الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يتابع الإمام في الصلاة ولا يقتدي به حتى صدر الأمر من الحكومة بالإنكار عليهم من كل من رآهم، وجرى منهم مفاسد حتى شوهد منهم من يلقي النجاسات في صحن المطاف، وقد عشر في 12 ذي الحجة على رجل من الإيرانيين وهو متلبس بأقذر الجرائم وأقبحها وهي حمل القاذورات من العذرة يلقيها في المطاف حول الكعبة بقصد إيذاء الطائفين وإهانة هذا المكان المقدس، فلما ثبت ذلك وتحقق أمر صدر الحكم الشرعي بقتله، فقتل في اليوم 14 من ذي الحجة جزاءً له على فعله الذميم.
وقد شاهدنا من أمر هؤلاء المعجم ما هو من كبر المنكرات، فرأينا مجتمعًا في الحطيم للوداع كانوا يدعون بدعاء منكر حتى جعلوا يشركون بالله الشرك الأكبر، ويأتون بمنكر من القول وزور، وفعلًا أنكرت الحكومة عليهم بجلب عساكر طردتهم وشتت مجتمعهم، وأنه ليتعين على ولي الأمر منعهم من المسجد الحرام.
وفيها ظهر بمكة رجل ادعى أنه المهدي الموعود به في آخر الزمان، واتخذ وزيرًا له يدعي أنه الخضر، فاستجاب إلى تدجيلهما جمع من الغوغاء وهيأ سبعًا وعشرين راية، واتخذ ذلك المهدي شعارًا لأتباعه ثلاثمائة سبحة، فقبضت الحكومة عليهما وزجت المشعوذ بالسجن، وكان شيخًا هرمًا متقوس الظهر، وانتهت المسألة بأن كان ضحكةً لكل ساخر.
ثم دخلت سنة 1363 ه
ـ
استهلت هذه السنة وأهالي بريدة في طلب قاضي ومدرس يكونان خلفًا من الماضي، فاتصلت الأمة برقيًا يحلالة الملك وطلبوا أن يكون الشيخ محمد بن عبد الله بن حسين قاضيًا في العاصمة فاتخذت الحكومة له بيتًا في وسط البلد، وباشر القضاء في اليوم 18 من ربيع الثاني، وبعث الملك عبد العزيز فضيلة الشيخ عبد الله بن محمد ابن حميد مدرسًا لتلامذة الشيخ ابن سليم فقدم الشيخ عبد الله لأول مرة بلدة بريدة في يوم الجمعة 20 ربيع الثاني، ومن هذه السنة وباشر التدريس، فكان الخطيب في المسجد الجامع عبد الله بن رشيد، كان خطيبًا وإمامًا، والشيخ محمد قاضيًا، والشيخ
عبد الله بن حميد مدرسًا، وعزل الشيخ محمد بن مقبل عن قضاء البكيرية وجعل مكانه الشيخ عبد العزيز بن سبيل، وكان شابًا عاقلًا حسن الخلق، وقد تخرج على الشيخ عبد الرحمن بن ناصر بن سعدي ساكن عنيزة.
وفيها قدم أصحاب السمو الملكي الأمير فيصل والأمير خالد، والأمير منصور ابن عبد العزيز من أمريكا، وكان عودة الثالث من فلسطين ومصر للعلاج هناك، وكان سفر أصحاب السمو في السنة التي قبلها، فأقيمت حفلة في الزاهر احتفاءً بالقادمين، وتقدم الشعراء والخطباء معبرين عن شعورهم القوي بهذه المناسبة، ونذكر قصيدة نظمها وألقاها الأستاذ حسين فطاني، وقد امتازت بحسنها وقوة إلقائها:
سل الجوهل بدري علام ترقصت
…
سحائبه تيها بمن كان مسعدا
سل الشعر عن أفنانه وفنونه
…
وعن كل معنى كان فيه محددا
وسائل بلاد العرب عن لهفةٍ بها
…
وعن سيفها البتار كيف تجردا
وسائل عقاب الطير كيف سموه
…
وكيف يود النجم لو كان مقعدا
وسائل أميركا كيف منه تودعت
…
وسائل جميل الذكر كيف تخلدا
وسائل أميركا عن معاهد علمها
…
بمن حل ضيفًا في رباها فأسعدا
وسل لندا عنه عشية غارةٍ .... يراقب طياريها مترصدا
كأني بذاك البرح مذحل شخصه
…
به راح حصنًا لم تنله بد العدا
لأن كان فيها للحروب مشاعل
…
ففيصل يوم الروع قد كان أجلدا
لقد شهد التاميز فيك بطولةً
…
وفذًا نبيلًا في الوفادة مفردا
وفي المغرب الأقصى نزلت مكرمًا
…
فأحييت ذكر العرب عزًا ومحتدا
ومصر رأت فيك العظيم وإنها
…
لقطرٌ شقيق بالوداد تقيدا
فما قبلة الإسلام إلا بمكة
…
هنا شع نور الحق فالعالم اهتدا
إذا اتحد الإسلام عاد ضياؤه
…
فإني عهدت العود أجلى وأحمدا
وما تسعد الأوطان إلا بنهضةٍ
…
تشق لها بين الحضارات منفدا
وما تنهض الأوطان إلا إذا ارتدت
…
من العلم والأخلاق درعًا مسردا
وما تنهض الأوطان إن لم يكن لها
…
مدارس تحمي حرثها أن يبددا
وما تنهض الأوطان إن لم يكن لها
…
مصانع تحمي مجدها أن يهددا
وما تنهض الأوطان إلا بماجدٍ
…
إذا ما ادلهم الخطب كان المسددا
فما فيصل فينا سوى الأمل الذي
…
يراح له في الحادثات ويغتدا
وما فيصل فينا سوى المنهل الذي
…
عرفناه عذبًا مذ قصدناه موردا
وما فيصل فينا سوى النور زاهيًا
…
يبيت لظلم الحالكات مبددا
لئن كان في الأمريكيتين شواهق
…
فإن له في الجد حصنًا مشيدا
وإن كان فيها للحديد مصانع
…
فإن صنيعًا منه ما زال أجودا
وإن كان فيها للزهور معارض
…
فما هو إلا الزهر بلله الندا
وإن كان فيها للحسان ملاعب
…
فإن له من نفسه الطهر والهدا
ومن باتت العلياء تخطب وده
…
حقيق بأن يسلو سواها فيقتدا
ومن ناب عن شعب لإظهار فضله
…
حقيق بأن تغدو النفوس له فدا
إذا قيل من للمجد يرفع شأوه
…
تلفتت الدنيا ومدت له اليدا
وإن قيل من يهدي السيوف سليلةً
…
أجابت سمي السيف فيصل سيدا
على الرحب يا شمس السياسة والحجى
…
على الرحب يا من حل فينا ممجدا
على الرحب ملئ القلب والسمع نوركم
…
وملئ عيون في غيابك سهدا
بعثت مع الأنسام أسمى تحيةً
…
بنت من عظيم الود صرحًا ممردا
وجئت على من الهواء محلقًا
…
كطيفٍ من الآمال قد لاح مسعدا
فلله ما أبهى مطيتك التي
…
تهادت بأكناف الفضاء تأودا
وقد بسطت منه الجناح وأرسلت
…
حنيا هو البشرى بمن قد تفردا
وكانت قلوب الشعب في نظراتهم
…
تحاول أن ترقى السماء تصعدا
ورفت بنود البشر وازدهر الحمى
…
وراحت وفوت البيت نحوك قصدا
وأبرعت لحني ليس يدرك شأوه
…
وحسبي من الإخلاص أني لك الفدا
لأن خنقتني في الوداع عواطفي
…
فإني بلقياك المشوق مغردا
فدع كل صوت غير صوتي فإنني
…
أنا الطائر المحكي والآخر الصدا
نظمت قلوب الشعب عقدًا منظدًا
…
بحبك ما أسماه عقدًا منضدا
جميل بأن تهفو القلوب لمجدكم
…
وتهتز وجدًا حينما خالدٌ بدا
فما خالد أن قيل من هو خالدٌ
…
سوى الفضل والأخلاق والنبل والندا
إذا قيل من تهوى السيوف يمينه
…
تنادت به الأيام لا زلت أوحدا
وإن قيل من يعتاد للعز منصبا
…
أجابت أرى في خالد من تعودا
أميران في الدنيا الجديدة أشرقا
…
وسيفان من غمد العروبة جردا
فحدث عن الإجلال ما شئت معلنًا
…
وحدث عن الإكبار ما شئت منشدا
وبين بلاد الإنكليز حفاوةٌ
…
بضيفين كانا للمحامد منتدى
وفي غرب إفريقية وشمالها
…
ودادٌ قديمٌ بالوصال تأكدا
لقد عدتما والشوق ملئ ربوعنا
…
فأضحى نشيد اليمن فيها مرددا
أعدا لنا من خير ما قد شهدتما
…
فإن من الإصلاح أن تتعهدا
وإن بلاد العرب ظمأى لنهضةٍ
…
يحدث عنها كل من راح أو غدا
فسيرا بها نحو العلاء بهمةٍ
…
وكونا لها قلبًا وكونا لها يدا
ويا ثالث البدرين أحسب بعودةٍ
…
أفاضت علينا من بهائك عسجدا
ويا قائد الجيش المظفر إنه
…
غدا كأسمك المنصور والمتأبدا
ألست الذي أمسى بعد حسامه
…
طريق العلا والمجد سهلًا معبدا
فبالأمس أرض الشام كانت بفضلكم
…
تنادي ومصر خلدت ذلك الندا
وكم هو خلاب وكم هو رائع
…
بأن نجتلي شمسًا وبدرًا وفرقدا
جميل بأن يبدو مع العلم نوركم
…
فما هو إلا العيد حتى تجددا
فما أنتموا إلا سلالة عاهلٍ
…
ببيت له عرش القلوب ممهدا
قد اعتاد أن يسمو بأمة يعربٍ
…
لكل امرءٍ من دهره ما تعودا
له من كتاب الله أوضح منهج
…
وأمسى بتوفيق الإله مزودا