الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لجنة للوساطة بين الطرفين برئاسة الكونت برنادوت، فقام بمهمته وطار إلى مصر وبيروت وبغداد وعمان وتل أبيب وحيفا، واقترح عقد هدنة، كما مرَّ ابتداءً من 4 شعبان 1367 هـ، على أن تظل فلسطين على وضعها الحالي حتى يتم وضع حل نهائي لمشكلتها، وفي خلال هذا الشهر تسلح اليهود بالعتاد الحربي الحديث، بينما العرب ينتظرون حلًا لهذه المشكلة، وكان العرب لم يغفلوا هذه الخيانة بل تشاوروا عند وقف القتال في الأمر، وأظهر الملك عبد الله رغبته في قبول الهدنة، وإن قائد جيشه مضطر إلى قبولها، فرأت الدول العربية أن الانشقاق ليس من مصلحة العرب، وجرى ما سنذكره فيما بعد إن شاء الله تعالى وبه الثقة.
ذكر زيارة الملك عبد الله للمملكة العربية السعودية
لما عقدت الهدنة سعى ملك مصر فاروق الأول لإزالة ما بين الملكين من جفاء دفين، وعمل لأن يمهد السبل لزيارة الملك عبد الله لصاحب الجلالة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن، وعرض على الملك عبد الله أن يتناسى الأمر الذي جري ويؤمن بأن إرادة الله لا تغالب، وأن المصلحة أن يضع يده إلى يد جلالة الملك عبد العزيز للعمل لخير العرب وتمام وحدتهم، فبادر جلالة الملك عبد العزيز بإيفاد فؤاد حمزة إلى شرق الأردن لتقديم دعوة رسمية للملك عبد الله من قبل عاهل الجزيرة العربية، فقبلها وتحدد لتلك الزيارة يوم معين، ووضعت الحكومة لذلك برنامجًا حافلًا، ولبست الرياض ثوبًا فاخرًا من الزينات، واستعدت الحكومة باستقبال رائع فيه أبهة وفخامة، ثم أمر صاحب الجلالة عبد العزيز بإرسال طائرتين من الطائرات الملكية الخاصة في صباح يوم الخميس 17 شعبان إلى المفرق في شرق الأردن لنقل جلالة الملك عبد الله من عاصمة ملكه إلى مطار الظهران، ولما كان قبيل ظهر يوم السبت 19 شعبان هبط الضيف في مطار الظهران واستقبل هناك، وأمضى بقية يومه فيه، حيث أقام لجلالته صاحب السمو أمير المقاطعة الشرقية سعود بن جلوي مأدبة، وفي مساء الأحد 20 من الشهر المذكور سافر إلى الرياض فأطلقت المدفعية 21
مدفعًا تحية، واستقبل استقبالًا يليق بأكبر الملوك، وأقيم مأدبة عشاء كبري تكريمًا للضيف الكريم، وأعد له قصر خاص.
وقد تبادل الملكان أرق العبارات وأجمل العواطف، وكل واحد صرح للآخر أنها فرصة جاد بها الدهر، وأتسم له ابن سعود أنه ما مرَّ على الرياض وعلى آل سعود ليلة أعظم من هذه الليلة، وأكد أنه صادق، وأظهر الملك عبد الله سروره الكامل بهذا الاجتماع وشدة اغتباطه بزيارة أخيه.
ثم إنه ذهب إليه الملك عبد العزيز في قصره صباح الاثنين 21 شعبان واختليا ودرسا ما يهم العرب من الشؤون، وأصدر الملكان بيانًا رسميًا بتوقيعهما أنهما متفقان بصورة خاصة في أفكارهم وآراءهم وأهدافهم، ورجا العرب من هذا الاتفاق كل خير، ويأملون من ورائه كل معاضدة وسرور إذ هي فرصة سانحة، وظل الملك عبد الله مقيمًا في ضيافة ابن سعود حتى صبيحة يوم الأربعاء 23 شعبان، ثم إنه رجع على الطائرات السعودية إلى العراق بغداد مودعًا بكل حفاوة، وقدم له جلالة الملك عبد العزيز هدية مكونة من اثني عشر رأسًا من الخيل الأصائل، وأربع سيارات فخمة من ماركات متنوعة.
ولقد كانت آخرة عبد الله بن الحسين سيئة، وجرى منه غير ما يتوقع.
رجعنا إلى ما نحن بصدده فنقول:
لما مضى شهر من وقف القتال استؤنف القتال في غرة رمضان، وقد رجحت كفة اليهود في الطيران والمدرعات والمدافع، وهكذا تريد أمريكا في هذه الهدنة، ولقد صرح بذلك وسيط هيئة الأمم المتحدة الكونت برنادوت حيث قال في مجلس الأمن:
إن العرب لم يستفيدوا من الهدنة التي دامت أربعة أسابيع، بينما استفاد اليهود منها لتحسين مركزهم الدفاعي، فقد قاموا بتهريب بعض الأسلحة وإدخال 27 ألف مهاجر يهودي ممن هم في سن الجندية.
ولما أن عادت الحرب ثانيًا بين اليهود والعرب صار لليهود طائرات يوجهونها إلى مصر وسوريا ولبنان، ويعملون على تقتيل العرب وإقصائهم من أماكنهم،