الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فلسطين يدعى مصطفى شكري في الحادية والعشرين من عمره، ويقال أن له شركاء، وقد دفن الملك في الدافن الملكية الخاصة في عمان، ولما أن علم الأمير طلال بوفاة والده الملك عبدِ الله حاول أن يسافر فورًا إلى عمان ليتولى الملك، ولكن أطباءه منعوه من هذه المحاولة، ونصحوه بالانتظار، وليست هذه أول مرة يحاول فيها الأمير طلال العودة إلى عمان، فقد سافر فعلًا من لندن إلى عمان فجاة، ثم أعاده الملك عبدِ الله إلى سويسرا بعد أيام من وصوله إلى بلاده.
والمعروف هنا أن الحكومة البريطانية كانت على اتفاق مع الملك عبدِ الله بأن لا يتولى الأمير طلال العرش بسبب حالته العصبية، وقد غضب الأمير طلال من أن حكومة شرق الأردن لم تعلنه ملكًا كما تجري التقاليد، وأنها أصرت على تسميته ولي العهد حتَّى بعد وفاة والده، غير أن المحيطين به ينادونه بعد ذلك بصاحب الجلالة، ثم إنه عاد إلى عمان وتولى الملك بعد أبيه، وهذه ترجمة عبدِ الله:
هو الملك عبدِ الله بنُ الحسين بنُ على بنُ محمد بنُ عبدِ العين بنُ عون الشريف، وقد تقدم غالبها في سنة تسع وثلاثين.
أما الوصي عبدِ الإله فقد أذيع في لندن بأنه سيقطع إجازته في لندن ويعود حالًا إلى بغداد، ثم إلى عمان ليشترك في تشييع جنازة الملك عبدِ الله، وسترسل وزارة الخارجية وقصر بكنجهام تعازيها الليلة إلى عائلة الملك الراحل وتدرس وزارة الخارجية البريطانية الآن، فيما إذا كانت سترسل مندوبًا خاصًا للاشتراك في تشييع جنازة ذلك الرجل الذي حكم شرق الأردن مدة ثمان وعشرين سنة، وزار بريطانيا للمرة الأولى في سنة 37 ليشترك في حفلات التتويج، والثانية في سنة 1949 م الميلاديتين كضيف على الحكومة البريطانية، وقال الدكتور رالف بونش الوسيط السابق في فلسطين: لقد هزني الألم فقد كنت أعرفه جيدًا، وكنت أقدره وأحترمه جدًا، ولقد كان جلالته شخصية فريدة في عصره، كما كان فيلسوفًا وشاعرًا وسياسيًا واقعيًا.
صدي الحادث في فرنسا
أثار اغتيال الملك عبدِ الله اهتمام الدوائر الدبلوماسية الفرنسية، وقال متحدث
رسمي بلسان وزارة الخارجية الفرنسية أن فرنسا قد استنكرت هذا الاعتداء الدامي استنكارًا بالغًا، كما أنَّها ترى أن هذا الحادث يعتبر انذارًا خطيرًا بازدياد حالة التوتر وعدم الاستقرار في دول الشرق الأوسط، وخاصة لأنه جاء في أعقاب حادث اغتيال رياض الصلح في عمان، هذا وقد نكّس فوزي الملقى العلم فوق المفوضية بعد أن تلقى برقية من الأمير نايف جاء فيها:
أبلغكم بمزيد من الأسف بنبأ الكارثة التي حلت بنا باستشهاد جلالة الملك الراحل، ووصف الملقي باشا حادث الاغتيال فقال: إنه سوف تعقبه نتائج خطيرة، وأن الوقف الداخلي في شرق الأردن تد يتعقد بسبب ذلك الحادث، وذكر أن جلالة الملك الراحل كان قد أوصى بإجراء انتخابات عامة في 29 أغسطس، وقال أن هذه الانتخابات قد تؤجل لبضعة أشهر ريثما تهدأ الحالة، وقال الملقي باشا: أن الأمير طلال هو الوريث الدستوري للعرش، ومن بعده ابنه الأمير حسين البالغ من العمر 14 عامًا وهو طالب بكلية فيكتوريا بالأسكندرية، وأن العرش لا يؤول لأحد غيرهما.
ولقد أنعم الملك عبدِ اللَه قبل وفاته بوسام الكوكب الأردني من الدرجة الأولى على الأمير حسين نجل الأمير طلال، أما الحكومة المصرية فإنها تستنكر هذه الجرائم، فأدلى رفعت النحاس باشا بمناسبة مصرع الملك عبدِ الله بالتصريح التالي:
تلقت الحكومة المصرية بمنته الألم هذا النبأ الفاجع، وهي تشاطر الأسرة الهاشمية، والحكومة الأردنية حزنهما على الملك الراحل وتستنكر أشد الاستنكار، هذه الجرائم السياسة التي هي أسوأ ما تبتلى به الشعوب هدى الله أمة العرب سواء السبيل، وجنبها كل مكروه، كما أن السفارة المصرية في واشنطن أذاعت بيانًا رسميًا جاء فيه:
لا شك أن حادث اغتيال الملك عبدِ الله مؤسف ومؤلم، ولا شك أنَّه يدل على أن منطقة الشرق قد أصبحت حساسة، وأنه ينبغي معالجة مشاكلها بعناية تامة، وقد أبدى دبلوماسيو الأمم المتحدة قلقهم الشديد خشية أن يؤدي اغتيال الملك عبدِ الله إلى إنهاء الهدنة الفلسطينية.
وقال متحدث بلسان وزارة الخارجية الأمريكية أن السلطات الأمريكية المختصة تدرس بعناية تامة حادث اغتيال الملك عبدِ الله، وأثر ذلك في الموقف السياسي الدقيق في دول الشرق الأوسط.
أما المحاولات السابقة لاغتياله فقد حدثت فيما مضى عدة محاولات عديدة لاغتياله، ففي عام 1941 م أشيع أن الأمير طلال ولي العهد أطلق الرصاص على والده وأصابه بجراح بالغة، ولكن الملك عبدِ الله كذَّب هذه الأنباء.
وفي أبريل عام 1949 م حكم بإعدام على ثلاثة من الفلسطينيين وأردني واحد لتآمرهم على قتل الملك، وذلك بوضعهم الألغام في الطَّرِيقِ الذي كان معروفًا أنَّه سيمر منه، كما حكم بالسجن المؤبد على رجلين سوريين وآخرين فلسطينيين، وكانت الدوائر الرسمية بالحكومة البريطانية تتهم اتهامًا قويًا الحاج أمين الحسيني بأنه هو المسؤول عن اغتيال الملك عبدِ الله، وبأنه يحاول القضاء على الوحدة العربية، وأمين الحسيني هو المفتي الأعلى رئيس مجلس الأمة الفلسطينية العربية.
أما صفات عبدِ الله الجسمانية:
فكان ربعة يميل إلى السمنة، أبيض اللون مشرب بحمرة، مليح الطلعة، ذو وجه باسم، وكثير الشبه بوالده، غير أنَّه كان أبلغ في السياسة من أبيه، وكان سخيًا، بلغت به الحالة إلى أنَّه كان يستدين وينفق إذا لم يجد ما يهبه لزواره وقاصديه، فاضطرت الحكومة الإنكليزية على التدخل لما كثرت ديونه، فأرصدت له راتبًا من راتبه معلومًا في أول الشهر.
أما الباقي من راتبه السنوي فإنه أرصد لقضاء دينه، وقد تزوج سنة 1320 هـ بالشريفة مصباح كريمة عمه ناصر باشا، فولدت له الأمير طلال وبنتًا، وتزوج بشركسية فولدت له الأمير نايف وابنتين، وهو فصيح في الخطابة، فإنه لما جاءه المعزون بعد نعي أخيه فيصل خطب فيهم فقال:
إن المصاب هو مصاب العرب، أما نحن فذو مصابين، مصاب خاص، ومصاب عام، وأنتم تعرفون المرحوم، فلا حاجة إلى من يعرفكم عليه، ندعو الله أن يعوض
الإسلام والعرب عن فيصل، وقد ما كان الله للجميع، فليأخذ الله بيدنا ويصبرنا على هذا المصاب الجليل.
وخطب أيضًا فقال: لا حي يدوم إلَّا وجهه الكريم، لقد استرد الله فيصلًا، وإن هذا الاسترداد ليصعب على القلوب والعرب أحوج ما يكونون إليه، ولكنا نحن آل زيد دائمًا مصابون والله لا ينساكم، ولكم برسول الله أسوة حسنة، بارك الله فيكم، واسيتمونا وعزيتمونا جزاكم الله خيرًا عن كل عين دمعت، وعن كل قلب رجف، استغفروا للمرحوم، أرجو الله أن لا يسيئكم بعزيز.
ولما أن توج الملك طلال بنُ عبدِ الله كان محبًا للعرب، وله ميل إليهم، فجلس على العرش بعد والده في هذه السنة.
وفيها وفاة رجل الدين والخير صالح بنُ فوزان الملقب العويدة، وهذه ترجمته:
هو صالح بنُ إبراهيم بنُ صالح بنُ فوزان بنُ راشد بنُ صالح بنُ ناصر، ويجتمع نسب آل فوزان، ونسب آل فهيد في راشد بنُ صالح بنُ ناصر المتقدم ذكره.
أما فوزان والد الأسرة فكان له ابنان صالح وعلي، فأبناء صالح هم فوزان ومحمد وعبد الله وسليمان وإبراهيم والد المترجم وحمد وعبد العزيز وحمود وعبد الكريم وناصر وابنتان.
أما آل علي فأربعة: بنين فوزان بنُ علي، ومحمد وإبراهيم وعبد الله.
أما ما كان عن المترجم: فإن وفاته في شهر ذي القعدة من هذه السنة، وكان ذا أصل عظيم، ولازم خاله الشيخ عبدِ الله بنُ محمد بنُ فداء العالم المشهور بالزهد، فقد أخذ عنه واستمسك بغرزه، وناهيك به من إمام زاهد، وقد قدمنا من ذكر ترجمته.
رحل المترجم إلى مدينة الرياض للأخذ عن الشيخ عبدِ الله بنُ عبدِ اللطيف، فتعلم بين يديه وأخذ عن الشيخ محمد بنُ عبدِ الله بنُ سليم، وكان لهؤلاء العلماء في عقيدته الصالحة أحسن تأثير، وكان يلهج بعقيدة السلف الصالح، ومولعًا بذكر الصالحين، يحن إليهم، ويبكي عند ذكرهم، ويحث على التمسك بهدي الصالحين، وبكل حال فإنه من أولياء الله الذين ترجى لهم النجاة.