الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من الزيت والبنزين، وهذه الكمية كافية لتسيير حوالي خمسمائة سيارة مسافة ثمانمائة كيلو متر.
إن سكة حديد الحكومة السعودية مشروع عظيم من جميع النواحي، فهي تبدًا من ميناء الدمام على الخليج العربي، وتسير مسافة 556 كيلو متر عبر جزء شاسع من النصف الشرقي لبلادنا، إنها تسير من الدمام إلى حقول الزيت في الجنوب والغرب، ثم تمتد إلى مدينة الهفوف التي تعتبر من أكبر مدننا ازدحامًا بالسكان، ومن الهفوف يسير الخط جنوبًا إلى عين حرض، وهي حقل آخر للزيت، ومنطقة غنية بثروتها الزراعية الكامنة، ومن عين حرض تعبر اتجاهها إلى الغرب، وبعد أن تقطع رمال الدهناء تصل إلى الخرج حيث يزرع أكثر من ثلاثمائة فدان بالفواكه والخضراوات والحبوب والعلف لاستهلاكها في الرياض، وأخيرًا بعد أن تقطع سكة الحديد أرضًا وعرة تحيط بها صخور منحدرة تصل إلى الرياض عاصمة البلاد، وعندما تنتهي سكة الحديد تكون تكاليفها قد بلغت 200000000 ريال سعودي، وإن من أكبر نعم الله علينا بعد نعم كثيرة هي أن نقطع على متن هذا القطار سبعمائة وثلاثة وأربعين كيلو من الرياض إلى الظهران بظرف سبع ساعات من الزمن.
ذكر خلع الملك فاروق الأول
ففيها قام الجيش المصري بقلب نظام الحكم، فأبعد الملك فاروق عن مصر لاتهامه بالخيانة، ثم ألغيت الملكية وأعلنت الجمهورية في العام القادم، وقد طالب رجال الثوار الإنكليز بالجلاء عن قناة السويس حتَّى تمكنوا من عقد اتفاقية بينهم وبين الإنكليز في آخر شهر ذي القعدة بعد هذه السنة بسنتين بموجبها جلاء الجيوش الأجنبية عن قاعدة قناة السويس، وجرى ما سنذكره فيما بعد، ومن عاش فسوف يرى، فبينما الملك فاروق في لهوته وغفلته وتمسكه بالملك واثقًا بما تزينه له نفسه من الغرور والتمادي إذا بمحمد نجيب قائد عام القوات المسلحة يثور بالحركة العسكرية، فطوق القصر الملكي بالقوات والجيش، وقام زعماء الأحزاب السياسية
وغيرها من الهيئات في مصر مؤيدين تلك الحركة التي قام بها الجيش المصري بقيادة المذكور بالتساند مع وزارة رفعت علي ماهر باشا.
كما أيدها زعماء الأحزاب السودانية في مئات البرقيات التي أرسلوها إلى اللواء محمد نجيب بك.
ولما أن طوق الجيش قصر الملك فاروق أرغم على التنازل ومبارحة البلاد، وأنذر بالخطر فما كان بوسعه إلا أن تنازل عن الملك، وذلك في ظهر يوم الأحد الموافق 4 ذي القعدة من سنة 1371 هـ الموافق 26 يولية سنة 1952 م.
وتعد هذه من أعظم الحوادث التي تمخضت عنها مصر، وكان لها صداها العميق في جميع الأوساط والمحافل السياسية في العالم شرقًا وغربًا، وتناقلته أسلاك البرق ومحطات الإذاعات في العالم باهتمام بالغ.
وهذا نص الوثيقة الرسمية التي تنازل فيها الملك فاروق عن عرشه لولي عهده: نحن فاروق الأول ملك مصر والسودان، لما كنا نتطلب الخير دائمًا لأمتنا وسعادتها ورقيها، ولما كنا نرغب رغبةَ أكيدة في تجنيب البلاد المصاعب التي تواجهها في هذه الظروف الدقيقة، ونزولًا على إرادة الشعب قررنا النزول عن العرش لولي عهدنا الأمير أحمد فؤاد، وأصدرنا أمرنا بهذا إلى حضرة صاحب المقام الرفيع رئيس مجلس الوزراء للعمل بمقتضاه.
ثم إنه في عشية اليوم المذكور غادر الأراضي المصرية على الباخرة المحروسة قاصدًا إلى المياه الإيطالية مصطحبًا معه نجله المذكور أحمد فؤاد الذي نودي به ملكًا على مصر والسودان، وقد أجريت له مراسم التوديع المعتادة في مثل هذه الحالة وفقًا للتقاليد الدستورية هذا وما كان بوسعه إلا أن يتنازل لما صوبت المدافع إلى قصره، بل طوقت جميع أسلحة الجيش برية وبحرية وجوية القصور الملكية، وأرغم أن يبارح مصر بظرف ساعات معدودة.
ومن العجائب أنَّه كان على غير انتظار، بل كان في جو من الهدوء قبل ذلك، فما شعر إلا بتلك المظاهرات الرائعة بنظام تام، وبسرعة لا تضارعها إلا سرعة تحركات الجيوش في ميادين القتال بهدوء لا تراق فيه نقطة دم واحدة.