الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هتلر والتطورات
كانت أسلحة ألمانيا وحليفتها اليابان قوية، فمنها الغواصات المدمرة للأسطولات البحرية لا سيما العتاد الألماني فإنه جيد، وجانب منه يدل على طول العناية وإتقان الصنعة، حتى أن مهمات المحور أكثر من ستمائة ألف صنف كلها حربية، ومنها الصواريخ التي تطلق على مسافة 7800 ياردة فتسقط كيفما اتفق وتحدث رجة عنيفة، وكانت الألمان تخترع في مدة قليلة مدمرات هائلة، فمن ذلك الصواريخ الصارخة، فقد تسنى لهم استخراج طراز أقوى من البازوكا، وكان هذا السلاح مدمرًا هائلًا يستعملونه في محاربة دبابات الحلفاء على أن الشرر الذي يخرج من مؤخرة الصاروخ شديد جدًا بحيث أن حياة الجندي الذي يطلقه تتوقف على ثوب يلبسه، ثم شرعوا يطلقون الصواريخ من الطائرات، وإذا سقط في يد البريطانيين إحدى دبابات الألمان الجديدة فإنهم يغتنمونها لفحص طرازها، وقد تعقبت الطائرات الألمانية ضباطًا بريطانيين في مصلحة الاستخبارات سقطوا على دبابة جديدة من دباباتهم الجديدة وجعلت الطائرات تمطر الضباط والدبابة قذائف لتدمير الدبابة قبل أن يتمكنوا من معرفة أسرارها، وإن هندسة الطائرات الألمانية والطائرات اليابانية أيضًا في تحسن لا في تأخر، وقد ألقت القوات الألمانية ألغامًا على مدن أعدائها فاحدثت خرابًا لم يعهد له مثيل من قبل.
وقد كانت مقادير المواد المتفجرة كبيرة، وكانت تنفجر حين تمس جسمًا ما فتحدث دويًا راعدًا من فورها، وكانت مدافع الألمان من عيار 88 تضرب الطرق وتدمر ما أمامها، وكذلك الطربيد المائي الحديث، فقد ظن أنه سيقضي على السفن التي تسير على سطح البحر إذ تمضي طوائف الطرابيد الموجهة باللاسلكي باحثة في الماء عن السفن المعادية فتدمرها وتقابلها الحلفاء بمثلها، غير أن قوات ألمانيا متفوقة في الصناعة، وبالرغم من ذلك كله فإن قوات الحلفاء تقدمت، ففي خلال ثلاث ليال من ليلة 25 تموز 1943 م أغارت في كل ليلة 700 طائرة من طائرات الحلفاء على ميناء ومدينة همبورغ فدكتها دكًا وقلبت عاليها سافلها، واستحالت برلين إلى بكر لجب من الدخان وامتلأت الملاجع بجثث الموتى الذين تعفنت أجسامهم.
وصارت الشوارع جداول وأنهار من دخان تذر لم تفد معه الأقنعة الواقية من الغازات السامة.
إن هتلر والحق يقال رجل عظيم يوازي ستالين أو يفوق عليه في الذكاء والخديعة، ولكنه لم يكن سياسيًا واقعيًا، بل يعتمد على استعمال العنف والقوة لتحقيق مطامعه وأهدافه وغاياته التوسعية، وقد نسي أن ألمانيا بكل كفاءاتها ونبوغ قادتها وفيضان مصانعها الحربية ليست إلا رقعة صغيرة من هذه الكرة الأرضية التي تعج بالدول ذات الكفاءات والإمكانات التي تؤلف كجموعها كتلة ضخمة تقف ألمانيا أمامها خاشعة وهي حسيرة.
ولقد كان عليه عندما زار وزير خارجية روسيا برلين وعرض على هتلر عددًا غير يسير من القضاة التي كان على هتلر الموافقة عليها وهي تتعلق بسياسة ألمانيا في بلاد البلقان وفي المضايق بتركيا، كان عليه أن يرضخ له لأنه رأى المخاوف تتضخم وما لا يدرك كله لا يترك كله، لأن ستالين لم يتم استعداده لمواجهة الخطر الألماني إلا بعد أن أعلن هتلر الحرب على أمريكا، ولكنه أبى ولو نزلت السماء على الأرض، كما أن قادة جيشه أجمعوا على الوقوف ضد الهجوم على روسيا منذ البداية وقدموا له نصيحة إن كان ولا بد فعليه أن يعقد قبل كل شيء صلحًا عاجلًا مع بريطانيا، ولسوء الحظ لم تقبل بريطانيا.
وبما أن قوات الحلفاء من دبابات ومصفحات وقاذفات أمريكية دمرت وأعطبت في خطوط المواصلات، وقامت الغارات الجوية بغارات عنيفة على ثمانين مركزًا للخطوط الحديدة في شمال غرب أوربا، وألقت ما يزيد على ستة وستين ألف طن في خلال اثنتين وعشرين ألف رحلة من رحلاتها الجوية على خطوط الدفاع الألمانية، فإن هتلر ينتظر من مصانعه السرية التي كان يعمل فيها فطاحل العلماء وأساطنة المخترعين أن ينتهي صنع السلاح السري المنتظر الذي سيغير به وجه التاريخ، ألم يقذف بريطانيا بسلاح 7/ 1، وأتبعه بسلاح 7/ 2، ويفكر في إيجاد حل لهذه المشكلة.