الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أما الوحشة والنظر في مصيره فإنه قد أنذره بعض ملوك العرب بخيانة مصر قبل ذلك له، وإنها تبيت له مالا يرضى من الأعمال، وقد أخرج وزوجته حاملًا ابنه فؤاد بيده اليمنى على صدره بحالة محزنة، ورؤية تسيء كل من رآها، وآخر رسم أخذ له وهو يمشي في كابري، وجاء في أخر الأنباء أنه وصل إلى ميناء نابولي الإيطالي، وأنه حجزت له ولأفراد أسرته الملكية الغرف الكافية في فندق هناك، وأن الحكومة الإيطالية وافقت على أن يقيم بصفته الشخصية في ايطاليا، وفي أنباء إيطاليا أنَّه سيبرحها بعد بضعة أيام، وقد تضاربت الأنباء في الجهة التي يقصدها فيما بعد، وقد صرح في منفاه بأنه رجل فقير قد يضطر إلى البحث عن عمل عن طريق الإعلانات الصغيرة في الصحف، غير أنَّه أقام مأدبة عشاء لستمائة شخص.
ولما أن تنازل فاروق عن العرش وبارح مصر، قام رفعت علي ماهر باشا بصفته رئيس مجلس الوزراء فأصدر هذا البيان للأمة المصرية:
بناء على ما تقدم في الوقت الذي نزل فيه الملك فاروق الأول عن العرش لولي عهد مصر وغادر البلاد المصرية، ينادي مجلس الوزراء بحضرة صاحب الجلالة أحمد فؤاد الثاني ملكًا لمصر والسودان، ويدعو الله أن تنعم البلاد في عهده كما تصبو إليه من رقي ومجد وسعادة، كما أصدر مجلس الوزراء المصري بيانًا للأمة المصرية أن مجلس الوزراء قد تولى منذ اليوم سلطات الملك الدستورية باسم الأمة وتحت المسؤولية إلى أن يحين الوقت الذي يجب عليه فيه أن يسلم مقاليدها إلى مجلس الوصاية، وكان الملك فاروق قد كتب قبل أن يغادر الأراضي المصرية أسماء الأوصياء في ظرفين: أحدهما أودع في خزانة الديوان الملكي، والثاني برئاسة مجلس الوزراء، فتألفت هيئة وصاية على العرش من ثلاثة، ثم اكتفى بوصي واحد، وهؤلاء الثلاثة هم الأمير عبدِ المنعم، وبهي الدين بركات، ورشاد مهنا.
ذكر البرنامج الذى تمشى عليه الرئيس علي ماهر
هو جيش قوي مستعد، تعديل النظام الحربي، القضاء على الاستعمار، القضاء
على الإقطاع، فتكون أراضي الوطن للمصريين، التزام سياسة عربية، وقام الرئيس بتنفيذ ذلك والعمل كما تقتضيه هذه المواد.
أما الرئيس اللواء محمد نجيب فقد قام بتحبب إلى الناس ويمازح أطفالهم، ويتواضع لضعفائهم، وجعل يلقي خطبه الرائعة في آلاف الجموع المحتشدة، ويستوقفه الفلاحون فيقف في موكبه العظيم يخاطبهم ويستمع لخطبهم، وقد خرج مرة وسط عشرين ألف نسمة يرشدهم إلى النظام ويطالبهم باحترام النظام، ولا يفوتنا في هذا المقام ذكر قتال المصريين للإنكيز، وذلك في شهر ربيع الأول والثاني من هذه السنة، وقد انتصرت الأنكيز على مصر وحصرت رجال البوليس المصري، وقد شددت بريطانيا الوطاة على مصر، وقد اضطرت وزارة مصطفى النحاس تحت ضغط الرأي العام إلى إلغاء معاهدة 1936 م، فهاجمت معسكرات الإنكليز، وحمل الفدائيون على المعسكرات الإنكليزية في منطقة القناة ونسفوا منشآتهم بالقنابل والمتفجرات، وعطلوا مواصلاتهم، وعطلوا عنهم التموين، وترك العمال المصريون العمل بالمعسكرات البريطاينة فاشتد الأمر على الإنكليز حتَّى انتقموا من الفدائيين والعمال ورجال البوليس المصري انتقامًا شديدًا، وخربوا المزارع المحيطة بمعسكراتهم، وأزالوا بعض القرى إزالة تامة، واعتدوا على المسالمين من الأهالي، فتعقدت الأمور أمام الحكومة وتزعزعت مكانتها، واضطرب الأمن، وأحرقت بعض الأحياء التجارية والمصارف الأجنبية في القاهرة، وذلك قبل خلع فاروق بسبعة شهور، فعزل فاروق مصطفى النحاس بدعوى أنَّه لم يقم كما يجب من أعمال الحرب، وكان عزله في غرة جمادى الأولى وخلفه وزارة الهلالي.
وفيها في ليلة 10/ 5 من هذه السنة توفى ملك الإنكليز، ووفاته فجأة بأن ذهب إلى فراشه فنام ولم ينتبه بعد رقدته.
وفيها في 26 رجب نزل غيث على نجد بوقت جدب وقحط، سقطت البادية في تلك السنة من الهزل والضعف حتَّى أقامهم الله بذلك الربيع، فلله الحمد.
ولما كان في الساعة الحادية عشرة من ثالث شعبان مساء هبت رياح شديدة