الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عمارة قصر المربع في الرياض
لما استراح صاحب الجلالة من إخماد الثورات الداخلية والخارجية رأى -أيده الله- أن يجمع العائلة اللكية في قصر، فانشا المربع في شمال مدينة الرياض، وكان ذلك القصر عظيمًا وساحته واسعة جدًا، وجعل لكل نجل من أنجاله قصرًا مستقلًا، فأصبح المربع يعتبر كمدينة جميلة تحتوي على جوامع ومساكن، وكانت عمارته بالحجارة والطين غير أن تطريزه ممتاز، وقد أحضر لذلك المهندسون والعمال بحيث لا يقل عدد المشتغلين فيه عن تسعمائة عامل، وبعدما فرغ العمل سكنه صاحب الجلالة وأنجاله وحاشيته، وكان المربع إذ ذاك له أبهة ورونق زاهر، وختمت هذه السنة بخير والحمد لله رب العالمين.
ثم دخلت سنة 1356 ه
ـ
استهلت هذه السنة والعالم في مشاكل متعددة، فهذه فلسطين قد انفجرت بالثورات والدول الكبرى تتكهن وقوع حروب طاحنة لما رأت مطامع رئيس ألمانيا تتضخم.
وفيها أنشأت مدارس حكومية في عواصم المملكة العربية السعودية، وأنشئ في مدينة بريدة مدرسة تأسست فيها إذ ذاك.
وفيها كثرت فتن اليهود في فلسطين ومدوا أيديهم على المسجد الأقصى، بل وضعوا عليه الشعار اليهودي، فقام العرب من أهالي فلسطين يحاولون كشف هذه المهمة العظيمة ويصادمون تلك التدابير التي سلبتهم عزهم وفخرهم، وأذاقتهم مرارة الحياة، وأوصلتهم نيرانًا حامية، وبعثوا يصرخون للعالم الإسلامي ويضجون مما هم فيه من الضغط، واستغاثوا بكل من في الوجود ممن تظله راية الرسول محمد صلى الله عليه وسلم يطلبون النجدة والمحامات على بيضة الإسلام أن ترض؛ ونشروا في صحفهم مقالات يطالبون بها المسلمين أن يساعدوهم على هذا الفادح الكارث، وصوروا المسجد الأقصى قد وضع عليه الشعار اليهودي.
أيا أمة الهادي أما تنظرون إلى ما حل بأولى القبلتين، ودهى إخوانكم من الهوان والشين ذلك الهول الذي بلغ القلوب والحناجر، وسكب الدموع من المحاجر، فهل من ناصر لله ولرسوله ولكتابه والمسلمين، أما كان المسلمون كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر، وأعظموا الأمر وأكبروا الهول، ويحق لهم ذلك، فلما أسمعوا جلالة الملك عبد العزيز بن سعود ضاق بذلك ذرعأ ولم يجد مندوحة عن الإجابة، وبعث يستشير شعبة ليقف أمام هذا التيار الجارف، ويخمد نيران تلك الفتن المتأججة، وأن يضرب بيد من حديد على أيدي هؤلاء المتمردين على النواميس السماوية، ودعاة السوء والرذيلة الذين يغرسون بذور الكفر والشرك والخبث، ويشقون الطريق أمام الاستعمار والمستعمرين، ولما أن قدم الأمر للشيخ عمر بن سليم بأن يجتمع بأهل العلم والدين والرأي من الملأ والمشايخ وطلاب العلم، عقد لذلك مجلس للمفاوضة في هذا الموضوع والمقصود منه هو أنه هل تجب مساعدة أهل فلسطين والانخراط في صفهم ضد أعداء الله ورسوله اليهود الصهيونيين مدافعين عن الأوطان والإخوان في الدين والعروبة، أم يتركون وشأنهم لأن البلاد ليست سعودية، وكان من بين هؤلاء الحاضرين رئيس البلد فهد بن علي الرشودي وأخوه إبراهيم بن علي، والرجل العظيم الشأن عبد العزيز بن حمود بن مشيقح، وأمير المقاطعة عبد الله بن فيصل، والشيخ عبد العزيز بن إبراهيم العبادي، والشيخ محمد بن عبد الله بن حسين، والشيخ عبد العزيز الصالح بن سليم، والشيخ عبد الله بن رشيد خطيب الجامع، وعبد الله بن عيسى، وابن جربوع، ومحمد الربدي بن عبد الله، وغير هؤلاء، وتبادلت الآراء والأنظار وكثر الجدال والمناقشات بين من يقول بالناصرة وضدها، وارتفعت الأصوات وعلت الصيحات، وآخر ذلك حصل الاتفاق على أنه إذا أمر الوالي على الرعية بنصرة المسجد الأقصى وحفظه وحفظ حماه لأنه ثالث المسجدين وأولى القبلتين فإنهم يقدمون في نصرته أنفسهم وأموالهم