الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إن الذي حدث هو أنني تلقيت دعوة من جلالة الملك عبدِ العزيز آل سعود لزيارة الحجاز، كما تلقيت دعوات أخرى لزيارة بعض الأقطار الشقيقة، ولما كان الملك عبدِ العزيز فينا جميعًا كثابة الوالد فقد رأيت أن أبدًا بتلبية دعوته الكريمة في موسم الحج فأحج وأزوره في وقت معًا.
ونظرًا لأني أكره الرسميات فقد اعتذرت عن أن تكون هذه الزيارة رسمية، ولكنهم مع ذلك قد استقبلونا واحتفوا بنا احتفاء يفوق كل المظاهر الرسمية، وتصدق بصدقات على الفقراء الذين في طريقه بسيره إلى المساجد، حتَّى ذكر أنَّه لما فرغ ما معه من النقود في أثناء زيارته لمسجد قباء بالمدينة المنورة أسف لذلك أسفًا وسأل من حوله عن نقود، فتقدم بعضى رفقته وقدم له كل ما كان معه، فلما كان من الغد وفاه حقه شاكرًا له، وبعدما طلب منه الرفيق أن يرجئ ردها حتَّى يعود من الزارة أَبى ذلك وصلى في كل مسجد ركعين.
ولما كان بعض المساجد في أماكن مرتفعة في المدينة وأحسَّ أن بعض مرافقيه يجدون صعوية في الصعود إليها جعل يشجعهم ويقول كل شيء بثوابه وهذه فرص لا ينبغي أن تفوت، وهذا النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي هنا.
ولما عاد من البلاد السعودية تلقى 22692 برقية تهنئة و 62718 رسالة، ومن بين هذه البرقيات والرسائل ورد من خارج القطر 4918 برقية و 9314 رسالة، وقد نشر منشورًا إلى حجاج بيت الله الحرام، وبالجملة فإنها جعلت تلهج به السنة المصريين ويهتف باسمه كبيرهم وصغيرهم، حتَّى جعلت الأطفال تدعوه بابا نجيب.
حادث مفزع في مصر
لما كان في آخر ليلة من ليالي هذه السنة تقدم أربعة من الأشقياء الذين اصطحبوا للسرقة ونهب الأموال بمسدساتهم والناس نائمون والدنيا سكون إلى موضع، وقد شهروا المسدسات في وجوه كل من في الحانة، وصاح واحد منهم
ارفعوا الأيدي وأخرجوا النقود وبدت من أحد المظلومين وهو أحمد علي حسين الجرسون حركة فهموا منها أنَّه يحاول الاستغاثة، فسارع أحد الجرمين يفرغ رصاص مسدسه في قلب الرجل، وتتابعت طلقات الرصاص بعد ذلك.
وكان الطَّرِيقِ خاليًا من المارة، وكان أحد الأشقياء يراقب الطَّرِيقِ، وقد أعدو سيارة تاكسي قد قتلوا صاحبها وزوجه وأحد الزبائن، وقد رآهم منادي السيارات، ثم تجمع الناس ولجأ المعتدون إلى استعمال الرصاص مرة أخرى، غير أنَّه ألقي القبض عليهم بعد جهد ومشقة، وقد تلف من اعتدائهم ضحايا من بينهم الرجل المذكور تاركًا وراءه زوجته وأولاده الثمانية بدون عائل، وأصيب منادي السيارات وترك أولاده يذرفون الدمع، ولا يجدون القوت، والأمة المصرية تطالب الحكومة بأن تهتم بهذه المشاكل، ووضع حد لهذا اللين والرأفة بالمجرمين، ولو أنهم عرفوا تمامًا أدق حبل المشنقة هو المصير المحتوم للمعتدين لما أقدموا على فعلتهم هذه، لأن العقاب يرح ويخيف، فإذا لم يكن هناك خوف فلا ارتداع ولا خوف، وقد قال الله تعالى:{وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} ، فلا بد من وسيلة ما لإيقاف هذا التيار.
ولقد اغتيل أحمد ماهر في مصر وهو في البرلمان سابقًا يدافع عن فكرة دخول مصر الحرب ضد المحور حتَّى يضمن لمصر مقعد في مؤتمر الصلح.
واغتيل أيضًا محمود فهمي النقراشي الرئيس الثاني لحزب السعديين قتل بقنبلة يديوية وهو يدخل وزارة الداخلية بعد أسبوع من حل جمعية الإخوان المسلمين، وكان النقراشي هذا مثلًا للنزاهة فيما ذكر عنه، وأول من صرخ في وجه الملك فاروق ومنعه من ارتياد الملاهي العامة.
وكان أول من قال للإنكليز في مجلس الأمن اخرجوا من بلادنا، وأول من وصفهم بالقراصنة، وأول من عارض دخول الجيش المصري معركة فلسطين، لأن الجيش لم يكن مستعدًا، ولقد سمعت أو ذكر لي أن أحد فحول شعراء مصر رثاه كرثية عظيمة، ولما أن ألقاها ابنه في الإذاعة وسمعها ذلك الشاعر انتحب ومات.