الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عبد العزيز طلب شيئًا من المخترعات الحديثة ضد الحرائق، فتنفيذًا لرغبات جلالته الذي ما زال حريصًا على سلامة شعبة ووقايته من كل سوء ومكروه، استقدم وزير المالية عبد الله بن سليمان من أميركا قطعًا متعددة من سيارات الأطفاء الحديثة بكامل أدواتها الحديثة لتستخدمها الأمة في سرعة إخماد الحرائق والإنقاذ منها.
وهذه القطع هي من أحدث ما اخترعته أمريكا، ولا توجد حتى ذلك الوقت في الشرق الأوسط كله، لأنها لعزتها لم تسمح بها أمريكا لغير حكومتنا، ولهذا قام لها استعراض لما قدمت في هذه السنة في ذي الحجة إلى مكة المشرفة، فاخترقت شارع مكة العام من جرول إلى المعابدة مارة بجميع المحلات بشكلها البديع ونظامها الدقيق المتقن فكان لها أحسن وقع في نفوس الجماهير المحتشدة على جاني الطريق من الأهالي والحجاج، ودهشوا لهذا المنظر الرائع الذي لم يشهدوا مثله، فكانوا يصفقون لهذا المنظر.
الاستعراض العسكري
لما كان في 15/ 12 أقبلت كتائب الجيش العربي السعودي وقوات الشرطة، فقوات أهل الجهاد، وكان ذلك في الساعة الرابعة من يوم الأربعاء المذكور يتقدمها وزير الدفاع صاحب السمو الملكي منصور بن عبد العزيز طيب الله ثراه وأحسن في الجنة منقلبه ومثواه.
وكان ترتيبها في الاستعراض بهذه الصفة، المشاة فالمدرعات فالمصفحات فالمدفعية فالرشاشات فسيارات الإطفاء، وقد كان النظارة يصفقون ويهتفون حماسًا وإعجابًا برجال الجيش العربي السعودي، وقد اطلع سعود المعظم من شرفة القصر، ثم تقدمت أفواج الشرطة فالخيالة، وكانت تتكون من المشاة فالخيالة فسيارات الجيب تحمل رجال التفتيش والمرور، وبعد انتهاء العرض العسكري بدأت العرضة العربية يتقدمها أصحاب السمو الملكي أحفاد جلالة الملك: عبد الله الفيصل، وفيصل بن تركي، والأمير مساعد بن سعود، والأمير محمد بن سعود، والأمير عبد الله بن سعود، وكانت أهازيجهم
الحماسية تشق عنان الفضاء، ورقصاتهم الحربية تدهش المشاهدين وتثير شعور العزة والعظمة في النفوس، وكان في طليعة المشرفين صاحبا السمو الملكي وزير الدفاع منصور بن عبد العزيز، وعبد الله الفيصل، وانطلقت الصيحات من الحناجر تخالط أزيز طلقات البنادق وهتافات الجماهير وتصفيقهم، وقد ازداد الحماس عندما وصلت الراية المظفرة أمام صاحب السمو الملكي سعود المعظم، وقد أذيعت الحفلة الرائعة بتمامها بواسطة مكبرات الصوت.
وقد كان العرض مسوقًا حمل الشباب على التفكير في طلب الانخراط في سلك العسكرية، وقد قيل في هذه المناسبة خطب وقصائد نورد منها قصيدة الشاعر حسان جلالة الملك أحمد بن إبراهيم الغزاوي، وكان له قصائد جمة تدل على فضله وأدبه، والمذكور عضو في مجلس الشورى، وهذه القصيدة ألقاها في الحفلة الكبرى بمنى بين يدي ولي العهد العظم سعود بن الملك عبد العزيز:
العيد أنت وفيك العيد يأتلف
…
والوفد يهتف والنعماء تكتنف
والخيف تبدو به في كل مطلع
…
مواكب لك بالتبريك تختلف
بفيضها الحب والإخلاص لا ملق
…
فيه ولا رهبة تخشى ولاجنف
من كل أبلج وضاح خلائقه
…
كهالة البدر لم يعلق به كلف
كأنهم وضحى الإسلام يغمرهم
…
على جوانبك الأملاك إذ وقفوا
قلوبهم بجلال الله خافقةٌ
…
وما لهم غير ما يرضى به هدف
تجمعوا من أقاصي الأرض واقتحموا
…
عرض البحار ومن الجو واعتسفوا
وأخلصوا في سبيل الله والتمسوا
…
منه النجاة وعاذوا فيه وانصرفوا
يا حبذا الحج من أفياء وارفةٍ
…
ومن مناسكٍ فيها العز والشرف
وحبذا الأمن مضروبًا سرادقه
…
به استقر الهدى واستعصم السلف
وحبذا موكبٌ يحدوا السعود به
…
ويستضيء به التاريخ والصحف
* * *
يا ابن المفدى لعمر الله ما انطلقوا
…
إليك إلا وهم في شخصك الدنف
بذلت من أجلهم ما ليس يجحده
…
إلا الذي هو سوء الكيل والحشف
وذدت عنهم ذئابًا طالما افترست
…
أحشائهم واحتوتهم أيما ثقفوا
ولم تزل في الدجى ترعى مضاجعهم
…
وفي بطون الصحاري حين تتقف
* * *
وهبت منك قلبًا رق وازدحمت
…
من خشية الله في أعماقه الغرف
بكل محنيةٍ فيها لهم سكن
…
وكل مرقبةٍ منه لهم ترف
* * *
سلوا المشاعر كم من محرمٍ هتكت
…
أستاره وملب بات يختطب
وكم منيبٍ شهيدٍ قد قضى ظمأ
…
وحوله الماء إلا أنه اللعف
ورحله لا تساوي درهمًا سفكت
…
دمًا حرامًا له الأركان ترتجف
* * *
همو الوحوش وهل للوحش من سبب
…
إلا البراثن في أشداقها الجيف
قامت عليهم حدود الله فانقرضوا
…
وما همو غير ما يطوي به الصلف
وأصبحت رحبات الوحي طاهرةً
…
من الجناة وما اغتالوا وما اقترفوا
* * *
فلا غرابةَ والأمثال يضربها
…
بك الثقاة ومن بالفضل يعترف
بذلت فيها من الأموال أكرمها
…
من دون منٍّ وأغرت غيرك الطرف
والخير عندك أغلى ما ظفرت به
…
والبر بالناس فيه يحسن السرف
* * *
مواهب الله في كفيك هاميةً
…
ومن حياض أبيك الشعب يغترف
وأنت في المجد دنيا نستظل بها
…
وبين برديك دين الله يعتكف
* * *
هذا لوائك تمشي تحته فرق
…
من الأسود تراءى وهي تزدلف
فيه الصوارم كالغابات مطبقةً
…
على الذي بضمير السوء ينخسف
خاضوا وراءك نيران الوغى زمرًا
…
ومزقوا الظلم أشلاء وما ضعفوا
يستعذبون مناياهم كانهموا
…
لا يخرجون من الدنيا إذا تلفوا
* * *
يا عصبة الخير في الإسلام قاطبةً
…
ويا ضيوفًا لهم أحشاؤنا كنف
مرحى لكم يوم عيد النحر نشهده
…
كأنه رفرف للخلد أو طنف
وقد لجأنا إلى الرحمن نسأله
…
تضرعًا ودموع العين تنذرف
أن يحفظ النيل في مهوى كنانته
…
من الوباء ومما فيه قد رسفوا
وأن يبدِّلهم منه برحمته
…
خيرًا ويكلاهمو طرًا بما هتفوا
هذا الدعاء لهم من كل ذي شفةٍ
…
ورحمة الله عمت كل من وقفوا
* * *
فاهن بحجك يا مولاي مغتبطًا
…
وللمكاشح منك السيف والأسف
وليحيى عاهلنا المحبوب ما خفقت
…
راياته الخضر أو كرت بنا الزلف
وانعم فما أنت إلى الغال متسقا
…
والنصر مؤتلقًا والعدل ينتصف
وقال الشاعر حسين عرب في قصيدة له تتعلق في مشكلات الأمة:
يا فالق الصبح المنير وخالق الكون الكبير
ومجمع الأشتات من أقصى العوالم في شفير
رحماك بالدنيا يروعها بلاءٌ مستطير
لبيك قد عبث فيها ولم يرع الضمير
* * *
في مصر مغتصبٌ يبث الشر فيها والبلاء
في القدس محتقبٌ من الصهيون يصليها الفناء
في الهند أو في المغرب الأقصى بحورٌ من دماء