الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مصون على الخلل والانحراف إلى أحد طرفي الإفراط والتفريط ، والمعنى: أن الزكاة لا تحل على الغني ، ولا على قوي يقدر على الكسب ، وإليه ذهب أكثر أهل العلم ، وقال أصحاب الرأي: تحل الزكاة لمن لا يملك مئتي درهم ، وإن كان كسوبا ، واستثنى من ذلك العامل ، فإنه يأخذ في مقابلة عمله ، والغازي المتطوع ، والغارم لإصلاح ذات بين ، والمؤلفة قلوبهم ، فإن الداعي إلى إعطائهم أمور ليست الحاجة.
…
5 -
باب
من لا تحل له المسألة
ومن تحل له
من الصحاح:
394 -
1297 - عن قبيصة بن مخارق قال: " تحملت حمالة ، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أسأله فيها ، فقال: " أقم حتى تأتينا الصدقة ، فنأمر لك بها ، ثم قال: " يا قبيصة! إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة: رجل تحمل حمالة ، فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك ، ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله ، فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش - ورجل أصابته فاقة حتى يقوم ثلاثة من ذوب الحجا من قومه: لقد أصابت فلانا فاقة ، فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش - أو قال: سدادا من
عيش - فما سواهن من المسألة - يا قبيصة - سحت ، يأكلها صاحبها سحتا ".
(باب من لا تحل له الصدقة ومن تحل له)
" عن قبيصة بن مخارق قال: تحملت حمالة ، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أسأله فيها " الحديث.
(الحمالة) بفتح الحاء: ما يتحمله الإنسان عن غيره من دية وغرامة ، والمراد بها في الحديث: أن يكون بين القوم تشاجر وتحارب في دم أو مال ، فيسعى الرجل في إصلاح ذات بينهم ، والتزم ما لا يبذل في تسكين تلك النائرة.
قوله: " اجتاحت ماله " أي: استأصلته وأهلكته الحاجة ، " قواما من عيش " معناه: ما يقوم به عيشه ، و (السداد) بكسر السين: ما يسد به الخلل ، ومنه: سداد القارورة.
قوله: " ورجل أصابته فاقة ، حتى يقوم ثلاثة من ذوي الحجى من قومه: لقد أصابت فلانا فاقة ، فحلت له المسألة " ، وليس من باب الشهادة ، ولا يريد به التنصيص على أن الفاقة لا تثبت إلا بثلاثة شهود ، إذ لم يسمع أن أحدا من الأمة قال به ، ولم نجد لهذا العدد من الرجال مدخلا في شيء من الشهادات ، بل لعله ذكره على وجه الاستحباب وطريقة الاحتياط ، ليكون أدل على براءة السائل عن التهمة ، وأدعى الناس إلى سد حاجته.
و (الحجى): العقل ، و (السحت): كل حرام يحيق آكله منه عار ، ولذلك غلب في الرشا ، سمي بذلك لأنه يكون فيه هلكة ، من قولهم: أسحت الله الظالم وسحته ، بمعنى: أهلكه واستأصله ، قال الله تعالى:{فيسحتكم بعذاب} [طه: 61] أي: يهلككم.
…
394 -
1299 - وقال: " ما يزال الرجل يسأل الناس حتى يأتي يوم القيامة ليس في وجهه مزعة لحم ".
" وفي حديث ابن عمر: ما يزال الرجل يسأل حتى يأتي يوم القيامة ليس في وجهه مزعة لحم ".
(المزعة) بضم الميم وكسرها: القطعة ، من: مزعت اللحم: إذا قطعته ، والمراد به: ما يلحقه في الآخرة من الهوان وذل السؤال.
…
395 -
1302 - وقال حكيم بن حزام: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاني ، ثم سألته فأعطاني ، ثم قال لي:" يا حكيم! ، إن هذه المال خضرة حلو ، فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه ، ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه ، وكان كالذي يأكل ولا يشبع ، واليد العليا خير من اليد السفلى ، قال حكيم: فقلت: يا رسول الله! ، والذي بعثك بالحق ، لا أرزأ أحدا بعدك شيئا حتى أفارق الدنيا ".
" وفي حديث حكيم بن حزام: لا أرزأ بعدك أحدا شيئا "، أي:
لا أثقل أحدا بالسؤال والأخذ منه غيرك ، والإرزاء: إصابة الضر ، و (الرزء): المصيبة ، أو: لا أسال أحدا أنقصه ماله ، من الرزء ، وهو النقصان ، يقال: ما رزأته ماله ، أي: ما نقصته ، ومنه: رزأت الرجل أرزؤه رزءا: إذا أصبت منه خيرا.
396 -
1308 - وقال: " من سأل الناس وله ما يغنيه جاء يوم القيامة ومسألته في وجهه خموش ، أو خدوش ، أو كدوح "، قيل: يا رسول الله! وما يغنيه؟ ، قال:" خمسون درهما ، أو قيمتها من الذهب ".
396 -
م - 1309 - وقال: " من سأل وعنده ما يغنيه فإنما يستكثر من النار "، قالوا يا رسول الله ، وما يغنيه؟ ، قال:" قدر ما يغديه ، أو يعشيه ".
وفي رواية: " شبع ليلة ويوم ".
وقال: " من سأل منكم وله أوقية أو عدلها ، فقد سأل إلحافا ".
" وعن ابن مسعود ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من سأل الناس وله ما يغنيه " الحديث.
(الخدش): قشر الجلد بعود ونحوه ، و (الخمش): قشر بالأظفار ، و (الكدح): العض ، وهي في أصلها مصادر ، لكنها لما جعلت أسماء للآثار جوز جمعها ، ولما كان السؤال على ثلاثة أصناف: مقل ومفرط ،
ومتوسط ذكر هذه الآثار الثلاثة المتفاوتة بالشدة والضعف وردد بينها.
وقوله: " خمسون درهما " في جواب: " ما يغنيه " بظاهره يدل على أن من ملك خمسين درهما أو عدلها ، أي: مثلها من جنس آخر فهو غني لا يحل له السؤال وأخذ الصدقة ، وبه قال ابن المبارك وأحمد وإسحاق.
والظاهر: أن من وجد قدر ما يغذيه ويعيشه على دائم الأوقات ، وفي أغلب الأحوال فهو غني كما ذكر في الحديث الذي بعده ، سواء حصل له ذلك بكسب يد أو تجارة ، لكن لما كان الغالب عليهم التصرف والتجارة ، وكان يكفي هذا القدر أن يكون رأس مال يحصل بالتصرف فيه ما يسد الحاجة في غالب الأمر = قدره تخمينا في هذا الحديث ، وقدر في الحديث الثالث ما يقرب منه ، وقال:" من سأل منكم وله أوقية أو عدلها "، والأوقية يومئذ: أربعون درهما ، وعلى هذا لا تنافي بينها ولا نسخ.
وقيل: حديث " ما يعيشه " منسوخ بحديث الأوقية ، وهو بهذا الحديث ، ثم هو منسوخ بما روي مرسلا أنه قال:" ومن سأل الناس ، وله عدل خمس أواق ، فقد سأل إلحافا "، وعليه أصحاب الرأي.
***
(7)
كتاب الصوم