الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم إن الأمير فيصل بن عبد العزيز احتل الحديدة بعدما أخلاها جيش الإمام إخلاء تام قبيل احتلاله بعشرين يومًا، فدخلها فيصل بنفسه من الغد يوم السبت آلة اللاسلكي للاتصال بالمملكة العربية السعودية، وكان قد استصحبها كما استصحب آلات أخرى لذلك، وأنشأ فيها مركز للشرطة والمالية والأوقاف، وموضعأ للمعارف تمهيدًا لجعلها سعودية، بل قد أرسل مدير ماليته لترتيب شؤونها المالية، وأصدر أمره بالاحتفاظ يحميع الموظفين اليمنيين مع زيادة رواتبهم، فكان الفرح والجذل لا يوصف، فلما أدرك الإمام يحيى خطورة الموقف وعبث المقاومة والقتال أقز مطالب جلالة الملك التي اشترطها حيث أخلى الجبال، وفلكَّ الرهائن، وأمر بتسليم الأدارسة، فعندها أمر ابن سعود جيوشه بالاحتفاظ بالأماكن التي احتلتها، وتوقيف القتال في جميع الجهات.
وأرسل الإمام وفده إلى الطائف للدخول في مفاوضات الصلح، وكان ابتدائه في التنفيذ في أوائل صفر، وفي 24 منه سلم عائلات الأدارسة وحاشيتها إلى الأمير فيصل بن عبد العزيز، وكانت نحوًا من ثلاثمائة شخص وعلى رأسهم الحسن الإدريسي، وعبد العزيز الإدريسي، فأكرم الأمير وفادتهم وجرى إخلاء معظم الجبال.
ذكر عقد الاتفاقية وانتصار ابن سعود
فنقول كانت إيطاليا أرادت أن تبحث لها عن منفذ في بلاد العرب، راحت تسلك سياسة نفوذ في اليمن، فتلقاها الإمام يحيى في أول الأمر بكثير من التحفظ، وكان قبل أن يتعاقد مع الإيطاليين حاول أن يفاوض الحاكم الفرنسي في جيبوتي بعقد علاقات تجارية وشراء ذخائر للحرب، والاستعانة بالمهندسين الفرنسيين، وأرباب الصنائع الفرنسية، على أن مسيو باشون للساك الحاكم الفرنسي في جيبوتي رفض أن يعقد مع الإمام يحيى علاقات كهذه جاهلًا ما وراءها من الفوائد، لأنها صحت عزيمة يحيى على فتح ذراعيه للإيطاليين، ومنذ ذلك الحين أخذ هؤلاء
يبذلون جميع المساعي لإرضاء رغائب اليمنيين، حتى لم يجد الإمام يحيى بدًا من مكافأتهم على الخدم التي أدوها إلى بلاده، فوعدهم بقاطعة عسير، وكان وعده هذا سببًا لما وقع بينه وبين المملكة العربية السعودية، وأيضًا ما حدث بعد ذلك وما جعل الحرب واقعة حتمًا فهو اتفاق يحيى والأدارسة حكام عسير على مساعدتهم للرجوع إلى إمارتهم، والآن فإن إيطاليا قد خسرت بعد الحرب والمعاهدة نفوذهم في اليمن بعدما أنفقوا الملايين لبسط هذا النفوذ، وبعدما هللت إيطاليا واستبشرت بعقد المعاهدة بينها وبين الإمام يحيى، ومنحوا عاقدها السنيور غاسباريني الرتب والأوسمة، مضى بعد عقدها نحو ثماني سنين لم ينالوا من يحيى منالًا، وها قد فقدوا آخر أمل مقاطعة عسير، فانتصار ابن سعود على اليمن قد قضى على آمال إيطاليا في عسير وغير عسير، وكان يحيى قد لجأ إلى إيطاليا لما طوقت بلاده القوات السعودية، وخسر غالبها فجاءت الإمدادات من قبلها مالًا ورجالًا، غير أنها لم تفلح، وذلك لأن الحكومة قابلت إيطاليا بإيقاف تلك الإمدادات وأرشدتها إلى حسن التفاهم بأنها إن كانت الحرب بين العرب فلا دخول لأجني فيها، وإن كانت إيطاليا تريد أن تتدخل كا لا يعنيها فلا بد من اتخاذ تدابير أخرى والسعي لدى الحلفاء كضادتها، فوقفت إيطاليا مكتوفة اليدين، وما كان بوسعها أن تسعى لما يضر بأمرها، وقد انتصر القائد العظيم فيصل بن عبد العزيز الانتصار المؤزر في هذه الحرب حتى دوى ذكره بين الخافقين وطرد الجيوش اليمنية من الأراضي السعودية التي احتلتها، واحتل بلدانًا وترى كثيرة في حرب أدهشت اليمنيين، بل أدهشت العالم فخسروا المال والرجال والعتاد، كما خسروا المدن والقرى.
وكان الأمير محمد بن عبد العزيز في خميس مشيط بما تحت يده من الجنود، ولما أن التقى ابن الوزير بجلالة الملك عبد العزيز شوهد من عاهل الجزيرة شجاعة تتلاشى دونها الأبطال، وترجف لها أفئدة الصناديد من الرجال.
ولما أن كلم ابن الوزير مندوب يحيى وجعل يعدد طلباته، أجاب ابن الوزير بأن جميعها منفذة، وطلب من صاحب الجلالة أن يرد على يحيى مدينة الحديدة