الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويخبط صاحبها الهوام والحجارة خوفًا من سطوة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل فيصل فيؤتى بالضالة التي ألجأها المبيت إلى بعض البيوت فيا للعجب العجاب، إنها لنكتة يجب علينا أن نحلي بها تاريخنا.
عجيبة ثالثة
حج في هذه السنة رجل من أهل حلب أشمط كان طوله قدرًا من ذراع ونصف ذراع، وجهه وجه رجل، وقدر جلوسه كابن أربع سنين، ومن مرفقه إلى أنامله قدر من تسع أصابع، أما قدر وركيه وساقيه فثلثا ذراع، وكان أبيض اللون، سمينًا، قارئًا للقرآن، فصيحًا عربيًا، ولما أن ورد إلى المملكة العربية السعودية للحج مانعت الحكومة من دخوله خشية أن يكون من يأجوج ومأجوج، وبعد سؤال وجواب وبحث ومراجعات سمح له بالدخول، ولقد افتتن به الناس ينظرون إلى خلقته ويعجبون من رؤيته، فسبحان الخالق لما يشاء والقادر العظيم، كذلك رأينا رجلًا أسمر اللون مقعدًا وله في ذراعه يدان والذراع الأخرى فيها يد ليس فيها سوى إصبعين، فتبارك الله أحسن الخالقين.
وممن توفى فيها من الأعيان الزاهد العابد: علي بن منديل، كان حلو النصائح كثير التسبيح والحمد والتهليل والتكبير، فتراه يمشي على تلك العصاء الضخمة الغليظة رجلاه مسترخيتان، فإذا لقي أحدًا من الناس قال له: قل سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، يغرس لك بها شجرة في الجنة، ثم يذهب إلى النساء اللواتي ينقلن الماء العذب للبيوت في مجامعهن على الآبار فيقف ويتكلم قائلًا: لا تكثرن الكلام بغير ذكر الله، أكثرن التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير يغرس لكن شجر في الجنة، وإذا رأى من يحب حمله السلام إلى والدته وأن يبلغها ذلك، وما زال يلهج بالموت وذكره والرحيل إلى الآخرة حتى مات ونقل اليها، وكان فقيرًا ومحبوبًا لدى الناس، تسمع موعظته وإن كان أميًا، وذلك لأنه كهل طلق المحيا.
مرَّ عليه ذات يوم غني من الزكرت قد لبس عقالًا وكسوة فاخرة من الصوف وفوق ذلك بشت من الوبر الطيب، وقد ثنى عطفه فلم يسلم على زاهدنا، فوقف على العصا فقال: رويدك يا مسكين ترفق اقصد في مشيك فإنك مخلوق من طين وخرجت من موضع البول مرتين، وقد حملت البهائم الصوف الذي على ظهرك فلم تتكبر وتطغى، فاستحيا منه الغني ووقف يعتذر.
وكان يحب الأذان للصلوات الخمس فيؤذن ويقيم ويعظ وينصح، وقد سلم المسلمون من شره، فيا طوبى له إذا لقي رب الأرباب وفاز بما عنده من الثواب، نقول ذلك ولا نعلم إلا خيرًا فالله المستعان.
وفي هذه السنة لا تزال الحرب مستمرة بين ألمانيا والحلفاء، وقد تراجعت ألمانيا بعدما وصلت إلى أبواب العلمين وظهرت انتصارات الحلفاء، وتغلبت القوات البريطانية بعدما كان الجميع في اضطراب مستمر والله على كل شيء قدير، وأمره بين الكاف والنون، ومما لا ريب فيه أن ألمانيا لا تطيق حرب أوربا بأجمعها إذا انضمت أمريكا إليها، أضف إلى ذلك ألظ هتلر أضاع الفرصة متمتعًا في حفلات صاخبة مزهوًا بنشوة النصر مع الآنسات والحريم الهتلري، وترك ستالين يعد عدته وينظم صفوفه بالاتفاق مع الحلفاء الذين أخذوا يغدقون عليه الأجهزة والمعدات الحربية الثقيلة والخفيفة.
هذا وقد استقر الحاج أمين الحسيني في برلين، وبعده قدم رشيد عالي الكيلاني، وكان قدومهما من العراق، ولقد ثارت ثائرة هتلر على مجموع القادة الألمان في الجبهة الشرقية لتفريطهم في واجباتهم العسكرية، ولم ينتزعوا له النصر النهائي في الجبهة الشرقية الشيوعية قبل حلول الشتاء، ثم قرر قرارًا لا رجعة فيه ولا يقبل نقضًا ولا إبرامًا، فقبض بيده على أعنة القيادة وانتزع السلطات من أيدي قادة الجيوش برمتها، حتى أن قائد جيش لو أراد نقل سرية من مكان إلى مكان ما يجب أن يستأذن برقيًا القائد الأعلى، ولقد كان ينبغي أن يكون القائد هو الذي ينفذ الخطط المرسومة من القيادة العليا، غير أنه يجب أن يكون مطلق الحرية في التصرف يرى الحاضر ما لا يرى الغائب.