الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أصيب بنوبة نزيف في العمود الفقري أودت بحياته، وكان رجلًا حازمًا ويشرف على سائر الأعمال بنفسه.
وفي هذه السنة أمرت الحكومة أيدها الله تعالى بأُناس من العلماء لسد وظائف القضاء، ومن هؤلاء مؤلف هذا التاريخ لقضاء تيماء، ومنهم الشيخ عبدِ الله بنُ عبدِ العزيز بنُ عبدان لقضاء أبها، ومنهم الشيخ صالح بنُ أحمد الخريصي لقضاء الدلم في الخرج، أما بلدة السيح في الخرج فلا يزال على وظيفة القضاء فيها
فضيلة الشيخ عبدِ العزيز بنُ ناصر بنُ عبدِ الرحمن الشعبي
، وهذه نبذة من سيرته ونسبه:
ولد الشيخ عبدِ العزيز في بلدة منفوحة القديمة جنوبي الرياض سنة 1314 هـ، ذلك لأن آباءه وأجداده قد انتقلوا من ملكهم الفويتة -بالفاء والواو والياء التحتية والتاء بعدها تاء التأنيث- وهي معكال المعروف بالرياض إلى بني عمهم أهل منفوحة، وذلك في زمن الإمام عبدِ الله بنُ فيصل.
نشأته ودراسته
نشأ الشيخ عبدِ العزيز يتيمًا في كفالة والدته، لأن والده انتقل مع الإمام عبدِ الرحمن الفيصل إلى الكويت في أيام محمد بنُ عبدِ الله بنُ رشيد فتوفى هناك، والشيخ صبي، فأخذ يتعلم القرآن من الشيخ سعد بنُ عنبر معلم أهل البلدة في وقته حتَّى حفظه عن ظهر قلب، وتلقى علم التجويد عن الشيوخ الحفاظ ومراجعة الكتب، وكان معرضًا عن الدنيا ومقبلًا على الدراسة والعلم، ثم إنه رحل إلى الإحساء لتلقي العلم من عالمها الشيخ عيسى بنُ عكاس، فدرس عليه في كتاب التوحيد لأمام الدعوة الشيخ محمد بنُ عبدِ الوهاب، وبعد مضي عامين رجع إلى مسقط رأسه فتزوج عام 1337 هـ من آل سيف من بني هاجر القبيلة المعروفة في صياح من بلد الرياض.
وجعل يواصل دراسته على علماء وطنه، فأخذ عن الشيخ عبدِ الرحمن بنُ سالم
من قبيلة آل عيد الدواسر، وأخذ عن الشيخ محمد بنُ عبدِ العزيز بنُ حميد علم الفرائض، وأخذ عن الشيخ حمد بنُ فارس، وأخذ عن الشيخ عبدِ الله بنُ عبدِ اللطيف بنُ عبدِ الرحمن آل الشيخ، وأخذ عن الشيخ محمد بنُ عبدِ اللطيف آل الشيخ، درس عليه في بلوغ المرام في الحديث، وأخذ عن علامة نجد ومفتي المملكة السعودية الشيخ محمد بنُ إبراهيم آل الشيخ، درس عليه في زاد المستقنع، والبلوغ، وألفية ابن مالك، ومنتقى الأخبار، والعقيدة الواسطية، ولمعة الاعتقاد، والحموية، وكان مع ذلك أديبًا وذا حافظة للشعر، وقارعًا للشعر، فمن شعره قوله في حق عبدِ الله بنُ علي الصعيدي من بحر الرجز:
قال ابن سعدي ناصرًا
…
للحق بهمةٍ ونيةٍ وصدق
ردًا على مؤلف الأغلال
…
مبينًا ما فيه من ضلال
محذرًا مما به قد ارتكب
…
وما على الإسلام فيه قد جلب
وهو الصعيدي الذي قد اشتهر
…
في مصر أو هناك أمره ظهر
وكان هذا الشخص من قد أتى
…
في سالف الأيام بعض الحكمة
وكان في الفروع والأصول
…
وعلمي المعقول والمنقول
يعدُّ من فحول أهل العلم
…
في الحذق والفهامة والفهم
فرجع على قفاه القهقرا
…
ونزل من الثريا للثراء
نعوذ بالله من الخذلان
…
والحور بعد الكور والحرمان
ومن شعره قوله لما عافاه الله من القضاء:
الحمد لله الذي عافاني
…
من القضاء وشره كفاني
أراح منه بدني وقلبي
…
وعرض من مسببةٍ وثلبى
فله الحمد أولًا وآخرًا
…
وله الشكر باطنًا وظاهرًا
وأساله الصفح عن زلاتي
…
والعفو عن ذنبي وعن عثراتي
فإنه الغفار للذنوب
…
وإنه الستار للعيوب
ربّ فأحيني على الإسلام
…
وثبت يارب عليه أقدامي
واختم لي يا رب بصالح العمل
…
وعافني من الخطايا والزلل
إلى أن قال:
فنحن في زمان خيره ذهب
…
والخبث قد فشا والشر قد غلب
لم يبقَ في الإسلام غير الاسم
…
ولا من القرآن غير الرسم
فريضة الصلاة فيه ضيعت
…
والمنكرات والملاهي أعلنت
وشرب الدخان فيه جهرًا
…
من غير إنكارٍ وغير نكرا
في كلل مجلسٍ ونادٍ يشربه
…
وكل شارع وسوق يجلب
إلى أن قال:
وهو حرام دون شك عندي
…
وشربه فموجب للحد
ومن يبعه أو يَشْرِيه
…
أو يتعاطا للتجارة فيه
فإنه يسمى بالسفيه
…
عند ذوي الألباب والتنبيه
وله أبيات حسنة غيرها جميلة، ولقد قضى خمسًا وعشرين سنة في طلب العلم، وكان يمشي على رجليه من منفوحة الرياض خمس كيلوات صباحًا ومساءًا، وكانت دراسته على الشيخ عبدِ الرحمن بنُ عبدِ الله بنُ سالم في الفرائض، والبخاري والتِّرمِذي والنَّسائي، وتفسير ابن كثير والبغوي، ومختصر الشرح للشيخ محمد.
أما الوظائف التي نالها، فإنه عين إمامًا لجامع المنفوحة في سنة 1340 هـ، وفي 1345 هـ عين عضوًا في هيئة الأمر بالمعروف في منفوحة، وفي عام 1356 هـ عين خطيبًا في الجامع المذكور، ومرشدًا في منفوحة ومفتيًا.
ولما أن كان في هذه الوظائف لم يمنعه ذلك عن الاتصال بالرياض يوميًا، وإنا لنقدر للشيخ مجهوداته ونمتدحه ونثني عليه، ونسأل الله له الإثابة ذلك بأنه رجل طيب متواضع، دمث الأخلاق، واجتماعي.
ولما أن كان في سنة 1365 م عين قاضيًا في الخرج في السيح فاستمر يزاول مهنة القضاء أربع عشرة سنة تقريبًا، ثم إن الحكومة أيدها الله رأت العطف عليه بإحالته
إلى التقاعد، وذلك في شهر شعبان سنة 1379 الآتية، وبعد ذلك استمر في التدريس في الخرج والإمامة في الجامع، والخطابة فيه، فكان مستمرًا في هذا العمل، وكان ينتهي نسبه إلى الشعيبي من شعب همدان القبيلة اليمنية المشهورة، ومن آل شعيبي سليمان الشعيبي الذي هاجر من منفوحة إلى الدرعية في زمن إمام الدعوة في فتن دهام بنُ دواس بنُ عبدِ الله بنُ شعلان الذي تغلب على الرياض وتصدى لعداوة أهل التوحيد، واشتهر بالظلم والجبروت، فهاجر سليمان هذا وأناس من رؤساء أهل منفوحة.
وكان من ظلم دهام بنُ دواس أنَّه غضب يومًا على امرأة فأمر أن يخاط فمها، ومنها أنَّه غضب يومًا على رجل مسجون فك بأسنانه قيد الحديد، فأمر بضرب أسنانه بالحديد حتَّى تساقطت والعياذ بالله.
وفيها تم العمل من العين الجديدة العزيزية بضمها إلى عين زبيدة لمكة المكرمة، وذلك لأن الحكومة السعودية أيدها الله تعالى لما رأت كثرة الحجاج الواردين إلى مكة المشرفة، ومن جهة أخرى كثرة السكان بمكة اشترت عينًا في طريق المضيق إحدى القرى القريبة من الشرائع في طريق الطائف، وأمرت بجلب مائها إلى مكة لتوفير الماء بها، وقد شرع المهندسون منذ رمضان من سنة سبعين هجرية بنوا لأجلاها خزانين كبيرين للتصفية عند مصدرها، وفي أواخر السنة المتقدمة وصلت العين المذكورة إلى محلة المعابدة وضمت إدراتها إلى إدارة عين زبيدة، وفي هذه تم العمل وأصبحت مكة المكرمة تتمتع بوفرة المياه الغزيرة، واتسعت العينان لكفاية الحجاج والعمار والسكان، فجزى الله المحسنين خيرًا، وإنها لحسنة خالدة لصاحب الجلالة الملك عبدِ العزيز بنُ عبدِ الرحمن الفيصل، وبعدما كان يطلق على عين مكة اسم عين زبيدة أصبح يطلق عين زبيدة والعزيزية.
وفيها في رمضان وقيل في التي قبلها وفاة رجل الدين والصلاح حمد بنُ سعد بنُ راشد بنُ حمد الشبرمي قدس الله روحه، ويأتي بقية نسبه في ترجمة أخيه عبدِ الله، وهذه ترجمته:
نشأ في حضانة والديه، ثم إنه تعلم القرآن وجدّ ونافس في طلب العلم، فكان يذهب هو وصاحبه محمد بنُ عبدِ الله التويجري إمام قرية القصيعة العالم المشهور الذي تولى قضاء جيزان يذهبان إلى بريدة للأخذ عن آل سليم الشيخين عبدِ الله بنُ محمد بنُ سليم وأخيه الشيخ عمر بنُ محمد بنُ سليم، وأكثر من الأخذ عن الشيخ عمر، وكان هو الذي يتولى الخطابة في القرية المذكورة والإمامة فيها، ثم إنه ترك ذلك لزميله محمد التويجري، وكان فلاحًا في القصيعة ويكل من كسب يده، ويؤم في أحد مساجدها، وله حارة في جنوبي القرية يرجع إليه فيها، ولا يزال الناس يعظمونه لمكانته في الهدى والمعرفة والإصلاح بين المتخاصمين، وكان موضع الثقة من العلماء والقضاة، ومن أهل الولاء والبراء الذين يحبون في الله ويعادون فيه.
وكانت ولادته عام 1291 هـ، ويعتبر من خيرة أهل زمانه في الدين والصلاح والإقبال على الله تعالى والاتكال عليه، وقد يؤتى إليه بالمصابين بالأرواح الشريرة فيعالجهم بتلاوة القرآن والأوراد فيعافيهم الله تبارك وتعالى، وكان يمقت أهل الأذى والظلم ويعيبهم وله إخوان من بينهم المطوع المشهور عبدِ الله بنُ سعد وابراهيم وعبد العزيز.
وفي هذه السنة عزز جانب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأقيم هيئة رسمية إداريون وأعضاء يدأبون في القيام بالمعروف والنهي عن المنكر فيها بجد ونشاط، وأمرهم نافذ على الصغير والكبير.
وكان رئيس هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الحجاز فضيلة الشيخ عبدِ الملك بنُ إبراهيم آل الشيخ، والمساعد له الشيخ علي بنُ فراج من أهالي الهلالية القرية الكبيرة في القصيم، وكان له تقدم وشجاعة وقوة في دين الله تعالى، كما أن الشيخ عبدِ الملك يمتاز بالبصيرة والعلم والمعرفة، وطول التاني، وفيه مكارم، وله حكمة وحسن معاملة.
وفيها تقدم الشيخ عبدِ الله بنُ عودة آل سعوي بطلب العافية من قضاء الدمام لطول مكثه في القضاء، ولضعف جسمه، فلبت الحكومة طلبه وأحالوه على التقاعد، ثم إنه جعل مكانه في قضاء الدمام الشيخ إبراهيم العمود.