الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
136 -
287 - وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن أعرابيا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الوضوء ، فأراه ثلاثا ثلاثا ، ثم قال:" هكذا الوضوء ، فمن زاد على هذا فقد أساء وتعدى وظلم ".
" وعن عمر [و] بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنهم: أن أعرابيا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الوضوء ، فأراه ثلاثا ثلاثا ، ثم قال: هكذا الوضوء ، فمن زاد على هذا فقد أساء وتعدى وظلم ".
أي: أساء الأدب ، فإن الازدياد استنقاص لما استكمله الشارع ، و"تعدى" عما حد له وجعله غاية التكميل ،و"ظلم " بإتلاف الماء ووضعه في غير موضعه.
والحديث مسند إن كان الضمير في (جده) راجعا إلى (أبيه) ومرسل إن كان راجعا إلى (عمرو) لأن جده محمد بن عبدالله بن عمرو ، وهو ليس بصحابي.
…
6 -
باب
الغسل
من الصحاح:
137 -
292 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إذا
جلس أحدكم بين شعبها الأربع ، ثم جهدها فقد وجب الغسل وإن لم ينزل ".
(باب الغسل)
(من الصحاح):
" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا جلس رجل بين شعبها الأربع وجهدها ، وجب الغسل ، وإن لم ينزل ".
قيل ك " شعبها الأربع ": يداها ورجلاها ، وقيل: رجلاها وشفراها ، ولذلك كنى عنها بالشعب.
و" جهدها": جامعها ، قال ابن الأعرابي:(الجهد) بالفتح: من أسماء النكاح ، ولعله كناية مأخوذة من (الجهد) بمعنى المبالغة.
واختلف العلماء في وجوب الغسل بالإيلاج ، فذهب جمهور الصحابة ومن بعدهم إلى أن إيلاج الحشفة في الفرج يوجب الغسل وإن لم ينزل ، لهذا الحديث وغيره من الأخبار المعاضدة له ، وذهب سعد بن أبي وقاص في آخرين من الصحابة: إلى أنه لا يجب الغسل ما لم ينزل ، وقال به الأعمش وداود ، وتمسكوا بقوله عليه السلام:" الماء من الماء "،أي: الاغتسال بالماء من أجل خروج الماء ، وذلك يفيد الحصر عرفا.
وأجيب بأنه منسوخ بقول أبي بن كعب: كان الماء من الماء شيئا
في أول الإسلام ، ثم ترك ذلك بعد ، وأمر بالغسل إذا مس الختان بالختان ، وقد روي مثله عن زيد بن خالد.
وقول ابن عباس: إن الماء من الماء في الاحتلام ، معناه: أنه يدل على وجوب الاغتسال من أجل خروج الماء ، وذلك لا يستلزم عدم وجوبه لغيره ، فلا يعارض الحديث الموجب الغسل بالإيلاج.
لا يقال: هذا التركيب يفيد قصر الحكم عليه عرفا ، وقد جاء في بعض الروايات:" إنما الماء من الماء " ولفظة (الماء) تفيد الحصر على ما عرفت ، لأنه – وإن ثبت ذلك – فهو دلالة مفهوم ، والمفهوم لا يعارض المنطوق.
نعم ، مقدمة هذا الحديث ترد هذا التأويل ، فإن مسلم بن حجاج روى في جامعه عن أبي سعيد الخدري قال: خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الإثنين إلى قباء ، حتى إذا كنا في بني سالم وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على باب عتبان ، فصرخ به ، فخرج يجر إزاره ،فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" أعجلنا الرجل "، فقال عتبان: يا رسول الله! أرأيت الرجل يعجل عن امرأته ولم يمن ، ماذا عليه؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إنما الماء من الماء ".
…
138 – 294 – وقالت أم سليم: يا رسول الله ّ! إن الله لا يستحيي
من الحق ، فهل على المرأة من غسل إذا احتلمت ظ قال: نعم ، إذا رأت الماء " فغطت أم سلمة وجهها وقالت: يا رسول الله! أو تحتلم المرأة؟ قال:" نعم تربت يمينك فبم يشبهها ولدها؟ إن ماء الرجل غليظ أبيض ، وماء المرأة رقيق أصفر ، فمن أيهما علا وسبق يكون من الشبه ".
" عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: أن أم سليم قالت: يا رسول الله! إن الله لا يستحيي من الحق ، فهل على المرأة من غسل إذا احتلمت؟ قال: نعم ، إّذا رأت الماء ، فغطت أم سلمة وجهها وقالت: يا رسول الله! أو تحتلم المرأة؟ قال: نعم ، تربت يمينك ّ! فبم يشبهها ولدها؟ إن ماء الرجل غليظ أبيض ، وماء المرأة رقيق أصفر ، فمن أيهما علا أو سبق يكون منه الشبه ".
" أم سليم ": ابنة ملحان ، واسمه: مالك بن خالد بن زيد النجاري ، امرأة أبي طلحة الأنصاري.
" لا يستحيي ": لا يترك ترك الحيي ، وإنما قدمت ذلك اعتذارا عن شؤالها ، فإنه مما يستحيي منه
وقوله:"تربت يمينك " وإن كان أصله الدعاء بمعنى: لا أصبت خيرا ، من (ترب الرجل) بمعنى: افتقر ، وأصاب الترب ، ليس المراد منه الدعاء ، بل التنبيه على استعجالها وإنكارها احتلام المرأة ليس بصواب ، والعرب تطلق أمثال ذلك في مخاطباتهم للتعجب والتنبيه.
وقوله:" فبم يشبهها ولدها " استدلال على أن لها منيا كما للرجل مني ، والولد مخلوق منهما ، إذ لو لم يكن لها ماء ، وكان الولد من مائه المجرد لم يكن يشبهها ، لأن الشبه بسبب ما بينهما من المشاركة في المزاج الأصلي المعين المعد لقبول التشكلات والكيفيات المعينة من مبدعه تبارك وتعالى ، فإن غلب ماء الرجل ماء المرأة وسبق ، نزع الولد إلى جانبه ، ولعله يكون ذكرا ، وإن كان بالعكس ، نزع الولد إلى جانبها ، ولعله يكون أنثى.
…
139 – 296 – وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أنه قال: قالت ميمونة رضي الله عنها: وضعت للنبي صلى الله عليه وسلم غسلا فسترته بثوب ، وصب على يديه فغسلهما ، ثم أدخل يمينه في الإناء ، فأفرغ بها على فرجه ، ثم غسله بشماله ، ثم ضرب بشماله الأرض فدلكهما دلكا شديدا ، ثم غسلها ، فمضمض واستنشق ، وغسل وجهه وذراعيه ، ثم أفرغ على رأسه ثلاث حفنات ملء كفيه ، ثم غسل سائر جسده ، ثم تنحى فغسل قدميه ، فناولته ثوبا فلم يأخذه ، فانطلق وهو ينفض يديه.
" وعن ابن عباس قال: قالت ميمونة رضي الله عنها: وضعت للنبي صلى الله عليه وسلم غسلا ، فسترته بثوب ، وصب على يديه ، فغسلهما ، ثم أدخل يمينه في الإناء ، فأفرغ بها على فرجه ، ثم غسله بشماله ، ثم ضرب بشماله الأرض ، فدلكهما دلكا شديدا ، ثم غسلها ، فمضمض
واستنشق وغسل وجهه وذراعيه ، ثم أفرغ على رأسه ثلاث حفنات ملء كفيه ، ثم غسل سائر جسده ، ثم تنحى ، فغسل قدميه ، فناولته ثوبا ، فلم يأخذه ، فانطلق وهو ينفض يديه ".
(الغسل) بالضم: يطلق اسما للفعل المخصوص ، ولما يغتسل به ، وهو المراد هاهنا ، وروي (غسلا) بالكسر ، وهو في الأصل لما يغسل به الرأس من الخطمي ونحوه ، فاستعير للماء.
و (الإفراغ): الصب.
و (الحفنة): ملء الكفين ، ولا يكاد يستعمل إلا في الشيء اليابس ، كذا قال الجوهري ، فاستعماله في الماء مجاز ، ولعلها يتجوز بها لملء كفه ، فقالت: ملء كفيه ، لتميط هذا الوهم.
ومن فوائد هذا الحديث الدلالة على أن الأولى تقديم الاستنجاء ، وإن جاء تأخيره ، لأنهما طهارتان مختلفتان ، فلا يجب الترتيب بينهما ، وذكر المزني في " المنثور ": أن المحدث لو قدم التوضؤ على الاستنجاء لم يصح وضوؤه ، لأن بقاء ما يحدث بمنزلة حدوثه.
واستعمال اليسرى فيه.
ودلكها على الأرض مبالغة في إنقائها ، وإزالة ما عبق بها.
والوضوء قبل الغسل ، واختلف في وجوبه ، فأوجبه داود مطلقا ،
وقوم إذا كان محدثا أو كان الفعل مما يوجب الجنابة والحدث ، ومنصوص الشافعي رضي الله عنه: أن الوضوء يدخل في الغسل ، فيجريه لهما ، وهو قول مالك.
وتأخير غسل الرجلين إلى آخر الغسل ، وهو مذهب أبي حنيفة وقول للشافعي رضي الله عنها ، والمذهب: أن لا يؤخر ، لرواية عائشة.
والتنحي – أي: التباعد – عن مكانه لغسل الرجلين.
وترك النشف ، لأنه – عليه السلام – لم يأخذ الثوب.
وجواز النفض ، والأولى تركه ، لقوله عليه السلام:" إذا توضأتم فلا تنفضول أيديكم "، ومنهم من حمل النفض هاهنا عن تحريك اليدين في المشي وهو تأويل بعيد.
…
140 – 297 – وقالت عائشة رضي الله عنها: إن امرأة سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن غسلها من المحيض ، فأمرها كيف تغتسل ، ثم قال: خذي فرصة من مسك فتطهري بها "، قالت: كيف أتطهر بها؟ قال: "سبحان الله! تطهري بها " قالت: كيف أتطهر بها؟ فاجتذبتها إلي فقلت: تتبعي بها أثر الماء ".
" وعن عائشة – رضي الله عنها – قالت: إن امرأة سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن غسلها من المحيض " الحديث
(الفِرْصة): قطعة من الصوف والقطن ونحوهما ، من (فرصت الشيء): إذا قطعته.
و"من مسك": متعلق بمحذوف ، تقديره: مطيبة من مسك ، لما روي:" فرصة ممسكة "،والمراد: أن تتبع أثر الدم طيبا ، لتقطع رائحة الأذى.
وأنكر القتبي أن تكون (ممسكة) من المسك ، وزعم أنه من: مسكت كذا ، إذا أمسكته ، ومعناه: محتملة تحتملينها معك تعالجين بها قبلك ، واستشهد له بقوله:" فتطهري بها " ، وفيه نظر ، لأنه يستلزم تغليط راوي هذه الرواية التي اتفق عليها الشيخان ، لفظا بأن يقال: كان من: (مسك) بالفتح ،أي: من جلد عليه صوف ، فكسر غلطا ، أو معنى بأن فهم من (ممسكة) المطيبة بالمسك ، ثم رواه بالمعنى ، إذ القصة واحدة.
ولأن ما روي أنه – عليه السلام – بعدما ما وصف لها الغسل ، قال:" ثم تأخذ " يناسب التطيب دون الاستطابة ، فإنها لا تؤخر.
…
141 – 298 – وقالت أم سلمة: قلت: يا رسول الله! إني امرأة أشد ضفر رأسي ، أفأنقضه لغسل الجنابة؟ فقال:" لا ، إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات ، ثم تفيضين عليك الماء فتطهرين ".
" وعن أم سلمة – رضي الله عنها – قالت: قلت: يا رسول الله!
إني امرأة أشد ضفر رأسي "الحديث.
(الضفر والتضفير): نسج الشعر وغيره عريضا ، ومنه يقال للعقيصة: الضفيرة.
و (الحثو والحثية):مثل الحفنة ، من (الحثو) ، وهو الإثارة ، يقال: حثا يحثو حثوا وحثى يحثي حثيا.
وهذا نظير حديث ميمونة ، وقيل يحتمل أن يكون المراد بالحثية: القبضة الواحدة التي تعم البدن.
والتنصيص بـ (الثلاث) على وجه الاستحباب ، وهو غير شديد ، لقوله – عليه السلام – بعده:" ثم تفيضين الماء عليك ".
واختلف العلماء في وجوب نقض الضفيرة إذا كان الماء يصل إلى جميع أجزائها ، فذهب الجمهور إلى أنه لا يجب لهذا الحديث ، وخالفهم النخعي مطلقا ، وأحمد بن حنبل في الغسل عن الحيض وحده.
فإن كان الضفر يمنع وصول الماء إلى باطنها ، وجب نقضها وفاقا ، لقوله عليه السلام:" من ترك موضع شعرة من الجنابة لم يغسلها فعل بها كذا وكذا من النار ".
وهذا الحديث مخصوص بالصورة الأولى ، ولعله – عليه السلام – بنى الحكم على ما شاهده.
***