيق أصفر ، فمن أيهما علا وسبق يكون من الشبه ".

" عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: أن أم سليم قالت: يا رسول الله! إن الله لا يستحيي من الحق ، فهل على المرأة من غسل إذا احتلمت؟ قال: نعم ، إّذا رأت الماء ، فغطت أم سلمة وجهها وقالت: يا رسول الله! أو تحتلم المرأة؟ قال: نعم ، تربت يمينك ّ! فبم يشبهها ولدها؟ إن ماء الرجل غليظ أبيض ، وماء المرأة رقيق أصفر ، فمن أيهما علا أو سبق يكون منه الشبه ".

" أم سليم ": ابنة ملحان ، واسمه: مالك بن خالد بن زيد النجاري ، امرأة أبي طلحة الأنصاري.

" لا يستحيي ": لا يترك ترك الحيي ، وإنما قدمت ذلك اعتذارا عن شؤالها ، فإنه مما يستحيي منه

وقوله:"تربت يمينك " وإن كان أصله الدعاء بمعنى: لا أصبت خيرا ، من (ترب الرجل) بمعنى: افتقر ، وأصاب الترب ، ليس المراد منه الدعاء ، بل التنبيه على استعجالها وإنكارها احتلام المرأة ليس بصواب ، والعرب تطلق أمثال ذلك في مخاطباتهم للتعجب والتنبيه.

ص: 197

وقوله:" فبم يشبهها ولدها " استدلال على أن لها منيا كما للرجل مني ، والولد مخلوق منهما ، إذ لو لم يكن لها ماء ، وكان الولد من مائه المجرد لم يكن يشبهها ، لأن الشبه بسبب ما بينهما من المشاركة في المزاج الأصلي المعين المعد لقبول التشكلات والكيفيات المعينة من مبدعه تبارك وتعالى ، فإن غلب ماء الرجل ماء المرأة وسبق ، نزع الولد إلى جانبه ، ولعله يكون ذكرا ، وإن كان بالعكس ، نزع الولد إلى جانبها ، ولعله يكون أنثى.

139 – 296 – وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أنه قال: قالت ميمونة رضي الله عنها: وضعت للنبي صلى الله عليه وسلم غسلا فسترته بثوب ، وصب على يديه فغسلهما ، ثم أدخل يمينه في الإناء ، فأفرغ بها على فرجه ، ثم غسله بشماله ، ثم ضرب بشماله الأرض فدلكهما دلكا شديدا ، ثم غسلها ، فمضمض واستنشق ، وغسل وجهه وذراعيه ، ثم أفرغ على رأسه ثلاث حفنات ملء كفيه ، ثم غسل سائر جسده ، ثم تنحى فغسل قدميه ، فناولته ثوبا فلم يأخذه ، فانطلق وهو ينفض يديه.

" وعن ابن عباس قال: قالت ميمونة رضي الله عنها: وضعت للنبي صلى الله عليه وسلم غسلا ، فسترته بثوب ، وصب على يديه ، فغسلهما ، ثم أدخل يمينه في الإناء ، فأفرغ بها على فرجه ، ثم غسله بشماله ، ثم ضرب بشماله الأرض ، فدلكهما دلكا شديدا ، ثم غسلها ، فمضمض

ص: 198

واستنشق وغسل وجهه وذراعيه ، ثم أفرغ على رأسه ثلاث حفنات ملء كفيه ، ثم غسل سائر جسده ، ثم تنحى ، فغسل قدميه ، فناولته ثوبا ، فلم يأخذه ، فانطلق وهو ينفض يديه ".

(الغسل) بالضم: يطلق اسما للفعل المخصوص ، ولما يغتسل به ، وهو المراد هاهنا ، وروي (غسلا) بالكسر ، وهو في الأصل لما يغسل به الرأس من الخطمي ونحوه ، فاستعير للماء.

و (الإفراغ): الصب.

و (الحفنة): ملء الكفين ، ولا يكاد يستعمل إلا في الشيء اليابس ، كذا قال الجوهري ، فاستعماله في الماء مجاز ، ولعلها يتجوز بها لملء كفه ، فقالت: ملء كفيه ، لتميط هذا الوهم.

ومن فوائد هذا الحديث الدلالة على أن الأولى تقديم الاستنجاء ، وإن جاء تأخيره ، لأنهما طهارتان مختلفتان ، فلا يجب الترتيب بينهما ، وذكر المزني في " المنثور ": أن المحدث لو قدم التوضؤ على الاستنجاء لم يصح وضوؤه ، لأن بقاء ما يحدث بمنزلة حدوثه.

واستعمال اليسرى فيه.

ودلكها على الأرض مبالغة في إنقائها ، وإزالة ما عبق بها.

والوضوء قبل الغسل ، واختلف في وجوبه ، فأوجبه داود مطلقا ،

ص: 199

وقوم إذا كان محدثا أو كان الفعل مما يوجب الجنابة والحدث ، ومنصوص الشافعي رضي الله عنه: أن الوضوء يدخل في الغسل ، فيجريه لهما ، وهو قول مالك.

وتأخير غسل الرجلين إلى آخر الغسل ، وهو مذهب أبي حنيفة وقول للشافعي رضي الله عنها ، والمذهب: أن لا يؤخر ، لرواية عائشة.

والتنحي – أي: التباعد – عن مكانه لغسل الرجلين.

وترك النشف ، لأنه – عليه السلام – لم يأخذ الثوب.

وجواز النفض ، والأولى تركه ، لقوله عليه السلام:" إذا توضأتم فلا تنفضول أيديكم "، ومنهم من حمل النفض هاهنا عن تحريك اليدين في المشي وهو تأويل بعيد.

140 – 297 – وقالت عائشة رضي الله عنها: إن امرأة سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن غسلها من المحيض ، فأمرها كيف تغتسل ، ثم قال: خذي فرصة من مسك فتطهري بها "، قالت: كيف أتطهر بها؟ قال: "سبحان الله! تطهري بها " قالت: كيف أتطهر بها؟ فاجتذبتها إلي فقلت: تتبعي بها أثر الماء ".

" وعن عائشة – رضي الله عنها – قالت: إن امرأة سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن غسلها من المحيض " الحديث

ص: 200

(الفِرْصة): قطعة من الصوف والقطن ونحوهما ، من (فرصت الشيء): إذا قطعته.

و"من مسك": متعلق بمحذوف ، تقديره: مطيبة من مسك ، لما روي:" فرصة ممسكة "،والمراد: أن تتبع أثر الدم طيبا ، لتقطع رائحة الأذى.

وأنكر القتبي أن تكون (ممسكة) من المسك ، وزعم أنه من: مسكت كذا ، إذا أمسكته ، ومعناه: محتملة تحتملينها معك تعالجين بها قبلك ، واستشهد له بقوله:" فتطهري بها " ، وفيه نظر ، لأنه يستلزم تغليط راوي هذه الرواية التي اتفق عليها الشيخان ، لفظا بأن يقال: كان من: (مسك) بالفتح ،أي: من جلد عليه صوف ، فكسر غلطا ، أو معنى بأن فهم من (ممسكة) المطيبة بالمسك ، ثم رواه بالمعنى ، إذ القصة واحدة.

ولأن ما روي أنه – عليه السلام – بعدما ما وصف لها الغسل ، قال:" ثم تأخذ " يناسب التطيب دون الاستطابة ، فإنها لا تؤخر.

141 – 298 – وقالت أم سلمة: قلت: يا رسول الله! إني امرأة أشد ضفر رأسي ، أفأنقضه لغسل الجنابة؟ فقال:" لا ، إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات ، ثم تفيضين عليك الماء فتطهرين ".

" وعن أم سلمة – رضي الله عنها – قالت: قلت: يا رسول الله!

ص: 201

إني امرأة أشد ضفر رأسي "الحديث.

(الضفر والتضفير): نسج الشعر وغيره عريضا ، ومنه يقال للعقيصة: الضفيرة.

و (الحثو والحثية):مثل الحفنة ، من (الحثو) ، وهو الإثارة ، يقال: حثا يحثو حثوا وحثى يحثي حثيا.

وهذا نظير حديث ميمونة ، وقيل يحتمل أن يكون المراد بالحثية: القبضة الواحدة التي تعم البدن.

والتنصيص بـ (الثلاث) على وجه الاستحباب ، وهو غير شديد ، لقوله – عليه السلام – بعده:" ثم تفيضين الماء عليك ".

واختلف العلماء في وجوب نقض الضفيرة إذا كان الماء يصل إلى جميع أجزائها ، فذهب الجمهور إلى أنه لا يجب لهذا الحديث ، وخالفهم النخعي مطلقا ، وأحمد بن حنبل في الغسل عن الحيض وحده.

فإن كان الضفر يمنع وصول الماء إلى باطنها ، وجب نقضها وفاقا ، لقوله عليه السلام:" من ترك موضع شعرة من الجنابة لم يغسلها فعل بها كذا وكذا من النار ".

وهذا الحديث مخصوص بالصورة الأولى ، ولعله – عليه السلام – بنى الحكم على ما شاهده.

***

ص: 202