الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لضيق الموضع، ولأن غالبيتها لم يتزن، ومهما كانت الأحوال فإن مصيبته عظيمة وموته خطب جسيم، ولا نزيد على ذلك.
ذكر من توفى فيها من الأعيان
صالح بن محمد الصقعي، كان مؤدبًا للصبيان ومعلمًا للقرآن والكتابة، وهو مؤدبنا ومدرسنا، وتعلم منه خلائق كثيرون في الحساب والكتابة وفاقوا بجودة القلم وضبط القرآن وحفظه، وجعل الله في تعليمه بركة، فكل من درس عليه فإنه ينال ذكرى حسنة، ومن لم يطلب العلم منهم فلا بد أن يتفوق على بني جنسه في القراءة والكتابة، وكانت مدرسته تحتوي على أربعمائة طالب.
وصفة تدريسه أنه يكتب للأولاد حروف الهجاء في ألواح من الخشب، فإذا حذق الصبي الهجاء فإنه يعطى جزء عم فيشرع في الفاتحة، ثم الناس ثم الفلق ثم الإخلاص ويصعد كذلك، فإذا اجتمع الأولاد صباحًا فإنهم يأخذون جميعًا الدراسة، وبعد ساعتين يقرأ عليه اثنا عشر طالبًا، وكلما قرأ واحد فإنه يقيم معه خمسة يقرأون عليه، ومن قرأ فإنه يأتي إلى المؤدب فيجعل معه خمسة وهكذا حتى تتم الدراسة في حوالي أربع ساعات، فإذا كان بعد الظهر حضر الأولاد يمرون ما درسوا صباحًا ويخرجون قبيل العصر بدقائق ثم يامر من كان من الدرجة الثالثة أن يكتبوا لأهل الهجاء في ألواحهم، ويحضر كبار الطلاب بعد صلاة العصر في دكاكين في السوق لتعلم الكتابة والحساب، وقد وافق في زمنه حظًا وافرًا وقبولًا عند الناس فكان في بلدة بريدة محترمًا وموقرًا، وكان له صوت حسن ويمتاز ببره بوالدته، وقد امتد مرضه زمنًا يقرب من ثلاثة أشهر فالله المستعان.
أما والده فهو إمام مسجد عودة الرديني زمن آل رشيد، وهو محمد بن عبد العزيز بن محمد بن عبد المته الصقعبي يحسن جودة الخط، وله قلم جيد في الكتابة، وقد نسخ كتبًا كثيرة ومصاحف بيده لخلو زمنه من المطابع، وكان جهوري الصوت، حسن التلاوة، يصلي إمامًا في مسجده المشار إليه في ليالي رمضان، فيحضر للصلاة خلفه خلق كثير وجم غفير من الرجال والنساء، حتى ربما امتلأ المسجد.
وممن توفى فيها عبد الله بن صالح بن هزاع، كان تلميذًا للأول ومؤدبًا للصبيان، قليل الشر قد اشتغل بصلاح نفسه، وكان شابًا رزينًا نشأ على العفاف والبر والصلة، فرحمة الله عليه، وكان سنه حين توفى خمسًا وعشرين سنة.
وممن توفى فيها نصيان بن حمد آل نصيان، كان طالب علم، وتلميذًا للشيخ عبد العزيز العبادي، وله فهم عظيم وجودة حفظ، حتى أنه ليحفظ عن ظهر قلبه كلما رآه، وله يد في الشعر، وقد قدمنا له قصيدة رثى بها شيخه عبد العزيز، وكان يبيع ويشتري ويأكل من كسبه، وبحب أهل الدين ويألفهم ويألفونه، وهذه صفته:
كان شابًا طوالًا متوقد الذهن، واعيًا سكينًا، وسنه حين وفاته ست وعشرون سنة، ومن العجائب ويجدر بنا ذكره أن صالحًا الصقعبي خرج يحمل حجرًا على عاتقه ليعلم به قبر ابن هزاع، فقال له الذي يحفر القبور، إذ ذاك علي بن عبد العزيز الحوطي: يا مطوع إنك جعلت لقبر تلميذك حجرًا واحدًا فلو جعلت حجرين كعادة الناس، فأجابه بقوله: ساخرج بآخر في الجمعة المقبلة، فمرض ومات ولم يخرج إلى المقبرة إلا محمولًا بنعشه، ففي ذلك عبرةً لمن يخشى.
وممن توفى فيها براك بن منصور بن براك كان رحمه الله طالب علم ضرير البصر، وقد امتد مرضه بقروح كانت في صدره رحمه الله وعفى عنه، وكان محبًا لأهل الدين يميل إليهم ويحبهم، وتوفى أيضًا أناس كثيرون من الأخيار في ذلك الوقت.
وممن توفى فيها من الأعيان أيضًا وفاتنا أن نقدمه على غيره، صاحب السمو الملكي الأمير الباسل خالد بن محمد بن عبد الرحمن بن سعود، وهذه ترجمته:
هو خالد بن أخي جلالة الملك محمد بن عبد الرحمن بن فيصل بن تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود بن مقرن، الأمير ابن الأمير الشجاع الباسل؛ كان مقدمًا موقرًا عند عمه الملك عبد العزيز، لا يزل خادمًا لعمه سامعًا مطيعًا متأدبًا مع أبيه