الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفيها زحف الجنرال الإنكليزي ويلسن والجنرال كاترو الفرنسي على سوريا فاستولوا عليها وذلك بعدما رأت انكلترا أن تبادر إلى ذلك متعاونة مع قوات فرنسا الحرة، وأعلن كاترو استقلال كل من سوريا ولبنان، فاعترفت انكلترا بهذا الاستقلال، واعترفت الدول العربية بذلك رغم وجود جيش الاحتلال الفرنسي في البلاد.
ثم دخلت سنة 1361 ه
ـ
في أوائل شهر ربيع الأول استسقى المسلمون وسألوا الله الغيث، فلما كان في 25 منه نزل غيث عظيم وهطلت أمطار على القصيم، فجرت الأودية حتى تجرفت من السيول، وامتلأت المحاجر وجرى وادي الفاجرة بعدما مرَّ عليه عشرون سنة لم يجرِ، فلم يشعر الأهالي من سكان تلك المواضع إلا بها قد زخرت كالبحر، فانقطعت السابلة من الجهة الشرقية والشمالية عن العاصمة، ودمرت الفاجرة كلما مرت عليه من البيوت والمساكن الكائنة بالخبيب، فعميت آثارها وكان يوضع في تلك المواضع أخشاب كبيرة كثيرة للبيع، فبعدما سقطت البيوت كانت الأخشاب المنصوبة والموضوعة هناك بما فيه من جريد النخل وغيره غثاء من جوانب الوادي، واختلط الحابل بالنابل وامتد الوادي كالبحر تجري به السفن، ولما أن بلغت الفاجرة إلى السادة الحارة المعلومة في بريدة وأشفى أهلها على الهلاك تحيط بالماء كثبان الرمال من الغرب والشرق، والبيوت من الجنوب أوقفها الله اللطيف بعباده، وانقطع جريها من الشمال، وبعث الله ريحًا من مطلع سهيل فتوقفت، وهكذا يصنع كل وادي يجري فإنه يدمر ما في طريقه، ونأمل من الأهالي إجراء ما يلزم نحو هذه الفادحة بأن يتخذوا سدًا لتصريف هذه السيول الجارفة أو إجراءها بالأنابيب من منتهاها إلى جهة الشرق لتتمشى إلى العيون.
ولولا قيام أمير بريدة إذ ذاك وترحيله السكان عن البيوت لكان الأمر أشد من ذلك، ومما يجدر بنا ذكره أن أناسًا اتفقوا في موضع قبل مجيء ذلك الوادي بخمسة
أيام ودار الحديث بشأن الفاجرة فيما بينهم، فمن قائل: تمنعها السواقي، ومن قائل: تمنعها الحفر التي في طريقها فلا تأتي، حتى أقسم من بينهم رجل جريء بأن لا تجري في الخبيب بعدما جرت من قديم، فما كان سوى خمسة أيام حتى صنع الله ذلك الأمر والله على كل شيء قدير.
وكان القاضي فضيلة الشيخ عمر بن محمد بن سليم قد سافر إلى الرياض بدعوة من الملك عبد العزيز لبعض الأمور الهامة فلم يشعر أمام جلالة الملك إلا وهو يحدث الملك بهذه الحادثة التي لم يعلم بها لكونها بعد سفره، وأخبره بأنها هدمت المستشفى في بريدة مبشرًا له بهطول الأمطار هناك، وإن المستشفى لا يظن به أمام السيول، وذلك المستشفى المشار إليه كان عبارة عن موضعين في الخبيب يفصل بينهما الشارع العمومي قد جلبت الحكومة إليه أطباء ماهرين في السنة الماضية من ضمنهم محمد علي الطباع، كان جراحًا له في القصيم أحسن الأثر في أعماله، وآخر يدعى الشواف يعالج في البصر ويلتحق بهما مساعدون وفراشون وخدم، وقد أعيد بعد ذلك المستشفى وأبعد عن مواقع الخطر، غير أنه فقد أولئك المهرة وخلفهم أناس أقل منهم.
وفيها جعل الملك عبد العزيز في قضاء عنيزة محمد بن عبد الله بن حسين أبا الخيل، فسار إلى البلد وباشر مهمته فيها، وكان يروم معالي الأمور ويريد من الأمة بها القيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، غير أنه لما لم تساعده الظروف استقال من وظيفته وحصلت له العافية، ثم إنه جعل جلالة الملك على قضاء عنيزة فضيلة الشيخ عبد الرحمن بن عودان من أهالي الجنوب، ولما أن قدمها استطاع بسياسته ولين عريكته أن يتحبب إلى الأهالي ويسودهم بعقله وعلمه، واستمر في القضاء، وقد أكمل المسجد الجامع في عنيزة وتمت العمارة في هذه السنة.
وفيها بعث الملك عبد العزيز مساعدات للمزارعين على طريق القرض ذهبًا وقمحًا لكل كيس من القمح ثلاثون ريالًا، فانتعش المزارعون فجعلت هيئة