الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأوقات والأحوال ما يوجب لها شفاء على أمثاله ، ثم إن العبادات يضاعف ثوابها عشرة أضعاف وأكثر على مراتب العبادات ، كما قال عليه السلام:" الصدقة بعشرة أمثالها ، والقرض بسبعين "، فلعل القليل في هذا الوقت والحال بسببهما يضاعف أكثر ما يضاعف الكثير في غيرهما ، فيعادل المجموع المجموع ، ويحتمل أن يكون المراد منه: أن ثواب القليل مضعفا يعادل ثواب الكثير غير مضعف ، وهذا الكلام سؤالا وجوابا يجري في جميع نظائره.
…
30 -
باب
صلاة الليل
من الصحاح:
283 -
845 - عن عروة ، عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي فيما بين أن يفرغ من صلاة العشاء إلى الفجر إحدى عشرة ركعة ، يسلم من كل ركعتين ، ويوتر بواحدة ، فيسجد السجدة من ذلك قدر ما يقرأ أحدكم خمسين آية قبل أن يرفع رأسه ، فإذا سكت المؤذن من صلاة الفجر وتبين له الفجر ، قام فركع ركعتين خفيفتين ، ثم اضطجع على شقه الأيمن حتى يأتيه المؤذن للإقامة ، فيخرج.
(باب صلاة الليل)
(من الصحاح):
" عن عروة بن الزبير ، عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي فيما بين أن يفرغ " الحديث.
بنى الشافعي مذهبه في الوتر على هذا ، وزعم أن أكثر الوتر إحدى عشرة ركعة والفصل فيه أفضل من الوصل ، وأن فيه ما بين فرض العشاء وطلوع الفجر ، ولا يجوز تقديمه على فرض العشاء ، وفي جواز تقديمه على السنة خلاف ، ووجه المنع شمول قولها:" بين أن يفرغ من صلاة العشاء " لها.
وفي الحديث دليل على أنه يجوز أن يتقرب إلى الله بسجدة فردة لغير التلاوة والشكر ، وقد اختلف الآراء في جوازه ، وأن أذان الصبح يقدم على وقته ، لأن قولها:" وإذا سكت المؤذن من صلاة الفجر " أي: من أذانها ، و"تبين له الفجر " = يدل على أن التبيين لم يكن بالأذان ، وإلا لما كان لقوله) وتبين له الفجر) فائدة بعد قوله:(وسكت المؤذن)، والركعتان: ركعتا الصبح ، وكأن اضطجاعه استراحة عن مكابدة الليل ومجاهدة التهجد.
…
284 -
852 - عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: بت عند خالتي ميمونة ليلة والنبي صلى الله عليه وسلم عندها ، فتخذت رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أهله ساعة
ثم رقد ، فلما كان ثلث الليل الآخر أو بعضه قعد فنظر إلى السماء فقرأ:{إن في خلق السموات والأرض واختلف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب} حتى ختم السورة ، ثم قام إلى القربة ، فأطلق شناقها ، ثم صب في الجفنة ، ثم توضأ وضوءا حسنا بين الوضوءين لم يكثر وقد أبلغ ، فقام يصلي ، فقمت فنوضأت فقمت عن يساره ، فأخذ بأذني عن يمينه ، فتنامت صلاته ثلاث عشرة ركعة ، ثم اضطجع فنام حتى نفخ ، وكان إذا نام نفخ ، فآذنه بلال بالصلاة فصلى ولم يتوضأ ، وكان في دعائه:" اللهم اجعل في قلبي نورا ، وفي بصري نورا ، وفي سمعي نورا ، وعن يميني نورا ، وعن يساري نورا ، وفوقي نورا ، وتحتي نورا ، وأمامي نورا ، وخلفي نورا ، واجعل لي نورا ، - وزاد بعضهم - وفي لساني نورا ، - وذكر - وعصبي ، ولحمي ، ودمي ، وشعري ، وبشري ".
وفي رواية: " واجعل في نفسي نورا ، وأعظم لي نورا ".
وفي رواية: " اللهم أعطني نورا ".
وفي رواية: عن ابن عباس أنه رقد عند النبي صلى الله عليه وسلم فاستيقظ فتسوك وتوضأ وهو يقول: {إن في خلق السموات والأرض} حتى ختم السورة ، ثم قام فصلى ركعتين أطال فيهما القيام والركوع والسجود ، ثم انصرف فنام حتى نفخ ، ثم فعل ذلك ثلاث مرات ست ركعات ، كل ذلك يستاك ويتوضأ ويقرأ هؤلاء الآيات ، ثم أوتر بثلاث.
" وفي حديث ابن عباس: فلما كان ثلث الليل الآخر أو بعضه ".
أي: بعض الثلث ، ويجوز أن يكون الضمير لليل.
" قعد ، فنظر إلى السماء ، فقرأ: {إن في خلق السموات والأرض واختلف الليل والنهار} [البقرة:164] حتى ختم السورة ، ثم قام إلى القربة ":يدل على أن المتهجد ينبغي له إذا استيقظ أن يشغل كل عضو بما هو المطلوب منه والموظف له من الطاعات ، فيطالع بعينه عجائب الملك والملكوت ، ثم يتفكر بقلبه فيما انتهى إليه حاسة بصره ، ويعرج بمراقي فكره إلى عالم الجبروت ، حتى ينتهي إلى سرادقات الكبرياء ، فيفتح لسانه بالذكر والدعاء ، ثم يتبع بدنه نفسه بالتأهب للصلاة والوقوف في مقام التناجي.
و" الشناق": الخيط الذي يشد به رأس القربة.
وقوله: " ثم توضأ وضوءا حسنا بين الوضوءين " أي: وضوءا تاما كاملا غير طويل ولا قصير ، متوسطا بينهما.
وقوله: " لم يكثر وقد أبلغ " بيان للجملة المتقدمة ، أي: لم يكثر صب الماء ، و (قد أبلغ) الوضوء مواضعه.
وقوله: " فتنامت صلاته ثلاث عشرة ركعة " أي: صارت تامة ، تفاعل من: تم ، وهو لا يجيء إلا لازما وواستدل به من قال: أكثر الوتر ثلاث عشرة ، وليس كذلك ، لأن ركعتي الفجر داخلتان فيه ، بدليل قوله: " ثم اضطجع ، فنام حتى نفخ ، وكان إذا نام نفخ ، فآذنه
بلال بالصلاة ، فصلى ولم يتوضأ "، وكان يعتاد أن يصلي ركعتي الصبح ، ثم يضطجع حتى يأتيه المؤذن ويعلمه ، فيخرج للفرض ، وقد صرحت به عائشة) وإنما لم يتوضأ).
" وقد نام حتى نفخ " أي: تنفس بصوت ، لأن النوم لا ينقض الطهر بنفسه ، بل لأنه مظنة خروج الخارج ، ولذلك لا ينتقض وضوء من نام قاعدا ممكنا مقعده على الأرض ، وإليه أشار عليه السلام بقوله:" وكاء السه العينان" ، ولما كان قلبه - صلوات الله عليه - يقظان لا ينام لم يكن نومه مظنة في حقه ، فلا يؤثر ، ولعله أحس بتيقظ قلبه بقاء طهره.
و (النور): ما يتبين به الشيء ويظهر ، ومعنى طلب النور للأعضاء: أن تتحلى بأنوار المعرفة والطاعة ، وتعرى عن الظلم الجهالة والمعاصي.
وللجهات الست طلب الهداية للنهج القويم والصراط المستقيم ، وأن يكون جميع ما تصدى وتعرض له سببا لمزيد علمه وظهر أمره ، وأن يحيط به يوم القيامة ، فيسعى خلال النور ، كما قال تعالى في حق المؤمنين:{نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم} [التحريم: 8].
ثم لما دعا أن يجعل لكل عضو من أعضائه نورا يهتدي به إلى كماله ، وأن يحيط به من جميع الجوانب ، فلا يخفى عليه شيء ، ولا ينسد عليه طريق = دعا أن يجعل له نورا به يستضيء الناس ، ويهتدون إلى سبيل معاشهم ومعادهم في الدنيا والآخرة.
وقوله في رواية الأخرى: (ثم قام فصلى ركعتين أطال فيهما
القيام والركوع والسجود ، ثم انصرف ، فنام حتى نفخ ، ثم فعل ذلك ثلاث مرات ست ركعات ، كل ذلك يستاك ويتوضأ ويقرأ هؤلاء الآيات ، ثم أوتر بثلاث = يدل على الركعات الست كانت من تهجده ، وأن الوتر ثلاث ، وإليه ذهب أبو حنيفة ، وقال: الوتر ثلاث ركعات موصولة ، لا أزيد ولا أنقص ، وإن السواك كلما قام من النوم محبوب.
…
285 -
854 - قالت عائشة رضي الله عنها: لما بدن رسول الله صلى الله عليه وسلم وثقل ، كان أكثر صلاته جالسا.
" وقالت: لما بدن رسول الله صلى الله عليه وسلم وثقل كان أكثر صلاته جالسا ".
بدن تبدينا: أسن وكبر ، وبدن بدانة: سمن ، وقد رويا ، والأول أكثر في النسخ وأصح ، لأنه عليه السلام لم يوصف بالسمن المثقل ، وعلى هذا معنى (ثقل): ضعف ويطؤ حركته ، ويشهد له ما روي عن عبد الله بن شقيق أنه قال: قلت لعائشة: أكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي جالسا؟ قالت: نعم ، بعدما حطمته السن.
…
286 -
857 - عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين ،