الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقد كنت فخرًا للعروبة كلها
…
وردمًا عظيمًا هابه كل خائب
تغمدك الرحمن منه برحمةً
…
وعفو وغفران من الله ساكب
ونرجوا لك المن الجزيل برأفةٍ
…
تقيك من المولى شديد اللهائب
ثم دخلت سنة 1355 ه
ـ
ففيها تمت عمارة مسجد الشيخ عمر بن سليم وعمارة مسجد أبي بطين جزاهما الله خيرًا، وأخذت مدينة بريدة تمتد من جهاتها الأربع وتسير قدمًا تريد أن تشق الطريق لسائر مدن القصيم، وأخذ حزب الأحرار القادمون إلى وطنهم يعرضون آراءهم ويمهدون سبيل تقدم المملكة لدى صاحب الجلالة عبد العزيز بن عبد الرحمن، ويعملون له بإخلاص، وأصبحوا بعدما كانوا الأعداء الألداء أبناءً كرامًا تحت خدمة مليكهم، فعين صاحب الجلالة طاهر الدباغ مديرًا للمعارف وأسند إليه إدارتها العامة، وأسند مديرية إحصاء النفوس العامة في المملكة إلى محمد عبد الله صادق، وعين عبد الرؤوف الصبان عضوًا في مجلس الشورى، فبث أمير الأردن بكتاب إلى عبد الحميد الخطيب مستنكرًا رجوع طاهر وأصحابه إلى الحجاز، وكيف جرى منهم ذلك، فأجابه الخطيب أن نعم وقد انحل حزب الأحرار وانضم إلى مليكه ابن سعود، لأنه عرف كيف يستميل خصومه، بينما أنكم لم تستطيعوا الاحتفاظ بأصدقائكم.
وفيها في يوم الثلاثاء 7 صفر ولى أهل مصر الملك فاروق بن الملك فؤاد بن عظيم مصر الخديوي إسماعيل، وذلك في موافقة 28 ابريل عام 1936 م، وتولى سلطاته الملكية في 21 جمادى الأولى من السنة القادمة الموافق 29 يولية 1337 هـ، فخلف والده فؤاد الأول على عرش مصر، وهللت مصر لذلك واستبشرت بصفته إذ ذاك فخر شباب مصر وممثل مجدها الطارف والتليد، وصفوة أخيار ملوكها الغر الميامين، ولد فاروق الأول بسراي عابدين بمصر يوم الأربعاء 21 جمادى الأولى سنة 1328 هـ، وجعل الشعراء المصريون يمتدحونه ويهنؤنه:
خشعت لفيض جلالك الأبصار
…
وزكت بمسكٍ خلالك الأشعار
وتوسمت مصر العلا في طلعةٍ
…
قد حفها الإجلال والإكبار
ملكٌ تغار النيرات إذا بدا
…
أسمعت أن النيرات تغار
ودت لو اشتملت بفضل ردائه
…
هيهات ثوب المجد ليس بعار
شتان بين النيرات ومن به
…
سبل البطولة والحياة تنار
تهدى العيون بضوئهن؟ وضؤه
…
تهدى البصائر فيه الأبصار
من حسنه اختلس الأصيل جماله
…
وببشره تتبسم الأسحار
أنعم بما أوتيت واهنأ شاكرًا
…
نعم الإله فإنهن غزار
لا زلت بالنصر المبين متوجًا
…
تحيا بك الأوطان والأوطار
وقال أحمد الهاشمي في تلك المناسبة:
سبِّح وغرِّد يا حمام الوادي
…
وأرفع تهانينا لشبل فؤاد
فاروق قد ملك القلوب بأسرها
…
وله على كل الأنام أيادي
ملك عليه من الجلالة شارةً
…
برعاية الله الحفيظ الهادي
ملكٌ عظيمٌ قد توطد عرشه
…
بسيوف آباء له أجواد
فالشعب بين مكبرٍ ومهللٍ
…
يدعوا بطول حياته وينادي
قل للمليك وقد تسامى نجمه
…
بين الكواكب بالسناء البادي
لا زلت مرفوع العماد مؤيدًا
…
بالنصر والأقبال والأسعاد
إلى غير ذلك من التهاني كعادة الناس في المديح إذا أقبلت وعادتهم الذم إذا أدبرت، فالله المستعان.
وفيها لا تزال الحرب طاحنة بين إيطاليا والحبشة، وذلك لأنه لما أعلن "موسليني" أيطاليا الحرب على الحبشة نتيجة اشتباك دموي جرى بين القوات الحبشية وكتيبة من قوات الصومال الإيطالية على مقربة من قرية والوال، وقتل في هذه المعركة عشرات من الجند الإيطاليين على الرغم من أنهما عقدتا معاهدة قبل هذا الاشتباك بسبع سنين تعهدتا فيها بإقامة صلح دائم وصداقة أبدية بينهما.
ولما أعلنت إيطاليا الحرب على الحبشة استصرخ النجاشي "هيلاسلاسي" عصبة الأمم في حسم الخلاف، ومد الغوث لبلاده، ولكنه لما كان في سنة 1935 م زحفت إيطاليا على الحبشة وكانت نتيجة القتال أمرًا مفروغًا منه، وتركت الدول الكبرى الحبشة تصارع بمفردها كريمها القوي، وهي تكاد تكون عزلاء، ومع أن الإيطاليين لم يحرزوا انتصارات حاسمة في الألثهر الثلاثة الأولى من القتال، إلا أنه ما وافى شهر مارس سنة 1936 م حتى كان الإيطاليون قد قضوا على كل مقاومة حربية جدية من جانب الحبشة، ولاذ في أول مايو الإمبراطور هيلاسلاسي بالفرار إلى انكلترا، وبهروبه انهارت كل مقاومة منظمة، وعمت البلاد الفوضى، واحتلت الجنود الإيطالية أديس أبابا، وفي التاسع من مايو سنة 1936 م الموافق ليوم السبت 18 صفر من هذه السنة نودي بعمانوئيل ملك إيطاليا امبراطورًا على الحبشة وهذا بعد حرب طاحنة امتدت حوالي ثمانية أشهر، ولقد أيدّ هتلر زميله الإيطالي تأييدًا قويًا خلال هذه الغامرة الاستعمارية، وجاءت الحرب الأهلية الإسبانية في هذا السنة فقربت بين هتلر ورئيس إيطاليا وحددت صفوفهما وأصدر الفوهرر هتلر أمره في 7 من مارس سنة 1936 م باحتلال منطقة الرين وإعادة تحصينها، وأخذ يفكر بعين طامحة إلى ضم النمسا إليه، فلما رأت بريطانيا أعمال هتلر عادت إلى توثيق تحالفها مع فرنسا، ورصدت في هذه الأيام أربعمائة مليون جنيه للتسلح على أن يزداد هذا المبلغ إلى ألف مليون وخمسمائة مليون جنيه، ذلك لأن الدول أخذت تستعد لوقوع حرب عالمية ثانية، ورأت تحت الرماد وميض جمر يوشك أن يكون لها ضرام.
وفيها انفجرت ثورة في فلسطين ضد اليهود والانجليز الذين مكنوا اليهود من اتخاذ فلسطين وطنًا قوميًا لهم، وحدد أهل فلسطين أهدافهم في ثلاثة أمور:
إلغاء وعد بلفور، ورفض الانتداب البريطاني، واستقلال فلسطين، واستمرت هذه الثورة ثلاث سنين فلم تتوقف إلا عند نشوب الحرب العظمى الثانية، لأن الحكومة الانكليزية لجأت إلى تهدئة الأمور وعقد مؤتمر سمي مؤتمر المائدة الستديرة في لندن يخدرون به أعصاب الفلسطينين.