الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(3)
كتاب الطهارة
من الصحاح:
104 -
191 - عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" الطهور شطر الإيمان ، والحمد لله تملأ الميزان ، وسبحان الله والحمد لله تملآن - أو تملأ - ما بين السماوات والأرض ، والصلاة نور ، والصدقة برهان ، والصبر ضياء ،والقرآن حجة لك أو عليك ، كل الناس يغدو ، فبائع نفسه ، فمعتقها أو موبقها "، وفي رواية أخرى:" ولا إله إلا الله والله أكبر يملآن ما بين السماء والأرض ".
(كتاب الطهارة)
(من الصحاح):
" عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الطهور شطر الإيمان "، الحديث.
قد جاء فعول في كلام العرب لمعان مختلفة:
منها: المصدر، وهو قليل، كالقبول والولوع والوزوع.
ومنها: الفاعل، كالعفو والصفوح والشكور ، وفيه مبالغة ليست في الفاعل.
ومنها: المفعول، كالركوب والضبوث والحلوب.
ومنها: ما يفعل به، مثل الوضوء والغسول والفطور.
ومنها: الاسمية، كالذنوب ، وقد حمل الشافعي رضي الله عنه قوله:{وأنزلنا من السماء ماء طهورا} [الفرقان:48] على المعنى الرابع ، لقوله تعالى {ليطهركم به} [الأنفال:11] ،ولقوله عليه السلام:" وجعلت لي الأرض مسجدا وترابها طهورا ".
وهو هاهنا بمعنى المصدر ، والمراد به: المشترك بين طهارتي الحدث والخبث.
وبـ (الإيمان): الصلاة ، كما في قوله تعالى:{وما كان الله ليضيع إيمانكم} [البقرة: 143]،أي: صلاتكم إلى بيت المقدس.
وإنما جعل الطهارة شطر الصلاة – وشطر الشيء نصفه – لأن صحة الصلاة والاعتداد بها باجتماع أمرين: الأركان والشرائط ، وأظهر الشروط وأقواها: الطهارة ، فجعل الطهارة كأنها الشرط كله ، والشرط شطر ما لا بد منه حتى ينعقد صحيحا.
وقال بعض المحققين: الطهور: تزكية النفس عن العقائد الزائغة والأخلاق الذميمة ، وهي شطر الإيمان الكامل ، فإنه عبارة عن مجموع
أحدهما: تزكية النفس عن ذلك.
وثانيهما: التحلية بالاعتقادات الحقة والشمائل المحمودة.
" وسبحان الله والحمد لله تملآن ما بين السماوات والأرض "، أي: يملأ ما يترتب عليهما من الثواب – بفرض الجسمية – ما بين السماوات والأرض.
واشتقاق (النور): من نار ينور: إذا نفر لما فيه من الحركة والاضطراب ، و (البرهان): الدليل الواضح ، و (الضياء): النور القوي ، والإضاءة: فرط الإنارة ، قال الله تعالى:{هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا} [يونس:5] ، فـ"الصلاة نور " يهتدي بها في ظلمات الهوى ، فإنها تنهى عن الفحشاء والمنكر ، أو: نور يسعى بين يدي صاحبها يوم القيامة ،"والصدقة برهان "،أي: دليل واضح على صدق صاحبها في دعوى الإيمان ، أو على أنه على الهدى والفلاح ، و"الصبر ضياء" تنكشف به الكرات ، وتنقلع به الظلمات ، إذ الصبر: ثبات النفس على المكاره وحبسها عن الشهوات ، فمن صبر على ما أصابه من مكروه – علما بأنه من قضاء الله وقدره – هان عليه ذلك ، وكفى عنه شره ، وادخر له أجره ، ومن اضطرب فيه وأكثر الجزع له ، لم ينفع تعبه ، ولم يدفع سعيه شيئا من قدر الله ، بل يتضاعف به همه ، ويتحبط به أجره ، وكذا من صبر على مشاق التكاليف والكف عن الملاهي والمحرمات فاز في الدارين
فوزا عظيما ، ومن استأثر الاستراحة واتبع الهوى ، فقد خسر خسرانا مبينا.
و" القرآن حجة " لمن عمل به ، يدل على فوزه ونجاته ، وحجة على من أعرض عنه ، يدل [علي] سوء مآبه.
و (الغدو): ضد الرواح ، مأخوذ من: الغدوة ، وهو ما بين الصبح والطلوع.
و (البيع): المبادلة ، والمعنى به هاهنا: صرف النفس واستعماله في عرض ما يتوخاه ويتوجه نحوه ، فإن كان خيرا يرضى به الله تعالى ، فقد أعتق نفسه عن عذابه ، وإن كان شرا فقد أوبقها ، أي: أهلكها ، بأن جعلها بسببه عرضة لأليم عقابه.
…
105 – 192 – وقال:" ألا أخبركم بما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟ إسباغ الوضوء على المكاره ، وكثرة الخطا إلى المساجد ، وانتظار الصلاة بعد الصلاة ، فذلكم الرباط ، فذلكم الرباط ، فذلكم الرباط ،رواه أبو هريرة رضي الله عنه.
" عن أبي هريرة رضي الله عنه: أنه – عليه الصلاة والسلام – قال: ألا أخبركم بما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟ إسباغ الوضوء على المكاره " الحديث.
"إسباغ الوضوء على المكاره ": إتمامه وتكميله حال ما يكره استعمال الماء ، كالتوضؤ بالماء البارد في الشتاء.
و" الرباط ": المرابطة ، وهي ملازمة ثغر العدو ، مأخوذ من (الربط) وهو الشد ، والمعنى: أن هذه الأعمال هي المرابطة الحقيقية ، لأنها تسد طرق الشيطان على النفس ، وتقهر فيها الهوى ، وترعبها في التقى ، وتمنعها عن قبول الوساوس واتباع الشهوات ، فيغلب بها حزب الله جنود الشيطان ، وذلك هو الجهاد الأكبر ، إذ الحكمة في شرع الجهاد تكميل الناقصين ومنعهم عن الإفساد والإغواء.
…
106 – 195 – وقال:" ما من امريء مسلم تحضره صلاة مكتوبة ، فيحسن وضوءها وخشوعها وركوعها ، إلا كانت كفارة لما قبلها من الذنوب ما لم يأت كبيرة ، وذلك الدهر كله "، رواه عثمان رضي الله عنه.
" وعن عثمان رضي الله عنه: أنه – عليه السلام – قال: ما من امريء مسلم تحضره صلاة مكتوبة " الحديث.
" الصلاة المكتوبة ": المفروضة ، من: كتب كتابا ، إذا فرض وهو مجاز من (الكتبة) ، فإن الحاكم إذا كتب شيئا على أحد كان ذلك حكما وإلزاما.
و (إحسان الوضوء): الإتيان بفرائضه وسننه.
و (خشوع الصلاة):الإخبات فيها بانكسار الجوارح ، و (إحسانها): أن يأتي بكل ركن على وجه أكثر تواضعا وخضوعا ، وتخصيص الركوع بالذكر تنبيه على إنافته على غيره ، وتحريض عليه ، فإنه من خصائص صلاة المسلمين.
و" ما لم يأت كبيرة " أي: لم يعمل ، وفي "كتاب مسلم ":"ما لم يؤت " – بكسر التاء – من (الإيتاء) على بناء الفاعل ، والأكثر:" ما لم تؤت " على بناء المفعول ، وكأن الفاعل يعطي العمل ، أو يعطيه الداعي له والمحرض عليه ، أو الممكن له منه.
" وذلك الدهر كله ": إشارة إلى التكفير ،أي: لو كان يأتي بالصغائر كل يوم ، ويؤدي الفرائض كملا يكفر كل فرض ما قبله من الذنوب ، كما قال عليه الصلاة والسلام:" الصلوات الخمس ، والجمعة إلى الجمعة ، ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن ، إذا اجتنبت الكبائر ". أو إلى ما قبلها ،أي: المكتوبة تكفر ما قبلها ، ولو كان ذنوب العمر كله.
…
من الحسان:
107 – 200 – قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" استقيموا ولن تحصوا
واعملوا أن خير أعمالكم الصلاة ، ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن "، رواه ثوبان رضي الله عنه.
" عن ابن عمرو رضي الله عنهما: أنه عليه الصلاة والسلام قال: استقيموا ولن تحصوا "الحديث.
المراد بـ (الاستقامة): اتباع الحق والقيام بالعدل وملازمة المنهج المستقيم ، وذلك خطب عظيم لا يتصدى لإحصائه إلا من استضاء قلبه بالأنوار القدسية ، وتخلص عن الظلمات الإنسية ، وأيده الله من عنده ، وأسلم شيطانه بيده وقليل ما هم ، فأخبرهم بعد الأمر بذلك: أنكم لا تقدرون على إيفاء حقه والبلوغ إلى غايته ، كيلا تغفلوا عنه ، ولا تتكلوا على ما تأتون به ، ولا تيأسوا من رحمة الله ، فيما تذرون عجزا وقصورا ، لا تقصيرا.
وقيل: و (لن تحصوا) معناه: ولن تحصوا ثوابه ، و (الإحصاء) في الأصل ، وهو العد ،من (الحصى) بمعنى العدد ، والله أعلم.
***