المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ بابالإيمان بالقدر - تحفة الأبرار شرح مصابيح السنة - جـ ١

[ناصر الدين البيضاوي]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة الأولىفي بيان طريق روايتي لهذا الكتاب

- ‌المقدمة الثانيةفي بيان فضل الفن من العلم على سائر الفنون

- ‌المقدمة الثالثةفي بيان تناسب الكتاب والسنة

- ‌المقدمة الرابعةفي بيان أنواع الحديث

- ‌كتاب الإيمان

- ‌ باب

- ‌ بابالكبائر وعلامات النفاق

- ‌فصلفي الوسوسة

- ‌ بابالإيمان بالقدر

- ‌ بابإثبات عذاب القبر

- ‌ بابالاعتصام بالكتاب والسنة

- ‌كتاب العلم

- ‌كتاب الطهارة

- ‌ بابما يوجب الوضوء

- ‌ بابأدب الخلاء

- ‌ بابالسواك

- ‌ بابسنن الوضوء

- ‌ بابالغسل

- ‌ بابمخالطة الجنب وما يباح له

- ‌ بابأحكام المياه

- ‌ بابتطهير النجاسات

- ‌ بابالمسح على الخفين

- ‌ بابالتيمم

- ‌ بابالغسل المسنون

- ‌ بابالحيض

- ‌ بابالمستحاضة

- ‌كتاب الصلاة

- ‌ باب

- ‌ بابالمواقيت

- ‌ بابتعجيل الصلاة

- ‌فصل

- ‌ بابالأذان

- ‌ بابفضل الأذان وإجابة المؤذن

- ‌ بابالمساجد ومواضع الصلاة

- ‌ بابالستر

- ‌ بابالسترة

- ‌ بابصفة الصلاة

- ‌ بابما يقرأ بعد التكبير

- ‌ بابالقراءة في الصلاة

- ‌(باب الركوع)

- ‌ بابالسجود وفضله

- ‌ بابالتشهد

- ‌ بابالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وفضلها

- ‌ بابالدعاء في التشهد

- ‌ بابالذكر بعد الصلاة

- ‌ بابما لا يجوز من العمل في الصلاةوما يباح منه

- ‌ بابسجود السهو

- ‌ بابسجود القرآن

- ‌ بابأوقات النهي عن الصلاة

- ‌ بابالجماعة وفضلها

- ‌ بابتسوية الصف

- ‌ بابالموقف

- ‌ بابالإمامة

- ‌ بابما على الإمام

- ‌ بابما على المأموم من المتابعةوحكم المسبوق

- ‌ بابمن صلى صلاة مرتين

- ‌ بابالسنن وفضلها

- ‌ بابصلاة الليل

- ‌ بابما يقوله إذا قام من الليل

- ‌ بابالتحريض على قيام الليل

- ‌ بابالقصد في العمل

- ‌ بابالوتر

- ‌ بابالقنوت

- ‌ بابقيام شهر رمضان

- ‌ بابصلاة الضحى

- ‌ بابالتطوع

- ‌ بابصلاة التسبيح

- ‌ بابصلاة السفر

- ‌ بابالجمعة

- ‌ بابوجوبها

- ‌ بابالخطبة والصلاة

- ‌ بابصلاة العيد

- ‌فصلفي الأضحية

- ‌ بابصلاة الخسوف

- ‌فصلفي سجود الشكر

- ‌ بابالاستسقاء

- ‌فصلفي صفة المطر والريح

- ‌كتاب الجنائز

- ‌ بابعيادة المريض وثواب المرض

- ‌ بابتمني الموت وذكره

- ‌ بابما يقال لمن حضره الموت

- ‌ بابغسل الميت وتكفينه

- ‌ بابالمشي بالجنازة والصلاة عليها

- ‌ بابدفن الميت

- ‌ بابالبكاء على الميت

- ‌كتاب الزكاة

- ‌ باب

- ‌ بابما تجب فيه الزكاة

- ‌ بابصدقة الفطر

- ‌ بابمن لا يحل له الصدقة

- ‌ بابمن لا تحل له المسألةومن تحل له

- ‌كتاب الصوم

- ‌ باب

- ‌ بابرؤية الهلال

- ‌فصل

- ‌ بابتنزيه الصوم

- ‌ بابصوم المسافر

- ‌ بابصيام التطوع

- ‌فصل

- ‌ بابليلة القدر

- ‌ بابالاعتكاف

- ‌كتاب فضائل القرآن

- ‌ باب

- ‌فصل

الفصل: ‌ بابالإيمان بالقدر

على نفسه، فأبرزها على ذلك، ليكون أدعى إلى الكف وأمكن في النفس، لتضمنه ما يدل

على المعنى الموجب للنهي.

ودليل هذا التأويل أنه روي في بعض الطرق هذا الحديث:" ألا لا يجني جان إلا على نفسه ".

وقوله:" ولا يجني جان على ولده، ولا مولود على والده " يحتمل أن يكون المراد النهي عن

الجناية عليها، وإنما أفردهما بالتصريح والتنصيص لاختصاص الجناية عليهما بمزيد قبح وشناعة،

وأن يكون المراد به تأكيد قوله) لا يجني جان على نفسه) ، فإن العرب في جاهليتهم كانوا

يأخذون بالجناية من يجدونه من الجاني وأقاربه، الأقرب فالأقرب، ولعلهم شنوا القتل فيهم،

وعليه الآن ديدن أهل الجفاء من سكان البوادي والجبال.

فالمعنى على هذا: لا يجن أحد على غيره، فيؤخذ بها هو ووالده وولده، ويكون في الحقيقة

جنايته على الغير جناية على نفسه ووالده وولده.

3 -

‌ باب

الإيمان بالقدر

من الصحاح:

36 -

58 - عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

ص: 87

" كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين أف سنة، قال:

وكان عرشه على الماء ".

(باب الإيمان بالقدر)

(من الصحاح):

" عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كتب الله مقادير الخلائق "الحديث.

" كتب الله " معناه: أجرى القلم على اللوح المحفوظ بتحصيل

ص: 88

ما بينهما من التعلق، وأثبت فيه مقادير الخلائق على وفق ما تعلقت به إرادته أزلا إثبات

الكاتب ما في ذهنه بقلمه على لوحة، أو: قدر وعين مقاديرهم تعيينا بتا لا يتأتى خلافه.

وقوله:" بخمسين ألف سنة " معناه: طول الأمد وتمادي ما بين التقدير والخلق من المدد،

أو: تقديره ببرهة من الدهر الذي يوم منه كألف سنة مما تعدونه، وهو الزمان، أو:

من الزمان نفسه.

فإن قلت: كيف تحمله على الزمان، وهو على ما هو المشهور مقدار حركة الفلك الذي

لم يخلق حينئذ؟

قلت: فيه كلام، وإن سلم فمن زعم ذلك قال بأنه مقدار حركة الفلك الأعظم الذي هو

عرش الرحمن، وكان موجودا حينئذ، بدليل قوله:{وكان عرشه على الماء} ، وهو أيضا

بظاهره دليل لمن زعم أن أول ما خلق الله في هذا العالم الماء، ثم ادعى أنه سبحانه أوجد

منه سائر الإجرام، تارة بالتلطيف، وأخرى بالتكثيف.

37 – 60 – وقال:" احتج آدم وموسى عند ربهما، فحج آدم موسى، قال موسى:

أنت آدم الذي خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأسجد لك ملائكته، وأسكنك

في جنته، ثم أهبطت الناس بخطيئتك إلى الأرض؟ فقال آدم: أنت موسى الذي اصطفاك

الله برسالته وبكلامه، وأعطاك الألواح فيها تبيان كل شيء، وقربك نجيا

ص: 89

فبكم وجدت الله كتب التوراة قبل أن أخلق؟ قال موسى: بأربعين عاما، قال آدم: فهل

وجدت فيها: {وعصى آدم ربه فغوى} ؟ قال: نعم، قال: أفتلومني على أن عملت

عملا كتبه الله علي أن أعمله قبل أن يخلقني بأربعين سنة؟ " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فحج أدم

موسى "، رواه أبو هريرة.

" عن أبي هريرة رضي الله عنه: أنه قال عليه السلام: احتج آدم وموسى عند ربهما " الحديث.

هذه محاجة نفسانية ومكالمة روحانية جرت بينهما في عالم الغيب وحظيرة القدس، والظاهر:

أن المراد بهذه الكتبة كتبها في الألواح التي أعطى موسى، وذكر في كتابه العزيز وصفه

وقال: {وكتبنا له في الألواح من كل شيء موعظة وتفصيلا لكل شيء} [الأعراف:145]

وقال: {وألقى الألواح} [الأعراف: 150]،أو: في اللوح المحفوظ.

وقوله:" فحج آدم موسى " معناه: غلب عليه بالحجة، بأن ألزمه أن جملة ما صدر عنه لم يكن ما هو مستقل به متمكنا من تركه، بل كان أمرا مقضيا عليه، وما كان كذلك لم يحسن اللوم عليه

عقلا، وأما ما ترتب عليه شرعا من الحد والتعزير فحسنه من الشارع لا يتوقف على غرض

أو نفع، وإن سلم فالمقصود منه أن يكون أسبابا منكلة له عن العود إليه، ولغيره عن الاشتغال

بمثله، فيتقي

ص: 90

منه من أراد التوقي عن هذا النوع من العصيان، كما يوجد ما يوجد في عالمنا مرتبطا بأسبابها

لحكمة اقتضت إناطة الحوادث بأسباب تتوسط بينه وبينها.

ومن المعلوم أن موسى – صلوات الله عليه – لم يكن متعبدا بلومه عليه السلام، ولم يكن لومه

أيضا في ذلك العالم نافعا، فلا يحسن.

38 – 61 – وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن خلق أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يوما نطفة،

ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث الله إليه ملكا بأربع كلمات،

فيكتب عمله، وأجله، ورزقه، وشقي أو سعيد، ثم ينفخ فيه الروح، وإن الرجل ليعمل

بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل

الجنة، فيدخل الجنة، وإن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع،

فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل النار فيدخل النار "، رواه ابن مسعود رضي الله عنه.

" عن ابن مسعود رضي الله عنه: إن خلق أحدكم يجمع في بطن أمه "،الحديث.

" إن خلق أحدكم "،أي: مادة خلق أحدكم، أو: ما يخلق منه

ص: 91

أحدكم يجمع، أي: يقرر ويحرز في بطنها.

وقوله:" ثم يبعث الله إليه ملكا "، أي: يبعث الله إليه الملك في الطور الرابع، حينما

يتكامل بنيانه وتتشكل أعضاؤه، فيعين له، وينفث فيه ما يليق به من الأعمال والأرزاق

حسبما اقتضته حكمته وسبقت به كلمته، فمن وجده مستعدا لقبول الحق واتباعه، ورآه

أهلا للخير وأسباب الصلاح متوجهة إليه، أثبته في عداد السعداء، وكتب له أعمالا

صالحة تناسب ذلك، ومن وجده كزا جافيا قاسى القلب ضاريا بالطبع متأبيا عن الحق أثبت

ذكره في ديوان الأشقياء الهالكين، وكتب له ما يتوقع منه من الشرور والمعاصي، هذا إذا

لم يعلم من حاله وقوع ما يقتضي تغير ذلك، فإن علم من ذلك شيئا كتب له أوائل أمره

وأواخره، وحكم عليه وفق ما يتم به عمله، فإن ملاك العمل خواتيمه، وهو الذي يسبق

إليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل الجنة أو النار.

****

39 – 63 – وقالت عائشة رضي الله عنها: دعي رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جنازة صبي من

الأنصار، فقلت: طوبى لهذا! عصفور من عصافير الجنة، لم يعمل سوءا، قال:" أو

غير ذلك يا عائشة! إن الله

ص: 92

خلق الجنة وخلق النار، فخلق لهذه أهلا، ولهذه أهلا، خلقهم لهما وهم في أصلاب آبائهم ".

" عن عائشة – رضي الله عنها – أنها قالت: دعي رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جنازة صبي من الأنصار"

الحديث.

" طوبى ": فعلى، تأنيث: أطيب ووطوبى له معناه: أطيب المعيشة له.

وقوله:" أو غير ذلك " إشارة إلى ما ذكرنا أن الثواب والعقاب ليسا لأجل الأعمال، وإلا

لزم أن لا يكون ذراري المسلمين والكفار من أهل الحنة والنار، بل الموجب لهما هو اللطف

الرباني والخذلان الإلهي المقدر لهم وهم في أصلاب آبائهم، بل هم وآباؤهم وأصول أكوانهم

بعد في العدم، فالواجب فيهم التوقف وعدم الجزم بشيء من ذلك.

فإن قلت: كيف التوفيق بينه وبين قوله:" [هم] من آبائهم "؟

قلت: ذلك في الأحكام الدنيوية، وهذا في أمر الآخرة، فإن الطفل يتبع أبويه في حكم

الإيمان والكفر، لا فيهما، فإن الإيمان والكفر عبارتان عن التصديق والتكذيب المخصوصين،

وهما لا يحصلان لمن لم يتصف بهما تبعا لغيره.

40 – 89 – عن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت: يا رسول الله! ذراري المؤمنين؟

قال::" من آبائهم "، فقلت: يا رسول الله! بلا عمل؟

ص: 93

قال: " الله أعلم بما كانوا عاملين "، فقلت: فذرلري المشركين؟ قال: من آبائهم "،

قلت: بلا عمل؟ قال: " الله أعلم بما كانوا عاملين ".

وقول عائشة بعد ذلك:" يا رسول الله! بلا عمل؟ " سؤال معناه: أن الحكم على الإيمان

والكفر إنما هو بسبب ما يصدر عنه من الإقرار والإنكار، وسائر ما يدل على التصديق

والتكذيب من الأعمال، فكيف يحكم على الذراري بالإيمان والكفر، ولم يظهر منهم ما

يشعر بحالهم؟!

وجوابه: قوله عليه السلام " الله أعلم بما كانوا عاملين "، وهو إشارة إلى أنهم لما لم يأتوا

بما يدل على ما يستعدونه من الخير والشر، ويشعر بحالهم لو عاشوا وبلغوا سن البلوغ،

جنحنا إلى إتباعهم آباءهم، إذ الغالب أن ولد اليهودي يتهود، وولد النصراني يتنصر، وولد

المسلم يسلم، لما غلب على الطباع من التقليد والحرص على المألوف، والميل إلى مشايعة

الأباء وتعظيم شأنهم وترويج آرائهم، فحكمنا بإسلام ولد المسلم وترقبنا خلاصه، وأسجينا كفر

الكافر على ولده، وخفنا عليه بناء على هذا الأمر الظاهر وإن احتمل غيره، كما يتوقع الخلاص

للصالح المذعن ويخاف على الفاسق المتمرد، وإن جاز عكسه، وسيأتيك مزيد كشف لذلك.

41 – 64 – وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من النار ومقعده

من الجنة "، قالوا: يا رسول الله!

ص: 94

أفلا نتكل على كتابنا وندع العمل؟ فقال: " اعملوا فكل ميسر لما خلق له، أما من كان

من أهل السعادة فسييسر لعمل السعادة، وأما من كان من أهل الشقاوة فسييسر لعلم الشقاوة

" ثم قرأ: {فأما من أعطى واتقى () وصدق بالحسنى} الآية " رواه على بن أبي طالب.

" عن علي رضي الله عنه: أنه قال عليه الصلاة والسلام: ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من

النار ومقعده من الجنة " الحديث.

فيه إشارة إلى أن الله تعالى دبر أمر العباد وقدر أحوالهم في المعاد قبل وجودهم، ووهم يتشبث

به المجبرة المانعون للتكليف، ويتشكل به القدرية المنكرون للقدر، وهو أن السعادة والشقاوة

لو كانتا مقدرتين بحيث لا يتطرق إليهما التغير والتبدل لم تكن التكاليف والأعمال مفيدة، فإن من كتب مقعده من الجنة لا يزحزحه عن مقعده كفر وفسوق، ومن قدر مقعده من النار لا يخلصه عنه إيمان وخلوص.

وتنبيه على الجواب عنه: وهو أن الله تعالى دبر الأشياء على ما شاء، وربط بعضها ببعض، وجعلها أسبابا ومسببات، وإن كان يقدر على إيجاد الجميع ابتداء بلا أسباب ووسائط، كما

خلق المباديء والأسباب، لكنه أمر اقتضته حكمته وسبقت به كلمته وجرت عليه عادته، فمن

قدر أنه من أهل الجنة قدر له ما يقربه إليها من الأعمال، ووفقه لذلك بإقداره وتمكينه منه

وتحريضه عليه بالترغيب والترهيب، وألان قلبه لقبول الحق، وأرشده للتمييز بين الباطل والحق

ومن قدر

ص: 95

أنه من أهل النار قدر له خلاف ذلك، وخذله حتى اتبع هواه، وران على قلبه الشهوات، ولم يغن عنه النذر والآيات، فأتى بأعمال أهل النار وأصر بها، حتى طوى عليه صحيفة عمره، وكان ما يدخله النار ملاك أمره، وهو معنى قوله:" وكل ميسر لما خلق له ".

42 – 65 – وقال: " إن الله تعالى – كتب على ابن آدم حظه من الزنا، أدرك ذلك لا محالة، فزنا العين النظر، وزنا اللسان المنطق، والنفس تتمنى وتشتهي، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه "

وفي رواية:" الأذنان زناهما الاستماع، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطا ".رواه أبوهريرة رضي الله عنه.

" عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا " الحديث.

أراد بالزنا: مقدماته من التمني، والتخطي لأجله، والتكلم فيه طلبا أو حكاية، واستماع

ذلك، ونحوها.

" والفرج يصدق ذلك ويكذبه "،أي: بالإتيان بما هو المقصود من ذلك، أو بالترك والكف عنه، ولما كانت المقدمات – من حيث إنها طلائع وأمارات – تؤذن بوقوع ما هي وسيلة إليه تشابه

المواعيد والأخبار عن الأمور المترقبة، سمي ترتب المقصود عليها – الذي هو كالمدلول لها – وعدم ترتبه: صدقا وكذبا.

ص: 96

وقوله: (كتب عليه) أي قضى، فأثبت في اللوح المحفوظ، وقيل: خلق له أداته وعدده من الحواس وغيرها، والأول هو المناسب لمعاني هذا الباب، والله أعلم.

43 – 66 – وعن عمران بن حصين: أن رجلين من مزينة قالا: يا رسول الله! أرأيت ما يعمل

الناس، ويكدحون فيه، أشيء قضي عليهم ومضى فيهم من قدر سبق، أم فيما يستقبلون؟

فقال:" لا بل شيء قضي عليهم، وتصديق ذلك في كتاب الله عز وجل {ونفس وما سواها () فألهمها فجورها وتقواها} [الشمس: 7 - 8] ".

" وفي حديث عمران بن حصين: أرأيت ما يعمل الناس ويكدحون؟ ".

أي: يسعون، والكدح: السعي والعناء.

44 -

67 – وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" يا أبا هريرة! جف القلم بما أنت لاق، فاختص على

ذلك أو ذر ".

" وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: يا أبا هريرة! جف القلم بما أنت لاق،

فاختصر [فاختص] على ذلك أو ذر ".

ص: 97

(جفاف القلم): كناية عن الفراغ عن التقدير، وثبت المقادير، إذ الكاتب إنما يجف قلمه

بعد فراغه عن الكتابة.

و (أو) للتسوية.

ومعناه: أن الاختصار على التقدير والتسليم له وترك الإعراض عنه سواء، فإن ما قدر لك

من خير أو شر، فهو لا محالة لاقيك، وما لم يكتب، فلا حيلة ولا طريق إلى حصوله لك.

وروي: " فاختص " من (الاختصاء) ويشهد له ما روي صدرا لهذا الحديث، وهو: أن

أبا هريرة قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله! إني رجل شاب، وإني أخاف العنت،

ولست أجد طولا أتزوج به النساء، فاذن لي أن أختصي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" جف القلم

بما أنت لاق، فاختص على ذلك أو دع "، وعلى هذا يكون (على ذلك) حالا.

45 – 68 – وقال صلى الله عليه وسلم: " إن قلوب بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن، كقلب واحد يصرفه كيف يشاء "، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اللهم مصرف القلوب، صرف قلوبنا على طاعتك "، رواه عبد الله ابن عمرو

ص: 98

" وعن ابن عمر [و] رضي الله عنهما: أنه قال: قلوب العباد بين إصبعين من أصابع الرحمن "الحديث

يقال: فلان قبض الملك بين إصبعيه، ويقلبه بأنملته، إذا تمكن منه، واستقل بأمره وجرى حسب تصرفه وتدبيره ومن غير استعصاء وتمانع.

والمعنى: إن الله تعالى هو المتمكن من قلوب العباد، والمتسلط عليها، والمتصرف فيها، يصرفها

كيف يشاء، كما قال تعالى:{فألهمها فجورها وتقواها} [الشمس: 8].

وإنما قال:" من أصابع الرحمن " ولم يقل: من أصابع الله، إشعارا بأن الله تعالى إنما تولى بنفسه

أمر قلوبهم، ولم يكله إلى أحد من ملائكته رحمة منه وفضلا، كيلا يطلع على سرائرهم، ولا يكتب عليهم ما في ضمائرهم.

46 – 69 – وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما من مولود إلا يولد على الفطرة

،فأبواه يهودانه، أو ينصرانه أو يمجسانه، كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء، هل تحسون فيها من

جدعاء حتى تكونوا أنتم تجدعونها؟ " ثم يقول:"{فطرة الله التي فطر الناس عليها} ".

" عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ما من مولود إلا

ص: 99

يولد على الفطرة " الحديث.

بناء " الفطرة " يدل على النوع، من:(الفطر) وهو الابتداء والاختراع، كالجلسة والركية

واللام فيها إشارة إلى معهود، وهو ما نطق به قوله تعالى: {فأقم وجهك للدين حنيفا فطرت الله

التي فطر الناس عليها} [الروم: 30].

والمراد بها: الخلقة التي خلق الله الناس عليها، من الاستعداد للمعرفة، وقبول الحق، والتأبي عن

الباطل، والتمييز بين الخطأ والصواب.

والمعنى: أن كل مولود يولد على وجه لو ترك بحاله، ولم يعتوره من الخارج ما يصده عن النظر الصحيح من فساد التربية وتقليد الأبوين والألف بالمحسوسات والانهماك في الشهوات ونحو ذلك

، لنظر فيما نصبه من الدلائل على التوحيد وصدق الرسول وغير ذلك نظرا صحيحا يوصله إلى الحق ويهديه إلى الرشد، وعرف الصواب واتبع الحق، ولم يختر إلا الملة الحنيفية، ولم يلتفت إلى

جنبة سواها، لكن يصده عن ذلك أمثال هذه العوائق.

وضرب (الجمعاء) و (الجذعاء) لذلك مثلا، فإن البهيمة تولد سوية الأراب سليمة الأعضاء من الجذع ونحوه، فلو لم يتعرض الناس لها بقيت سليمة كما ولدت، وسميت السليمة جمعاء،

لاستجماعها جميع ما ينبغي أن يكون له من الأعضاء.

وقيل: المراد بالفطرة ملة الإسلام، ويعضده: أنه روي:" كل

ص: 100

مولود يولد على الملة " بدل: (الفطرة) ، وفيه نظر، لأنه يؤدي إلى مخالفة الحديث للآية

التي استشهد بها، فإنها دلت على أن تلك الفطرة لا تتبدل، كما قال:{لا تبديل لخلق الله}

[الروم: 30] ، والإسلام يبدله تهويد الأبوين وتمجيسهما على ما نطق الحديث.

ولعله – عليه السلام – تلفظ بالعبارة الثانية في مجلس آخر، وأراد بها أن كل مولود يولد على

حكم الإسلام، على معنى أنه لو خلي وطبعه، ونظر فيما نصب له من الآيات اختار الإسلام

واستقر عليه.

47 – 70 – وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمس كلمات، فقال:

:" إن الله تعالى لا ينام، ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، يرفع إليه عمل الليل قبل

عمل النهار، وعمل النهار قبل عمل الليل، حجابه النور، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه

ما انتهى إليه بصره من خلقه ".

" عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمس كلمات " الحديث.

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا وعظ قام

وقوله:" بخمس كلمات " حال: أي قام متفوها بخمس كلمات، وما بعده تفصيل له، والنوم

استراحة للقوى والحواس، ومن كان بريئا من ذلك ولا يشغله شأن عن شأن لا ينبغي له أن ينام.

ص: 101

" يخفض القسط ويرفعه ": ينقص النصيب باعتبار ما كان يمنحه قبل ذلك، ويزيد بالنظر إليه

بمقتضى قدره الذي هو تفصيل لقضائه الأول.

وقيل: القسط: هو الميزان، لما روى أبو هريرة:" يخفض الميزان ويرفعه "، سمي بذلك لأنه

تحصل به المعدلة في القسمة، وخفضه ورفعه كنايتان عن التوسيع والتقتير.

" يرفع إليه عمل الليل "،أي: إلى خزائنه، كما يقال: حمل المال إلى الملك، فيضبط إلى يوم

الجزاء، أو يعرض عليه وإن كان أعلم به، ليأمر ملائكته إمضاء ما قضى لفاعله جزاء له على

فعله. " قبل عمل النهار " أي: قبل أن يؤتى بعمل النهار، وهو بيان لمسارعة الكرام الكتبة

إلى رفع الأعمال، وسرعة عروجهم إلى ما فوق السماوات، وعرضهم على الله تعالى، فإن

الفاصل بين الليل والنهار أن لا يتحرى هو آخر الليل وأول النهار، وقيل: قبل أن يرفع إليه

عمل النهار، والأول أبلغ.

" حجابه النور " أي: تحيرت البصائر والأنظار، وأبيحت طرق الأفكار دون أنوار عظمته

وكبريائه وأشعة عزه وسلطانه، فهي كالحجب التي تحول بين العقول البشرية وما وراءها، لو كشفت فتجلى ما وراءها لأحرقت عظمة جلال ذاته وأفنت ما انتهى إليه بصره من خلقه،

لعدم إطاقته، وهو بعد في الدار الدنيا منغمس في الشهوات، متآلف

ص: 102

بالمحسوسات، محجوب بالشواغل البدنية والعوائق الجسمانية عن حضرة القدس، والاتصال بها

ومشاهدة جمالها.

و (السبحات): جمع سبحة، والمراد بها: الأنوار التي إذا رآها الملائكة المقربون سبحوا لما

يروعهم من جلال الله وعظمته.

48 – 72 – وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذراري المشركين فقال:" الله

أعلم بما كانو عاملين ".

" وعن أبي هريرة قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذراري المشركين، فقال: الله أعلم بما كانوا

عاملين ".

(الذراري): جمع ذرية، هي نسل الرجل إما من الذر بمعنى التفريق، سموا بذلك لأن الله تعالى

ذرهم في الأرض، فهي فعلية كسرية، أو فعلولة قلبت الراء الثالثة ياء كما في: تقضيت، ثم

قلبت الواو ياء وأدغمت فيها، والمراد بها: الأطفال، وأمرهم فيما يتعلق بالأور الدنيوية تبع لأشرف الأبوين في الدين، وهو معنى قوله – عليه السلام – حيث قال:" [هم] من آبائهم "،

وفيما يعود بأمر الآخرة من الثواب والعقاب فموقوف موكول إلى علم الله، لأن السعادة والشقاوة ليستا معللتين عندنا بالأعمال، بل الله تعالى خلق من شاء سعيدا ومن

ص: 103

شاء شقيا، وجعل الأعمال دليلا على السعادة والشقاوة.

وأنت تعلم أن عدم الدليل وعدم العلم به لا يوجبان عدم المدلول والعلم بعدمه، وكما أن البالغين منهم شقي وسعيد، فأما الذين شقوا فهم مستعملون بأعمال أهل النار حتى يموتوا عليها،

فيدخلوا النار، وأما الذين سعدوا فهم موفقون للطاعات وصالح الأعمال حتى يتوفوا عليها، فيدخلوا الجنة، فالأطفال منهم من سبق القضاء بأنه سعيد من أهل الجنة، فهو لو عاش عمل أعمال أهل الجنة، ومنهم من جف القلم بأنه شقي من أهل النار، فهو لو أمهل لاشتغل بالعصيان

وانهمك في الطغيان، وهو معنى قوله:" والله أعلم بما كانوا عاملين ".

من الحسان:

49 – 74 – وسئل عمر بن الخطاب عن هذه الآية " {وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم} الآية قال عمر رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل عنها فقال:" إن الله خلق آدم، ثم

مسح ظهره بيمينه، فاستخرج منه ذرية، فقال: خلقت هؤلاء للجنة، وبعمل أهل الجنة يعملون

ثم مسح ظهره، فاستخرج منه ذرية، فقال: خلقت هؤلاء للنار وبعمل أهل النار يعملون "،

فقال رجل: ففيم العمل يا رسول الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إن الله إذا خلق العبد

ص: 104

للجنة استعلمه بعمل أهل الجنة حتى يموت على عمل من أعمال أهل الجنة فيدخله به الجنة، وإذا خلق العبد للنار استعمله بعمل أهل النار حتى يموت على عمل من أعمال أهل النار، فيدخله النار ".

(من الحسان)

" سئل عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن هذه الآية: {وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم} [الأعراف: 172] الآية فقال عمر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل عنها " الحديث.

معنى الآية: أن الله تعالى أخرج من أصلاب بني آدم نسلهم، وأشهدهم على أنفسهم بأن نصب لهم الأدلة على ربوبيته ووحدانيته، وركب فيهم العقول والبصائر، وجعلها مميزة بين الحق والباطل، نزل تمكينهم من العلم بربوبيته بنصب الدلائل، وخلق الاستعداد فيهم وتمكينهم من معرفتها والإقرار بها = منزلة الإشهاد والاعتراف تمثيلا وتخييلا.

ونظيره قوله تعالى: {إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون} [النحل: 40] وقوله: {فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين} [فصلت: 11].

وقول الشاعر:

إذ قالت الأنساع للبطن الحق

ص: 105

وقوله:

قالت لها ريح الصبا قرقار

فإن من البين الذي لا يشك فيه أنه لا قول ولا خطاب ثم، وإنما هو تمثيل وتصوير للمعنى، فظاهر الحديث لا يساعد هذا المعنى ولا ظاهر الآية، فإنه سبحانه وتعالى لو أراد أن يذكر أنه استخرج

الذرية من صلب آدم دفعة واحدة لا على توليد بعضهم من بعض على مر الزمان، لقال: وإذ

أخذ ربك من ظهر آدم ذريته.

والتوفيق بينهما: أن يقال: المراد من " بني آدم " في الآية آدم وأولاده، وكأنه صار اسما للنوع كالإنسان والبشر، والمراد من الإخراج توليد بعضهم من بعض على مر الزمان وواقتصر في الحديث على ذكر آدم اكتفاء بذكر الأصل عن ذكر النوع.

قوله:" مسح ظهر آدم " يحتمل أن يكون الماسح هو الملك الموكل على تصوير الأجنة وتخليقها وجمع موادها وإعداد عددها، وإنما أسند إلى الله تعالى من حيث هو الآمر به، كما أسند إليه التوفي في قوله تعالى {الله يتوفى الأنفس حين موتها} [الزمر: 42] والمتوفي لها هو الملائكة ولقوله تعالى: {الذين تتوفاهم الملائكة} [النحل: 28] ويحتمل أن يكون الباري تعالى.

والمسح من باب التمثيل، وقيل ك هو من المساحة بمعنى

ص: 106

التقدير كأنه قال: قدر ما في ظهره من الذرية.

****

50 – 75 – وقال عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي يده كتابان، فقال للذي في يده اليمنى:" هذا كتاب من رب العالمين، فيه أسماء أهل الجنة وأسماء آبائهم وقبائلهم، ثم أجمل على آخرهم، فلا يزاد فيهم ولا ينقص منهم أبدا " ثم قال للذي في شماله:" هذا كتاب من رب العالمين، فيه أسماء أهل النار وأسماء آبائهم وأسماء قبائلهم، ثم أجمل على آخرهم، فلا يزاد فيهم ولا ينقص منهم أبدا" ثم قال: بيديه فنبذهما، ثم قال:" فرغ ربكم من العباد، {فريق في الجنة وفريق في السعير} ".

" وعن عبد الله بن عمرو أنه قال: خرج إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي يديه كتابان " الحديث.

(قال للذي بيديه)، أي: أشار إليه، أو: قال لأجله وفي شأنه، والظاهر أن قوله:" هذا كتاب من رب العالمين " كلام صادر على سبيل التمثيل والتصوير، مثل الثابت في علم الله تعالى، أو المثبت في اللوح بالمثبت في الكتاب الذي كان في يده

ص: 107

وقوله: "ثم أجمل على آخرهم" من قولهم: أجمل الحساب إذا تمم ورد من التفصيل إلى الجملة،

وأثبت في آخر الورقة مجموع ذلك وجملته.

وقوله:" فرغ ربكم " إلى آخره فذلكة الكلام ونتيجته، فإنه سبحانه لما قسم العباد قسمين ووقدر أحد القسمين على التعيين أن يكون من أهل الجنة، وقدر القسم الآخر أن يكون في النار، وعينهم تعيينا لا يقبل التغيير والتبديل، فقد فرغ من أمرهم:{فريق في الجنة وفريق في السعير} [الشورى: 7].

51 – 79 – وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:" إن الله تعالى خلق خلقه في ظلمة، فألقى عليهم من نوره، فمن أصابه من ذلك النور اهتدى، ومن أخطأه ضل، فلذلك أقول: جف القلم على علم الله ".

" عن عبد الله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن الله تعالى خلق خلقه في ظلمة " الحديث.

المراد بالظلمة: ظلمة الطبيعة، والميل إلى الشهوات ووالركون إلى المحسوسات، والغفلة عن معالم الغيب وأسرار عالم القدس، والنور الملقى إليهم ما نصب لهم من الشواهد والحجج وما أنزل

ص: 108

عليهم من الآيات والنذر، إذ لولا ذلك لبقوا في ظلمات الطبيعة حيارى متخبطين مثل الأنعام، كما هو حال الكفرة المنهمكين في الشهوات، المعرضين عن الآيات، الذين أخبر عنهم بقوله:{أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون} [الأعراف: 179].

52 – 83 – عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم:" صنفان من أمتي ليس لهما في الإسلام نصيب: المرجئة والقدرية "،غريب.

" عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صنفان من أمتي ليس لهما في الإسلام نصيب: المرجئة والقدرية ".

" المرجئة " بالهمز: القائلون بالجبر الصرف، المنكرون للتكليف، سموا بها لأنهم أخروا أمر الله تعالى ولم يعتبروه، من: أرجأ إذا أخر.

و" القدرية ": المنكرون للقدر، القائلون بأن أفعال العباد مخلوقة بقدرهم ودواعيهم، لا يتعلق بخصوصها قدرة الله تعالى أو إرادته، نسبوا إلى القدر لأن بدعتهم نشأت من قولهم في القدر.

53 – 90 – عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " الوائدة والموؤدة في النار ".

" عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الوائدة والموؤدة في النار ".

ص: 109