الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يكرهنا ويخافنا، ولكنه يحترز من محاربتنا ومجابهتنا وجهًا لوجه، وآخر قولهم أن قالوا أنه يعمل على إفساد القبائل والأهالي التابعين لنا، ويستعمل من أجل ذلك الغرض وسائل عديدة، منها بعض اللاجئين إليه من رعايانا، ومنها دعاة المذهب الزيدي الذين لهم صلات مع أشخاص في بلادنا، ثم إذا اعتقد أن الفرصة سانحة أجهز على قطعة من أملاكنا سواء بالحرب أو بالدسائس أو بالتظاهر بتحكيم جلالتكم، كما حصل له في مسألة العرو والمماطلة والمراوغة والتسويف من الوسائل الفعالة التي يلجأ إليها، غير أن غايته القصوى مرتكزة على انتظار فرصة الفتن الداخلية والاشتباك مع أحد الدول للوصول إلى ما يتمناه من أغراض لا حققها الله، فهذا كلام الوفد بحروفه، ولا ريب أنه كلام يثير السواكن ويبعث الهمم إلى الأخذ بالحزم كل الحزم، لا سيما وقد كان في أول الكلام المعذرة حيث قالوا أن جميع مجهوداتنا معه ضاعت سدى، فكنا كمن حاور عجمان أو نادى صخرة صماء، فهل ترى مع هذا الكلام الذي هو أشد وقعًا من السهام على سويداء القلب، أن يحجم ملك عظيم أزعجت هيبته سكن العمورة عن بث القوات وما لديه لحفظ ملكه، وقمع كل من يريد السوء من شريف أو وضيع.
ذكر ما جرى بعد ذلك
لما اتخذ ابن سعود التدابير ضد حركات الإمام يحيى العدائية فزع يحيى وخاف خوفًا شديدًا، وبعث إلى ابن سعود جوابًا برقيًا في 20 رجب لما سمع بوصول القوات إلى منطقة الحدود، فقال بلغ إلينا تحشيدكم الجنود لى الحدود ولم نعرف سببًا لذلك، فلم يكن منا غير المحافظة على الصداقة كما أوضحناه لحضرتكم مكررًا، وكل ما يبلغ إليكم مما يخالف ذلك وهو محض الافتراء، فاحذروا الانخداع لمن يريد طمس الإسلام وهلاك الجميع، فلا خير في الشقاق لنا ولكم، والغالب نحن أو أنتم خاسر خاسر والسلام.
ولا ريب أن هذا يعتبر من الإمام يحيى خوفًا من سطوة ابن سعود وما لديه من الفتك والتدمير.
ولم أن جاء هذا الاستفصال من يحيى كان الجواب من ابن سعود أن نعم والباعث لذلك أنه حديث عدة أمر للريبة، فرأينا الواجب يقضي بالاستعداد لها، في كلام طويل، وذكر أنه لا بد من ثلاثة أمور:
الأول: الاعتراف بالحدود، والثاني: إعادة الأدارسة، والثالث: مسألة نجران، فإن تم الاتفاق بيننا وبين حضرتكم فذاك ونتفق بعده المعاهدة وإلا فلا، ثم تراجع الكلام بينهما، وقال ابن سعود في جوابه: يعلم الأخ أنه لنا عدة سنوات ونحن وهو نتبادل إرسال الرسل لحل المشاكل، ولم تغن الوفود شيئًا، وتعلمون أن المسألة متعلقة بشخصكم وبشخصنا، ولا يمكن أن تحل عاجلًا وآجلًا إلّا بما نتفق عليه بيننا بأشخاصنا إن شاء الله، وتطويل الأمر ليس منه أي فائدة بل بالعكس فإن التطويل يزيد في تعقيد الأمور ويزيد في المشاكل، والذي نقترحه ونراه الأصلح، ولا نرى سبيلًا لحل المشكل بدونه، وهو البت في المواد الثلاث التي عرفناكم بها، فلا يستقيم الأمر إلّا بذلك، فإن وافق الأخ على ذلك وأعطانا عليه الجواب الذي نثق بالله ثم به، فتقديم الوفد منا أو منكم سهل لتسوية الأحوال في أي مكان يكون، ثم إنها ما زالت المراجعات مستمرة بين الطرفين وكلها برفق ولين، وطلب يحيى من ابن سعود أن يتفضل في منع رؤساء أجناده عن تجاوز الحدود التي فيها محطاتهم وهم فيها، وقال تفضلوا أكدوا على أمير جيزان ليترك التجاوز والتهديد لأهل المخالف، فإنهم غاية من الخوف وهم على وشك النفور، وأطال في الكلام، فأجابه ابن سعود بجواب حسن لائق أكد فيه ثلاثة الأمور المطلوبة منه، وأنه لا يليق إعادة الجنود عن رباطاتهم بعد حشدهم وجميع قواتهم خوفًا من التقلب بعدما يرجعون، وذكر أن جميع رعاياه وأهل أطرافه لا يحبون الفتن، وقال بعد كلام: والحقيقة أنه كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها" ثم حصلت مراجعات أقرَّ بها يحيى من كون مسألة الأدارسة والحدود قد انحلتا، فشكره جلالة الملك