الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي هذه السنة ولدة امرأة ببيروت خمسة أطفال، ثلاثة ذكور وبنتين، وتسمى هذه المرأة زكية زهران، وعاش المواليد يتمتعون بصحة جيدة.
وفيها توفى عالم في مكة يسمى عيسى رواس، كان مدرسًا في مدرسة الفلاح بمكة، ثم رأى أن يكسب رزقه بعمل يده، فكان يعمل أول النهار ثم يدرس بالمسجد الحرام آخر النهار وأوائل الليل رحمة الله على أموات المسلمين.
وفيها في شهر صفر في آخر الأربعانية وأول نوء النعائم اشتد البرد جدًا ونزل في غرة جمادى الأولى برد عظيم الحجم فأصيب به ركاب ونيت في الموضع المعروف بالمستوي فقتلهم كلهم وخمدوا جميعًا، ولم يسلم إلا راعي لغنم هناك على البعد منهم، وفي 15 من الشهر المذكور نزل من السماء مطر عظيم على الحناكية وما يليها فغرق فيه أموال كثيرة وأدباش، حتى بلغ ارتفاع الماء على الأرض إلى رؤوس النخل.
وفيها في 15 رجب خسف القمر خسوفًا عظيمًا وانطمس قدرًا من أربع ساعات وذلك في أول الليل.
وفيها أصيبت ثمرة النخل بنقص وفساد حتى لم يتحصل منها إلا على نصف ثمن ثمرة العادة، نستغفر الله ونتوب إليه من الذنوب والمعاصي، وغلت الأسعار واشتدت المؤونة جدًا، وقد رأت امرأة من الصالحات في شهر شوال في منامها ملكين جلس أحدهما عند رأسها والآخر عند رجليها فأسمعاها هذا الكلام "تاب تاب نزعت البركة من التراب، تاب تاب نزع الحيا من الشباب، تاب تاب نزعت الرحمة من بين الأقراب، تاب تاب هجر الكتاب".
ذكر عجائب من الحوادث غير ما تقدم
ففيها في ليلة 24 من ذي الحجة جرى على أهل قصر في روضة مهنا أنه خرج امرأتان إلى نحو الجابية للوضوء فسمعتا خشخشة في الماء فذعرتا لذلك، وبينما المرأتان تنظران تلك الخشخشة إذ رجمتا بالحجارة والعظام ففرتا إلى القصر، واستمر
الرمي حتى تأذى سكان القصر من وقع الحجارة والعظام، وبعدما فتشوا وجد الرمي الذي أصابهم من طريق الجن، ولما كان في الليلة المقبلة اشتد الرمي والقذف حتى امتلأ القصر من العظام والحجارة، وكادت أن تقع قرون البئر، فخرج الرجال وصاحوا بمن حواليهم من أهل القصور الأخرى وفزعوا بالسلاح والحديد، فكانوا يرجمون ولا يرون أيد عاملة بل تأتيهم القذف من حيث لا يعلمون، فلما كان في الليلة 26 قام غالب أهل القرية فزعين بسلاحهم فشرع الرمي على العادة، غير أنه قليل ثم إنه زال بعد ذلك.
وفيها في شعبان ورمضان خرج كلب في هجرته -قبة- وآذى كل من مرَّ عليه بالعض، وكان من الناس من يسلم من العضة إذا عالج نفسه، ومنهم من يتلف، وممن تلف رجل ذهب إلى موضع ذلك الكلب يحمل البندقية ليقتله، فجلس أمام جحره وجعل ينادي الكلب، كأنه يخاطبه، ولما أقبل إليه الكلب بادره بطلقة من البندتية فحبسها الله تعالى، ثم وثب عليه الكلب فعضه على يده فكلب، وجعل الناس يشيرون عليه أن يعالج العضة فأبى وصمم على ترك العلاج مسلمًا أمره إلى الله تعالى، فلبث أربعين يومًا لم ينكر نفسه شيئًا، فلما كان من الغد جعل يشكو ألمًا في يده ويصرخ ويشكو الظمأ، فلما شرب من الماء مات في الحال.
وفي قرية في الأناضول عشر اثنان من سكانها في شهر شوال على مغارة للذئاب وقتلا ثلاثة من الذئاب المولودة حديثًا، ولكن الأم هاجمتهما بعد قليل فتمكنا من صدها ودخلت الذئبة القرية بعد بضعة أيام فهاجمت صبيًا في الثالثة عشرة من عمره فمزقته تمزيقًا، وأعادت الكرة مرة ثانية وثالثة ورابعة، وكانت في كل مرة تفترس واحدًا من صبيان القرية، وقد طلب السكان مساعدة البوليس على إنقاذ قريتهم من هذا العدو المنتقم.
وفيها أنشئ في عنيزة محطة لاسلكي، ومحطة أخرى في شقراء، ومحطة أخرى في الأفلاج، ورابعة في السليل.
وفيها ظهر إعلان من هتلر بأنه سيظهر استعمال الطاقة الذرية في طور بينات
الغاز، ثم قال: ويلوح أننا على وشك النهوض بالبحرية نهوضًا كاملًا سيكون أتم وأعظم مما قمنا به في نصف القرن الأخير، وهذا إنما هو في استخدام الطاقة الذرية في دفع السفن القوية التي تبلغ طول كل منها حوالي ألف قدم، وقد أصبح هذا يلوح لنا في الأفق أ. هـ. وهذا غريب.
وفيها توفى الأمير البطل عبد العزيز بن إبراهيم بن معمر أمير المدينة سابقًا رحمة الله عليه، وكان في حال إمارته على المدينة مهابًا مسددًا فلذلك كانت المدينة المنورة حال إمارته عليها في غاية ما يرام من تأديب الجناة وتأمين السبل وحسن القيام بالأعمال، ثم إنه نقل منها وجعل عضوًا في مجلس الشورى بمكة المكرمة، فاستمر في عمله إلى أن مات.
وفيها بعث ابن سعود رسالة ملكية إلى أميركا مقدمة إلى الرئيس ترومان رئيس الولايات المتحدة، وكانت عن طريق وزير الملك ابن سعود المفوض في واشنطن، وهي بشأن قضية فلسطين قال:
يا صاحب الفخامة إن الصداقة التي تربط بلادي ببلاد الولايات التحدة والصداقة التي تأسست بيني وبين الرئيس روزفلت، والصداقة التي تجددت بيني وبين فخامتكم تجعلني شديد الحرص في المحافظة على هذه الصداقة وتغذيتها، والعمل على تقويتها بكل الوسائل الممكنة، ولذلك تجددوني فخامتكم، الخ، وأكرر في كل مناسبة أشعر فيها بما يخل بصداقة الولايات المتحدة مع بلادي ومع سائر البلاد العربية، لكي أزيل ما يمكن أن يعرقل الصفاء، ولقد كتبت للراحل العظيم ولفخامتكم عن حقيقة الموقف في فلسطين والحق الطبيعي للعرب فيها، وإن ذلك يرجع إلى آلاف السنين، وإن اليهود ليسوا إلا فرقة ظالمة باغية معتدية اعتدت في أول الأمر باسم الإنسانية، ثم أخذت تظهر عنوانها الصريح بالقوة والجبروت والطغيان، مما ليس يخفى على فخامتكم وعلى شعب الولايات المتحدة، أضف إلى ذلك أطماعهم التي بيتوها ليس لفلسطين وحدها بل لسائر البلاد العربية المجاورة، ومنها أماكن في البلاد القدسة.
لقد دهشت للإذاعات الأخيرة التي نسبت تصريحًا لفخامتكم بدعوى تأييد اليهود في فلسطين وتأييد هجرتهم إليها بما يؤثر على الوضعية الحاضرة خلافًا للتعهدات السابقة، ولقد زاد في دهشتي أن التصريح الذي نسب أخيرًا لفخامتكم يتناقض مع البيان الذي طلبت مفوضية الولايات المتحدة الأمريكية في جدة، ثم إنه أطال ابن سعود بالموضوع وشجع اترومان لحل هذه المشكلة، وناشده بحق العدل الذي جاهدت الولايات المتحدة لأجله كل عدوان غاشم، ولقد أوفدت أمريكا وبريطانيا إلى ابن سعود لجنة لحل هذا الموضوع، وسنذكر ذلك فيما بعد إن شاء الله تعالى.
وفيها وفاة الشيخ القاضي في الحجاز المرزوقي، وذلك في شهر صفر، وكان فيما ينسب عن فضيلته أنه قام بالقضاء زهاء نصف قرن فكان مثالًا في العدل والإنصاف، وامتاز بعلو كعبه في الفقه الإسلامي، وطول باعه في المسائل الفقهية واشتغاله بهذه الشؤون، ووافق له جو صالح لنمو مواهبه، ويعد من خيرة العلماء الحجازيين، وأن موته خسارة وفراغ كبير، فرحمة الله على علماء الإسلام، ونشكو إلى الله ما نلاقيه من موت العلماء واندثار الشمل، وقلة الرغبة في العلوم الدينية، أليس من الخسران إن نزع العلماء من القبائل وفشو الجهل وقلة الاعتناء بهذه البضاعة.
وفيها اغتيل ملك سيام وقد ألقى البوليس القبض على عدد من المدنيين السياميين للتحقيق معهم في تهمة الاغتيال.
وفيها وصل فجأة إلى مصر وحل في قصر عابدين مفتي فلسطين الحاج أمين الحسيني، وكان وصوله في 20/ 4 من هذه السنة، فتشرف بالسلام على ملك مصر فاروق.
وفيها عين الرجل المثقف عبد الله البراهيم الفضل قنصلًا عامًا للمملكة العربية السعودية في مصر، وصدرت الموافقة الملوكية بتعيينه في رابع شعبان من هذه السنة.
وحج بالناس ابن سعود ملك العرب العظيم، وكان عن طريق الجو، وحج
غالب البيوت السعودية بالطائرات، وكثرت الطائرات في هذه السنة وبلغ عدد الحجاج ربع مليون، وقد جرى تنظيم وتيسير وإدارة حسنة للحج، وأكثر الشعراء من المديح لصاحب الجلالة، ونورد هنا قصيدة ألقاها الشاعر عبد الهادي الطويل هذا نصها تحية لعاهل الجزيرة:
سنا مستمد من سنا الله باهر
…
يرف كما رفت نجوم زواهر
أفاض الهدى في الخافقين رفيفه
…
فلم يبقَ في صقعٍ من الأرض حائر
وضوء أرجاء الجزيرة مثلما
…
يضوي صبحٌ مشرق الوجه سائر
إذا ما طويل العمر لاح تألقت
…
على الأفق أنوار وولت دياجر
وهلل نجديٌ وكبر منهم
…
وسارت بأنحاء الحجاز البشائر
مليكٌ له نصر اللواء على السها
…
وفى كفه سيفٌ من الحق باتر
قلوب بني الإسلام طرًا سريرةٌ
…
وأفواهمم أعواده والمنابر
ولم تقف العليا إلا ببابه
…
ولم تجتمع إلا لديه المآثر
وما تجلت قط العروبة مثله
…
ولا انعقدت إلا عليه الخناصر
يحف به الإخلاص من كل جانبٍ
…
وتغشاه بالحب العميق الخواطر
ويبدو فتسري في النفوس مهابةً
…
فتخشع من فرط الجلال النواظر
ويهتز للمعروف والخير والندا
…
كما اهتز غصن في الحمائل ناظر
وبين شعوب الضاد ينفح ذكره
…
كما نفحت بالطيبات الأزاهر
به نيطت الآمال في الشرق والمنى
…
وعادت به أمجاده والمفاخر
يذكرني عصر الرشيد زمانه
…
وقد عز فيه المسلمون الأواخر
حسام بني عدنان والأمر حارب
…
ودرع الأماني والمنايا دوائر
وإن جد جِدًا أو ألمت ملمةٌ
…
فعبد العزيز الحصن ممن نحذر
أخو الحرب إِما كشرت عن نيوبها
…
ورئبًا لبها والنقع للنجم ثائر
غدته صغيرًا ناشئًا بلبانها
…
وربته في ميدانها وهو كابر
تتيه به البيض الصوارم في الوغى
…
وتزهى به الجرد المذاكي الضوامر
ويأتي إليه النصر من عند ربه
…
فيرجع من ساح الوغى وهو ضافر
أمولاي جاد الدهر وافترت المنى
…
وجاءك يسعى من بني مصر شاعر
لقد سنحت لي فرصةٌ ذهبيةً
…
فها أنا للقصر المشيد أبادر
وقد ملكتني من جلالك روعةٌ
…
فهل أنت لي يا ذا الجلالة عاذر
أسائل نفسي أين أنت وعند من
…
نزلت ومن هذا الكريم الموازر
أفي زمن المأمون أم أنا حالم
…
وفي أي قصرٍ يا ترى أنا حاضر
وما هذه الدنيا قد بلغتها
…
وتلك الأماني الباسمات النواظر
بلى نحن في صحو لدى خير عاهل
…
بجانبه الطائي في الجود مادر
أياديه قد فاضت على كل مسلمٍ
…
وآلاؤه غرٌ جسامٌ غوامر
هو البحر إلا أن للبحر ساحلًا
…
وما لعطايا ذلك البحر آخر
سأثني عليه بالعشيات والضحى
…
إذا ما أقلتني لمصر البواخر
بنفسي وأهلي من هداني جبينه
…
إلى حيث قامت للإله الشعائر
فطرت وفي صدري من الشوق علةٌ
…
يضيق بها القلب الجريء المغامر
وأقبلت للبيت الحرام ملبيًا
…
وطفت به والقلب جذلان شاكر
حنانينك ربي إنني جئت تائبًا
…
وما لي سواك اليوم للذنب غافر
فجد لي بغفرانٍ كريمٍ ورحمةٍ
…
تقر بها عيني ويهدأ خاطر
تباركت هادي العَالمين للكعبة
…
ثراها ثريًا بل حصاها جواهر
بها طاف إبراهيم من قبل وابنه
…
كما طاف من بعد النبي المهاجر
عليهم سلام الله ما ذر شارق
…
وغنى على أفنائه اللدن طائر
أمولاي حياك الإله تحيةً
…
كما حيت الروض الغيوث البواكر
دعا باسمك الداعي إلى المجد والعلا
…
وسار على ضوء الهدى منك سائر
وأنت الذي أحيا تعاليم دينه
…
وقام بشرع الله فينا يجاهر
أقمت حدودًا طالما قد تعطلت
…
وتعطيلها ما فيه إلا الفواقر
ودستورك الذكر الحكيم وإنه
…
لطبٍ به تشفى النفوس الجوائر