الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يساعد هذا التاريخ، وكان الغرض منه تحذير الولايات المتحدة من الانضمام إلى صفوف الحلفاء، وقد هاجم الإنكليز بعض السفن الحربية الألمانية فتمكنوا من بعضها وأغرقوا طراد ألمانيا، ولكن بعدما أغرقت الألمان طردًا كبيرًا إنكليزيًا يسمى هود، وعطبت غيره، ولكن الخسائر التي حلت بالإنكليز أضعاف أضعاف الخسائر التي تلحق بالألمان، لأن الألمان لم يكونوا يعتمدون على البحر في نقل ما يحتاجونه، بينما كان كل اعتماد الإنكليز على البحر في كل شيء، وسنعود عن قريب، ولما كونت حكومة فرنسية في فيشي خاضعة لألمانيا وتحت انتدابها ارتاحت نفوس السوريين الذين استمرت ثوراتهم تقض مضجع فرنسا.
ثم إنه ألف بعض الضباط ورجال السياسة الفرنسية حكومة فرنسا الحرة
برئاسة الجنرال ديجول، لكن الإدارة الفرنسية في سوريا تبعت حكومة فيشي فانتشر عملاء المحور الألمانيون في المنطقة وسيطروا على مطاراتها واتخذوها قاعدة لألمانيا في الشرق فبادرت إنكلترا إلى العمل متعاونة مع قوات فرنسا الحرة وزحف الجنرال ويلسن الإنكليزي والجنرال كاترو الفرنسي على سوريا بعد هذه السنة بل في السنة التي بعدها واستولوا عليها من قوات حكومة فيشي وأعلن الجنرال كاترو استقلال كل من سوريا ولبنان، فاعترفت بهذا الاستقلال إنكلترا والدول العربية رغم وجود جيش الاحتلال الفرنسي في البلاد.
ذكر ثورة رشيد عالي الكيلاني في العراق
فنقول انتشرت الدعاية الألمانية ضد بريطانيا في صفوف الجيش العراقي حتى قام بعض الضباط بانقلاب عسكري في هذه السنة بعدما مهدت الثورة في التي قبلها، وذلك بتشجيع هتلر للعراقيين، وكان بعض ساسة العراق الذين كان يقودهم الحاج أمين الحسيني ورشيد عالي الكيلاني يعملون مع ضباط الجيش العراقي الأربعة الثائرين ضد بريطانيا للقيام بثورة في العراق وجعل أمين الحسيني يرسل رسله إلى برلين وأنقرة وروما للاتفاق مع ألمانيا وإيطاليا على إرسال الأسلحة اللازمة لتجهيز الجيش العراقي، وجعله قادرًا بأسلحته المحورية على مقارعة بريطانيا
وطردها من العراق، وإذا سمحت الظروف من الجزيرة العربية لذلك قرر الحاج أمين الحسيني وهو ببغداد الاتصال بروسيا لكي تسمح للضباط الثائرين أن يحصلوا على السلاح الألماني المرسل منها عبر روسيا، فالقفقاس فإيران فالعراق بطريق راوندوز العراقية، وقرر الزعيم رشيد عالي الواقع تحت سيطرة المفتي وتأثيره المباشر، وقد ارتكب الكيلاني حسب إرشاد المفتي الحاج أمين وتوجهه خطأ كلفه وكلف العراق ثمنًا غاليًا وطلب من أخيه كامل الكيلاني بصفته سفير العراق في أنقرة أن يقابل السفير الروسي ويخبره بأن الحكومة العراقية التي هو رئيسها يومئذٍ قررت إعادة العلاقات الدبلوماسية بين العراق وروسيا وتبادل السفراء بين البلدين، فوافقت بدون تردد في الوقت التي تعمل فيه سرأ للتحالف مع بريطانيا وحلفائها، وبعدما وافق ستالين ما طلب بالسماح بمرور السلاح الألماني إلى العراق عبر روسيا.
أما ملك العراق فيصل الثاني بن غازي الذي كان له من العمر إذ ذاك خمس سنين فقد قرر فر لذلك الانقلاب، وفر الوصي عبد الإله بن علي بن الحسين خال الملك وولي عهده، وفر بعض السياسيين إلى خارج البلاد واحتمى بعضهم بالمعسكرات البريطانية، ثم إنه كون رشيد عالي الكيلاني حكومة وطنية تحت نفوذ الضباط وأعلن خلع الوصي، واختير مكانه وصي آخر من الأشراف، وحاول رشيد عالي الاحتفاظ بصداقة بريطانيا لكنها رفضت الاعتراف بحكومته فتأزمت الأمور بينهما، ووجهت الحكومة العراقية قوات من الجيش للاستيلاء على مطار الحبانية أكبر قاعدة جوية بريطانية في العراق، فقامت القوات الإنكليزية وتأهبت للقتال ووصلتها إمدادات من الهند ومن شرق الأردن، وبعدما كانت حكومة رشيد تنتظر إمدادًا من ألمانيا تأخر وصول الإمدادات فاصطدمت بها القوات البريطانية في الفلوجة فهزمت الكيلاني وجنوده واحتلت بغداد فسقطت حكومة رشيد عالي، وفرَّ الحاج أمين الحسيني وفرَّ على أثره رشيد الكيلاني هاربًا إلى ألمانيا، وبعد القضاء على الثورة عاد الوصي عبد الإله وفيصل إلى العرش وحكم بإعدام كثير من
الضباط الثائرين، وشكلت حكومة موالية للإنكليز، وإنما اختير هذا الصبي ملكًا على العراق بوصاية خاله إجابةً لرغبة الإنكليز التي سخطت أعمال والده غازي، حيث عارض المشروعات البريطانية وانتهج سياسة تحريرية فقتل في حجة اصطدام سيارته، وهكذا تصنع السيارات بمن يخالف تعاليم بريطانيا، وبعد ذلك قطعت حكومة العراق علاقتها مع ألمانيا وألقت القبض على الرعايا الألمانيين الموجودين في العراق وسلمتهم إلى الحكومة البريطانية فألقتهم حيث أقاموا في معتقلات الأسر طول مدة الحرب.
ولما قدم المفتي والكيلاني إلى ألمانيا في الربع الأخير من سنة 1941 م قدم أولًا المفتي وبعد أربعين يومًا قدم الكيلاني مع أركان حربه جزير سليمان وحكمت سامي ونجدت الشواف، فحلوا ضيوفًا لدى المفتي الحاج أمين الحسيني، غير أن رشيد عالي لم يلق إكرامية بينما هو في ضيافته، قال يونس بحري جئت أزوره وكنت أنتظر أن أرى الكيلاني مرحًا كعادته عندما كان رئيسًا للديوان الملكي ببغداد في هاتيك الأيام التي كنا فيها تحت راية الملك غازي نقارع الاستعمار، فرأيت هذه المرة أمامي رجلًا قد أنهكت الأيام قواه، لقد كان يبكي وهو يقطع شعور رأسه بكلتا يديه، ثم التفت إلى وهو يقول: لقد سجنني، لقد مضى علي عشرون يومًا وأنا على هذه الحالة، لقد منعني من الاتصال بأحد يا أخ يونس، أرجوك أن تنقذني أريد حريتي وإلا أعيدوني إلى بغداد وسلموني للحكومة، وهناك دعوهم يشنقوني، إنني أفضل الموت على مثل هذه الحياة، ثم إنها أذيعت في ألمانيا أنباء مجيئه إلى برلين وأكرم مثواه، ولقد حافظ صاحب الجلالة الملك العظيم عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود في هذه الحرب العالمية على الحياد والمودة كما فعل في الحرب العالمية الأولى، فكان هذا من حسن حظ البريطانيين لأنه لو كان ابن سعود قد انضم قبل الحرب إلى المحور الذي لم يدخر جهدًا لحمله على ذلك لكان من العسير أو من المستحيل إخراج الإيطاليين من الحبشة وأرتيريا، ولو أن ابن سعود تردد لكان من المحتمل أن تقضي الثورة التي قام بها