الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لقد وقعت الآن في مشكل خطير أمام شعبي وجماعتي وأمام العرب والمسلمين، فإذا كانت بريطانيا تريد أن تعدل عن الحق الواضح وأن تذهب مواعيدها أدراج الرياح، فليس أمامي إلا أن أقول للمسلمين دونكم ونفسي اقتلوني أو أنزلوني عن الملك لأني مستحق لذلك، وأنا الذي جنيت عليكم وثبطت عزمكم.
وأطال بذلك جهودًا جبارة، ورد علي جميع أسئلتهم، ودحض حججهم، فجزاه الله عن الإسلام والمسلمين والعرب جميعًا خيرًا.
ذكر صيحة العرب وارتجاف الشرق الأوسط لأهل فلسطين
لما كان في يوم الأحد 17 محرم 1367 هـ الموافق 26 نوفمبر 1947 م أذاعت المحطات اللاسلكية قرار هيئة الأمم المتحدة مشروع تقسيم فلسطين فأعلن ممثلوا الدول العربية على منبر الجلسة سخطهم على القرار واحتفاظهم يحقهم ومضيهم في خطتهم واحتجاجهم علي أنواع الأغراء المختلفة للحصول علي تلك الأغلبية، وصرح رئيس وفد المملكة العربية السعودية صاحب السمو الملكي الأمير فيصل إمام الأمة بأن قرار الأغلبية بدد جميع آمال العرب فيها، وأن بلاده غير ملزمة به، ثم قال:
هناك أمر واحد لا سبيل إلى فهمه أو تسويغه ذلك هو تدخل حكومة الولايات المتحدة في مسألة فلسطين وتأييدها الصهيونيين، كما أنه لا يمكن فهم الصمت الذي تلوذ به إزاء اعتداء الصهيونيين وأساليبهم الإرهابية، فإذا كانت البواعيث الإنسانية هي التي تدفع الولايات المتحدة إلى هذه السياسة فلم لا تفتح أبوابها للاجئين البؤساء وهي أغني وأوسع رحابًا من فلسطين التي اكتظت وابتليت بأولئك المعتدين الغرباء، وماذا سيكون موقف حكومة الولايات المتحدة وشعبها إذا جاء برلمان إحدى الدول الأجنية وأقر قانونًا بفتح الأبواب أمام الهجرة اليهودية اللاجئين منهم وغير اللاجئين، لا لشيء إلا لأن الولايات المتحدة رحبة في إمكانها أن تستوعب الملايين، ألا تنهض الحكومة الأمريكية والشعب الأمريكي في هذه
الحالة، وينددان بمثل هذا التدخل، وما خطب ميثاق الأطلنطي وميثاق هيئة الأمم المتحدة أن المداد الذي كتبت به هذه المواد لم يجف بعد.
إننا نرى مندوب الولايات المتحدة يحاول إثارة العالم كله من أجل المسألة اليونانية، فما ظنه بفلسطين هل نسي مبادئ الميثاق أم أنه ينكر تلك المبادئ، إني لأعجب لشعب يمنع الهجرة إلى بلده ولكنه يفرضها علي بلد غيره، وقد جاء نبأ هذه الخطة من ليك سكينيس وعارض ذلك التقسيم مندوبوا العرب منكرين، وأنهم سيقومون بواجب الدفاع عن فلسطين من براثن اليهود، تالله ما كانت فلسطين باللقمة السائغة في حلوق الآكلين، إنها حسك وقتاد ونار مصهورة تهري الأفواه وتقطع الأمعاء، أتحسب اليهود واليونان ومن يشابههم ويساعدهم ويعاضدهم إنها في مقام هوان، وإنه ليس في الحياض من يذود عنها ولا في الحمي من هو في ثغرة المرمي، إن زحزحة الجبال الراسيات لأهون من زحزحة العرب عن موقفهم الرائع الذي اتخذوه لأنفسهم منذ أن دخل النزاع في طوره الأخير، حتى أوشك أن يكون صراعًا.
إن فلسطين العزيزة تغلي غليان المرجل لأن النيران تحتوشها من كل جانب، فلا تدعوها أيها العرب تحترق.
يا للعدالة النكراء فلسطين العربية منذ عشرات القرون تقطع أوصالها ويمزق أديمها ويشتت أهلها إرضاء لشذاذ آفاق وحثالات أمم، ومحترفي إجرام، اللهم إن هذا بهتان عظيم، هل أفلس المنطق إلى حد الثرثرة والإبهات، هل مسحت الحقائق إلى حد الخيلات، أين شجاعة العرب المعهودة، تالله إن العرب ليسوا بالجبناء، فكيف وهم على ما هم عليه من الوحدة العربية.
ولما جرى قرار التقسيم تكلم مندوب سوريا بأن سيقوم من سوريا مائة وخمسون ألفًا من الرجال، ثم تكلم مندوب اليمن بأن سيقوم من اليمن مائة ألف مقاتل، وتكلم مندوب لبنان بأن سيقوم من لبنان تسعة آلاف مقاتل، ثم سافر أولئك المنتدبون إلى القاهرة لتأسيس الحرب وللمراودة في أعمال الحرب، غير أن فيصلًا تأخر في أمريكا، وقد عزم ملوك العرب على أن يأخذوا بالحزم،