الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأنقاض الفناء المذكور، ثم إنها سلمت ألمانيا في الأسبوع الأول من أيار وقام خليفة هتلر الأميرال دونتز ينفذ اتفاق التسليم.
أما زعماء الألمان مثل هيس الذي طار إلى بريطانيا ليسعى بالصلح بينهما وبين هتلر فاعتقلته وكذا شبير، وفون شيراخ، وفونك ونحوهم فقد ألقت الحلفاء القبض عليهم وحبسوا في أشيندو يعذبون بأنواع الإهانات وعلى رأسهم الأميرال دونتز ورئيس الدولة الألمانية ومستشارها، والقائد الأعلى للقوات السلحة يبدو وهو يحمل على ظهره كيس السماد أثناء العمل في الحديقة.
أما بقية الزعماء فقد انتحروا، ففي 30 نيسان من 1945 م حرق غوبلز نفسه وزوجته ماجدة وأطفاله السبعة في قصر المستشارية، وهذا اليوم هو يوم العبوس القمطرير الذي قرر فيه هتلر استحالة كسب النصر واعترف وهو موقن بالنصر حتى اللحظة الأخيرة بأنه قد خسر الحرب نهائيًا فالله المستعان، وإنها لتكسبنا الأيام تذكر تمام قدرة الله تعالى وأنه المتصرف في خلقه على وفق مراده.
جهود ضائعة ويأبى الله إلا ما أراد
لقد كان هتلر قطعة من حديد لا يبالي بأحد ولا يوقف في طريقه، ومن جبروته أمره عندما بلغه أن قواته انسحبت من فرنسا بأن تخشى الألغام في باريس بالقنابل المؤقتة والمفرقعات، فإذا دخلها جيش الحلفاء نسفتها عليهم فتخرب باريس وتكون قبرًا لجيوش الحلفاء، غير أنه خانه الحاكم العسكري الألماني والحاكشم المدني سفيره وأزالوها وأنقذوا باريس.
ومن عجائبه الطرق التي تتفرع من برلين شرقًا وغربًا وجنوبًا وشمالًا يكون مجموع طولها سبعة آلاف كيلو متر، وإقامة سور على سواحل الأطلسي لحفظ أوربا من قوات الحلفاء، وقد استخدم لهذا العمل الجبار أكثر من ثلاثة ملايين عامل ومهندس وخبير، وقد أمر هتلر منظمة فريتزترت بتشييد خطوط
دفاع أخرى استنزفت من ألمانيا قوى لو صرفتها على الجبهة الشرقية لكان لها الحظ الأوفر في الانتصار.
فمن ذلك خط دفاعي يمتد من حدود إسبانيا إلى حدود إيطاليا على شواطئ البحر الأبيض المتوسط بفرنسا، وأمر ببناء خط غوستاف وخط غويتك، وخط هتلر في إيطاليا، وخطوط أخرى، وقد تطلب هذا العمل الشاق لتحقيقه عشرة آلاف سيارة للنقل، وكانت المبالغ التي تدفع خزانة الدولة للعمال هناك ولعائلاتهم في ألمانيا وفي أوربا ضخمة تستنزف قواها، ولكن مطابع النقد الورقي الألماني مستعدة في طبع الملايين من الماركات لسد حاجة الناس وتسديد طلبات الجميع.
وكان امتداد الجبهات الحربية والأبعاد الشاسعة الطويلة لطرق المواصلات التي تحتاجها القوات الألمانية المسلحة للتموين وتجديد العتاد والمؤن الحربية يتطلب وجود ملايين من العمال للسهر على إبقاء هذه الطرق صالحة للعمل، ففي انتصار ألمانيا تكون هذه الطرق تنشئ لها وسائل الراحة والاطمئنان، أما في التراجع والانكسار فلقد كانت تقطع على العدو سبيل اللحاق بالقوات النازية بنسف الجسور وتخريب الطرق.
ولقد قاست ألمانيا خطرًا من خيانة بعض العمال الذين سخروا كالعبيد للعمل في مختلف الجهات من الأجانب الأوربيين، فقد كانوا يقومون بضد ما أمروا به من تصليح الخطوط فجعلوا يقومون بأعمال التخريب والتدمير في كل مناسبة، وهذه خطة مرة أثيمة ومنشأها من الأسرى الروس الحمر الذين جيء بهم من الجهات الشرقية واختلطوا بالعمال الأوربيين، وبالرغم من التنكيل بهم فإنهم مستمرون سرًا في العناد، ويدعون إلى الخيانة حتى شاركهم البولنديون والفرنسيون من العمال بعدما عملوا في خلال سنتين كاملتين بكل طاعة ونظام قبل انضمام الأسرى من الروس، وهذه نكبة في حق ألمانيا.
ولما أن تقهقر الألمان في الجبهة الغربية أغرقوا أثناء تقهقرهم الأراضي حتى