الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفيها عزل ابن سعود قاضي البكيرية الشيخ عبد العزيز بن سبيل وجعل مكانه الشيخ سليمان بن عبد الله المشعلي، وكان شيخًا رزينًا ومن خيرة تلامذة آل سليم، فباشر عمله هناك.
وكذلك أيضًا نقل قاضي دخنة وهو الشيخ محمد بن صالح بن سليم.
وفيها أيضًا نقل الشيخ سليمان بن عبيد من قضاء الزلفي إلى قضاء بلدة المجمعة، وذلك لطلب من الأهالي له.
ذكر ردة عبد الله بن علي القصيمي الصعيدي نسأل الله العافية والسلامة
كان هذا الرجل من أهالي خب من خبوب القصيم، ثم إنه نشأ في مصر واكتسب من العلوم حتى كان ينافح عن دين الله، وله ردود على أهل الضلال الذين نابذوا دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب وضادوها، حتى هتك أستارهم، وله فصاحة في الأقوال وقوة في الإنشاء، يعرف ذلك من كتبه، غير أنه كان معجبًا بنفسه، فعنَّ له بعد ذلك أن يتوسع في العقيدة ويأتي بأمور يظهر منها علامات النفاق والخبث، ولو ثبت على ما كان عليه في أول أمره في كتبه التي ألفها في نصرة الدين -كالفصل الحاسم، والبروق النجدية، والصراع بين الإسلام والوثنية- لكان خيرًا له، وقد يستنشق من مؤلفاته الأخير رائحة النفاق، فلما كان في هذه السنة أظهر كتابه الأغلال الذي تعرى به من دين الإسلام، وخلع ريقته من عنقه، وسمى شرائع الإسلام أغلالًا غلت المسلمين عن التقدم وحسن طريقة الكفر، وزاغ عن الهدى، ورمى الإسلام بالقصور والتأخر، وشن عليهم الغارة، وفضل طريقة الكفر والشرك على طريقة المسلمين، فقام لذلك أهل التوحيد والدين وصاحوا به من أقطار الأرض وكفروه وضللوه وبدعوه وفسقوه، وأجلبوا عليه بخيلهم ورجلهم وهتكوا ستره، وصاحوا بناديه.
فيا عجبًا له أيظن أنه ليس في الحياض من يذود عنها، وإن حمى الإسلام خال
من المدافعين والمرابطين كلا والله إن أسد العرين مفترشة براثنها لمحق كل ثعلب سوء من المبطلين، فلله الحمد على ذلك، ولكن ويا للأسف عن هذا الفارس بينما هو في صف المسلمين يدافع عنهم وإذا به يصول عليهم ويكون في نحورهم فإنها لخسارة ونقص فلا حول ولا قوة إلا بالله.
وفيها كثرت الحصبة في الأطفال ومات بسببها خلق كثير وجم غفير.
وفيها حدث في مصر وباء يدعى الكوليرا، وكان بصيب الأمعاء، ووافق ذلك في موسم الحج فمنع بقية الحاج المصري خشية انتشار الوباء، وحج بالناس ولي العهد إذ ذاك سعود بن عبد العزيز، ولما أن كان في 13 ذي الحجة شرع في تركيب باب جديد للكعبة المشرفة، وتم عمل التركيب في 16 منه، وكان ذكرًا خالدًا لجلالة الملك عبد العزيز وقد باشر وضعه سعود بن عبد العزيز بالنيابة عن والده الملك، ذلك لأن بابها الأول بسبب تقادم عهده أخذ في التضعضع والاختلال لأنه قد ركب عليها سنة 1045 هـ في يوم الخميس الموافق 20 رمضان، وكان الذي ركبه السلطان مراد خان بن السلطان أحمد خان والي مصر، وقد عين لذلك الأمير رضوان بك المعماري، وأضاف إليه يوسف المعماري مهندس العمارة سابقًا، فوصلا إلى مكة في موسم السنة التي قبلها، ثم لما كان في 17 ربيع الأول من سنة 1045 هـ وصل إلى الكعبة المشرفة وفتح آل الشيبي بابها، فعلقوه وركبوا غيره عوضًا عنه بابًا من خشب، لم يكن عليه شيء من الحلية، وإنما عليه ثوب قطني أبيض، وبعدما ركب الباب المذكور في اليوم المذكور من السنة المذكورة أرسل الباب القديم إلى السلطان مراد، وقد حصل احتفال لذلك، فلما تضعضع هذا الباب وبلغ مسامع جلالة الملك أصدر أمره العالي بأن يصنع على حسابه الخاص باب جديد للكعبة المشرفة بدل القديم على أحسن ما يكون، فصنع هذا الباب الجديد فعلًا بصورة بديعة جدًا لم يسبق لها مثيل في تاريخ الكعبة المشرفة.
وقد صنع هذا الباب بصفائح من خالص الفضة محلاة بكتابات آيات من القرآن بأحرف ونقوش من خالص الذهب، كما أن حلقتي الباب العظيمتين صنعتا
من خالص الذهب صنعة بديعة لم يسبق لها مثيل، وقد كسيت بتلك الصفائح الفضية والأحرف والنقوش الذهبية ألواح من طيب العود الذي هو أزكى أنواع الطيب، وأقيم لذلك احتفال رسمي عظيم حضره صاحب السمو الملكي ولي العهد إذ ذاك سعود، بل وضعه بيده تيمنًا وحضره وزير الدفاع منصور بن جلالة الملك عبد العزيز ووكيل نائب جلالة الملك على مكة عبد الله بن فيصل حفيد الملك، وحضره العلماء على رأسهم رئيس القضاة الشيخ عبد الله بن حسن آل الشيخ، وحضره الشيخ عمر بن حسن آل الشيخ، والشيخ محمد بن عبد العزيز بن مانع مدير المعارف العام، وأمراء المقاطعات، وسدنة الكعبة، ووزير المالية، ووزير الخارجية، ومدير الأمن العام، ومدير الأوقاف، وموظفوا المسجد الحرام وخدمه وأعوانه، وكبار الموظفين والرؤساء وغيرهم، والحفل عظيم باهر، وقد خطب ولي العهد سعود خطبة حينما قدم لتركيبه في ذلك المساء، وبعدما فرغ القارئ من تلاوة آيات من القرآن الحكيم، وخطب الخطباء البلغاء خطبًا جميلة في مآثر صاحب الجلالة ومناقبه ومقاماته في الإسلام التي قامها جزاه الله الجنة، تقدم بالنيابة عنه نجله سعود فركب حلقة باب الكعبة الذهبية في الباب بعد أن رفع عنه الستار، وفتح باب الكعبة بيده.
هذا والمدعوون والحاضرون يهللون ويكبرون قد احتشدوا أمام الكعبة، فدخل سعود الكعبة المشرفة خلفه الجماهير من الكبراء، ومكث في جوف الكعبة مدة يدعو الله بدعوات مباركات خص بالكثير منها المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، ونحن نسوق خطبة ولي العهد بنصها قال:
شعبي العزيز ووفود بيت الله الحرام: أحييكم بتحية الإسلام والحمد لله الذي شرفنا بخدمة بيته، وشرفني بوضع هذا الباب لهذا البيت العتيق، فهذا فضلٌ من الله من به علينا، وتلك مأثرة من مآثر جلالة الملك والدي العظيم حفظه الله وأبقاه، وإني أسأل الله في هذا الموقف العظيم أن يجعل عملنا كله خالصًا لوجهه الكريم، وأن يتقبل منا ومنكم، وأن يرفع الكرب عن شقيقتنا